«فَإِنَّ الدُّنْیَا رَنِقٌ مَشْرَبُهَا رَدِغٌ مَشْرَعُهَا، یُونِقُ مَنْظَرُهَا ویُوبِقُ مَخْبَرُها، غُرُورٌ حائِلٌ، وضَوْءٌ آفِلٌ، وظِلٌّ زائِلٌ، وسِنادٌ مائِلٌ، حَتَّى إِذا أَنِسَ نافِرُها واطْمَأَنَّ نَاکِرُهَا، قَمَصَتْ بِأَرْجُلِهَا، وقَنَصَتْ بِأَحْبُلِهَا، وأَقْصَدَتْ بِأَسْهُمِها، وأَعْلَقَتِ الْمَرْءَ أَوْهاقَ الْمَنِیَّةِ قائِدَةً لَهُ إِلَى ضَنْکِ الْمَضْجَعِ، وَوَحْشَةِ الْمَرْجِعِ، ومُعایَنَةِ الْمَحَلِّ وثَوابِ الْعَمَلِ، وکَذَلِکَ الْخَلَفُ بِعَقْبِ السَّلَفِ، لا تُقْلِعُ الْمَنِیَّةُ اخْتِراماً، ولا یَرْعَوِی الْباقُونَ اجْتِراماً، یَحْتَذُونَ مِثالاً، ویَمْضُونَ أَرْسالاً، إِلَى غایَةِ الإِنْتِهاءِ، وصَیُّورِ الْفَناءِ».