المانع الآخر وساوس الشیطان

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثالث
القسم الحادی عشر مکائد الشیطان

أشار الإمام(علیه السلام) فی هذا المقطع من الخطبة إلى أحد الأخطار المهمة للغایة التی تهدد سعادة الإنسان، ویتمثل ذلک الخطر بوساوس الشیطان ومکائده التی تعد من أعظم وسائله فی خداع الناس. فقد أوصى الإمام(علیه السلام) ثالثة بالتقوى مشیرا إلى إتمام الحجة الإلهیة: «أوصیکم بتقوى اللّه الّذی أعذر بما أنذر، واحتجّ بما نهج» فمن الواضح أنّ العدل الإلهی لایمکن بسطه دون إتمام الحجة الکافیة، ومن هنا بین البارئ سبحانه وتعالى الحق والباطل من خلال الرسول الظاهر المتمثل بالأنبیاء والأوصیاء والأولیاء، والرسول الباطن وهو عقل الإنسان وفطرته حتى لایعذر أحد بجهله فی محاولة لتبریر تمرده وخلافه. فالواقع هو أنّ العبارة: «احتج بما نهج» إشارة إلى بیان طریق السعادة، والعبارة: «أعذر بما أنذر».

تحذیر من الاخطار الکامنة فی مسیر الإنسان. الجدیر بالذکر أنّ اللّه سبحانه لایکتفی باتمام الحجة على عباده فحسب، بل یتمها بمنتهى اللطف والرحمة، ولذلک تأکدت آلیة العقل الکافیة فی أغلب المراحل لاتمام الحجة بالوحی بواسطة الأنبیاء العظام، إلى جانب التحذیر من مغبة مقارفة الاثم والذنب: (وَما کانَ رَبُّکَ مُهْلِکَ القُرى حَتّى یَبْعَثَ فِی أُمِّها رَسُولاً یَـتْلُو عَلَیْهِمْ آیاتِنا وَما کُنّا مُهْلِکِی القُرى إِلاّ وَأَهْلُها ظالِمُونَ)( 1) ثم أشار(علیه السلام) إلى أخطار الشیطان قائل: «وح ذّرکم عدوّاً نفذ فی الصّدور خفیّاً، ونفث فی الاْذان نجیّاً، فأضلّ وأردى» لاشک أنّ الصفات الواردة فی العبارة تشیر بوضوح إلى أنّ المراد هو الشیطان، وان لم یرد إسمه صریحاً فی هذه العبارة والعبارات اللاحقة. فقد خاطب الحق سبحانه آدم(علیه السلام)فی کتابه العزیز قائلاً: (إِنَّ هـذا عَدُوٌّ لَکَ وَلِزَوْجِکَ فَلا یُخْرِجَـنَّکُما مِنَ الجَنَّةِ فَتَشْقى)(2). وصرح فی موضع آخر على نحو العموم قائلاً: (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَیْکُمْ یا بَنِـی آدَمَ أَنْ لا تَعْـبُدُوا الشَّـیْطانَ إِنَّهُ لَکُمْ عَدُوٌّ مُبِینٌ)(3)طبعا یمکن أن یکون الشیطان وسیلة للسمو والتکامل بالنسبة للمؤمنین والسالکین، وذلک لأنّهم یزدادون معنویة وقرباً من الحق کلما حاربوه وصمدوا بوجه مکائده وحیله. ثم واصل(علیه السلام) کلامه بکشف اللثام عن مختلف طرق وساوس الشیطان، فاشار إلى ثلاث منه: «و وعد فمنّى، وزیّن سیّئات الجرائم، وهوّن موبقات العظائم». فالحق أنّ هذه هى المصائد الثالث والطرق الخطیرة التی ینفذ من خلالها إلى نفس الإنسان، الاولى: أنّه یمنّى الإنسان، ویجعله یعیش طول الأمل والخیالات والأوهام بشأن المستقبل، المستقبل الذی قد لایدرکه الإنسان قط فیلهیه به ویستهلک جمیع طاقاته من أجله وهکذا یغلق بوجهه سبیل التزکیة ویصرفه عن الطاعة. والثانیة: یزین له الذنوب والمعاصی التی یأباها الطبع الإنسانی بوحی من ضمیره ووجدانه ویجعله یرى التحلل حریة والتفسخ مدنیة ومجالسة أهل الفسوق والخطیئة نوعا من أنواع التعایش السلمی، والخلاصة فقد أعد عدته لتزیین کل قبیح. والثالثة: یسعى لأن یصغر للإنسان کبائر الذنوب فیبدیها له سهلة لیست بذات أهمیة ویمنیه ببعض التبریرات والمسوغات من قبیل عظمة عفو اللّه ورحمته وأن لیس هناک من إنسان معصوم وهو عرضة للخطأ والزلل وان باب التوبة مفتوح وقد إدخرت شفاعة الشافعین ولاسیما النبی وأهل بیته الکرام لمثل هذه الاُمور. والحال لابدّ أن نرى النتیجة التی تنتهی إلیها هذه الوساس والحیل والمکائد الشیطانیة، هذا ما أشار إلیه الإمام(علیه السلام) قائل: «حتّى إذا استدرج قرینته، واستغلق رهینته، أنکر ما زیّن، واستعظم ما هوّن، وحذّر ما أمّن» فالعبارة «إستدرج» تفید أنّ وساسوس الشیطان عادة ما تتم خطوة فخطوة لتکون اکثر تأثیراً فی الأفراد، فلو کانت هذه الوساوس دفعیة فانّ الأفراد وأن تمتعوا بقلیل من التقوى لحاربوها ووقفوا بوجهها، ولعل هذا هو المعنى الذی أشارت إلیه الآیة القرآنیة الکریمة: (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّیْطانِ)(4) وسائر الآیات القرآنیة الواردة بهذا الشأن. أمّا العبارة «قرینته» فکأنّها أقتبست من الآیة الشریفة: (وَمَنْ یَـعْشُ عَنْ ذِکْرِ الرَّحْمـنِ نُقَیِّضْ لَهُ شَیْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِینٌ)(5) فالواقع هو أنّ الشیطان على درجة من القرب من أتباعه بحیث لاتنفک مفردات حیاتهم عنه وهو مقرون بهم أینما حلوا. وأخیرا تشیر العبارة «إستغلق رهینته» إلى أنّ الشیطان یرتهن أتباعه ویغلق علیهم باب الرجعة ـ بالضبط کشیاطین الانس الذین یزینون الفساد والانحراف للأفراد فانّ سقطوا فی هذا الفخ وتلوثوا أغلقوا علیهم کافة طرق الخروج ولم یجدوا أمامهم سوى الاذعان والانقیاد. أمّا یوم القیامة حیث تطرح حجب الخداع والمکر والغرور ویظهر ما کان یبطنه کل شخص، فلا یسع الشیطان هناک إلاّ الانکار، وأن یکبر ما کان إستضغره، غیر أنّ هذا الانکار لایفیده، کما لایفید أتباعه وذلک لأنّ عهد الرجعة والتوبة من الذنوب وتدارک الماضی قد ولى إلى غیر رجعة.


1. سورة القصص / 59.
2. سورة طه / 117.
3. سورة یس / 60.
4. سورة البقرة / 168 و208; سورة الانعام / 142; سورة النور / 21.
5. سورة الزخرف / 36 ، کما ورد مثل هذا التعبیر فی سورة فصلت / 24 . 

 

القسم الحادی عشر مکائد الشیطان
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma