إتّضح من کلام الإمام(علیه السلام) أنّه رجح الخوارج على أهل الشام من أتباع معاویة واستدل على ذلک بقوله: «فلیس من طلب الحق فاخطأه کمن طلب الباطل فأدرکه» ولا تقتصر هذه المقارنة على عصر الإمام(علیه السلام); بل لا یخلو عصر ومصر من هاتین الفرقتین، فمازلنا نرى الیوم بعض الفئات المعادیة للإسلام التی تحث الخطى نحو الباطل وقد شمرت عن سواعدها للقضاء على الإسلام والمسلمین; فی حین هنالک الفئات الاُخرى التی تنشد الحق إلاّ أنّها لن تبلغه، وهى الاُخرى معادیة للإسلام والمسلمین. ولا ینبغی للمسلمین أن ینظروا ذات النظرة لهاتین الفئتین، بل علیهم أن یمنحوا الأولویة فی الصراع للفئة الاُولى، وذلک لعدم وجود سبیل إزاء الفئة الاولى ـ التی تنهج الفساد والباطل عن علم ـ سوى الصراع المسلح، بینما تحتاج الفئة الثانیة إلى قدر من الوعظ والإرشاد والانفتاح على التعالیم الإسلامیة الحقة.
وقد أثبت هذا الاُسلوب جدواه فی موقعة النهروان بتوبة أغلب الخوارج وانابتهم إلى الحق بعد سماعهم لمواعظ أمیرالمؤمنین علی بن أبی طالب(علیه السلام)، فقد جاء فی الأخبار أنّ ثمانیة آلاف منهم قد رجعوا عن ضلالتهم ولم یبق سوى أربعة آلاف منهم.