من النقاط المهمّة التی أشارت إلیها الخطبة تزیین الشیطان للذنوب والمعاصی، وهذا ما نوه إلیه القرآن الکریم فی الآیة الثالثة والاربعین من سورة الانعام بشأن الاُمم السابقة: (وَلـکِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ ما کانُوا یَعْمَلُونَ)( 1). کما ورد فی سورة الحجر على لسان الشیطان حین لعنه اللّه وطرده من رحمته وتصدى لمعاداة بنی آدم وإغوائهم: (لاَُزَیِّـنَنَّ لَهُم فِی الأَرضِ وَلاَُغْوِیَـنَّهُمْ أَجْمَعِـینَ * إِلاّ عِبادَکَ مِنْهُمُ الُمخْلَصِـینَ)(2). ویحصل هذا التزیین الشیطانی الباطل والوسوسة لمقارفة اللذات واضفاء طابع الحلاوة على بعض الخطایا وهنا یبدأ إمتحان الإنسان فی کیفیة التعامل مع هذه الملذات العابرة التی تنتهی لذتها وتبقى تبعتها. وهنا یبرز هذا السؤال وهو أنّ بعض الآیات القرآنیة نسبت إلى اللّه تزیین هذه الأعمال، فکیف التوفیق بین هذه الآیات وتلک التی ذکرت سابقا؟ یتضح الجواب على هذا السؤال من الآیة الرابعة من سورة النمل التی قالت: «إنّ الّذین لایؤمنون بالآخرة زیّنّا لهم أعمالهم فهمیع مهون». فالآیة تشیر إلى أنّ هذا التزیین الإلهی یمثل نوعاً من العقاب لاُولئک الأفراد المنحرفین المجانبین للإیمان، وبعبارة أخرى فان أعمالهم کانت مدعاة لأن یترکهم اللّه لیقعوا فی مخالب الشیطان فلایولیهم دعمه وإسناده. وبناءاً على ذلک فانّ الطائفتین من الآیات تشیران إلى حقیقة واحدة، ولعل هذا هو المعنى الذی أشار إلیه الإمام(علیه السلام)بقوله: «و الشّیطان موکّلٌ به، یزیّن له المعصیة لیرکبه».

1. سورة الحجر / 39 ـ 40.
2. سورة الحجر / 39 ـ 40.