ورد فی بعض الروایات خطب علی(علیه السلام) فقال: «لو کُسِرتْ لی الوِسادة لحکمتُ بین أهل التوراة بتوراتِهم، وبین أهلِ الإنجیل بإنجیلهم، وبین أهْلِ الفرقان بفرقانهم، وما مِنْ آیة فی کتاب الله أنزلتْ فی سهلِ أو جبل إلا وأنا عالم مَتَى أنزلت، وفیمن أنزلت».
فقال رجل من القُعود تحت مِنْبره: یالله وللدّعوى الکاذبة! وقال آخر إلى جانبه: أشهد أنّک أنت الله ربّ العالمین! (فقد کان احدهما مفرطا والاخر مفرّطا).
و روى المدائنی أیضاً قال: خطب علی(علیه السلام)، فذکر الملاحم، فقال: «سلونی قبل أن تفقِدونی، أما والله لَتَشْغَرَنَّ الفتنة الصّماء برجِلها، وتطأ فی خِطامه».
یا لها من فِتنة شُبّت نارها بالحطب الجزْل، مقبلة من شرق الأرض رافعة ذیلها، داعیة ویلَها، بدجلة أو حولها. ذاک إذا استدارَ الفَلک، وقلتم: مات أو هلک، بأىّ واد سلک! فقال قوم تحت منبره: لله أبوه! ما أفصحه کاذباً! على کل حال فانّ الخطبة قد وردت بعد واقعة صفین حیث یعرض بالذم لجیشه الذی أوشک على تحقیق النصر النهائی والقضاء على فتنة بنی أمیة. ومن هنا شبههم الإمام(علیه السلام)بالمرأة الحامل التی أوشکت على وضع ا لحمل أسقطت جنینها، فمات قیمها وطال تأیمها وورثها أبعدها، فأصبحت بائسة شقیة. ثم إختتم الخطبة بالرد على من کذب حدیثه وتجاهل ما أخبر به الإمام(علیه السلام) من حقائق بسبب الجهل والحمق. فالخطبة هى الاُخرى تکشف عن مدى مظلومیة الإمام(علیه السلام).
«أَمّا بَعْدُ یا أَهْلَ الْعِراقِ، فَإِنَّمَا أَنْتُمْ کَالْمَرْأَةِ الْحَامِلِ، حَمَلَتْ فَلَمّا أَتَمَّتْ أَمْلَصَتْ وَماتَ قَیِّمُها، وَطالَ تَأَیُّمُهَا، وَوَرِثَهَا أَبْعَدُهَا. أَمَا وَاللّهِ! مَا أَتَیْتُکُمُ اخْتِیاراً، وَلَکِنْ جِئْتُ إِلَیْکُمْ (اتیتکم) سَوْقاً. وَلَقَدْ بَلَغَنِی أَنَّکُمْ تَقُولُونَ: عَلِیٌّ یَکْذِبُ، قاتَلَکُمُ اللّهُ تَعالَى فَعَلَى مَنْ أَکْذِبُ؟ أَ عَلَى اللّهِ؟ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ، أَمْ عَلَى نَبِیِّهِ؟ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ! کَلاَّ وَاللّهِ. لَکِنَّهَا لَهْجَةٌ غِبْتُمْ عَنْهَا، وَلَمْ تَکُونُوا مِنْ أَهْلِها. وَیْلُ أُمِّهِ کَیْلاً بِغَیْرِ ثَمَن! لَوْ کانَ لَهُ وِعاءٌ «وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِین»».