السؤال الأخیر الذی یطرح نفسه هنا: ما مفهوم هذه الصلوات؟ یتفق العلماء على أنّ صلاة اللّه على العبد تعنی الرحمة، وصلاة الملائکة والناس تعنی طلب العفو والرحمة، أو حسب الروایة الواردة عن الإمام الکاظم(علیه السلام)حین سئل عن معنى صلوات اللّه والملائکة والمؤمنین فی الآیة الشریفة: (إِنَّ اللّهَ وَمَلائِکَتَهُ یُصَلُّونَ عَلى النَّبِیِّ) قال: صلاة اللّه رحمته وصلاة المؤمنین تقدیسهم للنبی(صلى الله علیه وآله) وصلاة المؤمنین طلبهم الرحمة للنبی(صلى الله علیه وآله).(1) ویرى البعض أن جمعی هذه ارسال الرحمة أو التقدیس وطلب المغفرة بحیث یردها کل أحد على ضوء مقتضى حاله.(2)ولما کان الأصل اللغوی لهذه المفردة صلى على وزن سعى بمعنى القذف فی النار أو الاشتغال بهما، فانّ البعض یرى أن الصلوات تعنی إبعاد نار العذاب الاُخروی، ونتیجته الرحمة أو طلبها; إلاّ أنّ البعض فرق بین الصلو الناقص الواوی والصلی الناقص الیائی، على أنّ المعنى الأخیر یتعلق بصلی بینما ترتبط المعانی السابقة بالصلو (لابدّ من التأمل).

على کل حال فان ما ورد یشیر إلى أنّ کل صلاة وسلام على النبی(صلى الله علیه وآله)یمثل رحمة متجددة على روحه الطاهرة، ولا یستبعد أن تطول تلک الرحة التی تستند لتلک العین الإلهیة الفیاضة الاُمّة وترفرف علیها، ومن هنا کانت الصلوات والسلام على النبی(صلى الله علیه وآله)مصدر رحمة للإنسان وغفران ذنوبه. أما بشأن المراد بآل محمد(صلى الله علیه وآله)هل هم أهل البیت من ولده، فهذا ما سنعرض إلیه فی الخطبة 239. وقد أشرنا فی الخطبة الثانیة من المجلد الأول لهذا الأمر.

1. تفسیر نورالثقلین 4/302، رقم 211 (ذیل الآیة 56 من سورة الأحزاب).
2. التحقیق فی کلمات القرآن الکریم، مادة صلو (باقتباس ونقل بالمعنى).