2 ـ الکهانة والکفر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثالث
1 ـ ما هو علم النجوم؟ وما المحظور منه؟ 3 ـ کیفیة ظهور التکهنات النجومیة

السؤال الآخر الذی یرد بهذا الشأن وهو فساد الاعتقاد بوجود الإرتباط بین حیاتنا والنجوم، بل لیس هنالک من منطق یقر بذلک; ولکن ما سبب کل هذا التشدد فی الذم وجعل هذه المسألة فی مصاف الکفر؟ ولا تصناح الاجابة على هذا السؤال لابدّ من الالتفات إلى هذه النقطة وهى أنّ أصحاب نظریة الإرتباط (بین الحوادث وحرکة الافلاک والنجوم) على عدة أقسام:

1 ـ من یعتقد بأزلیة وألوهیة الکواکب وأنّها ذات تأثیر على عالم الوجود وحیاة الإنسان والحوادث التی تقع فی الأرض.

2 ـ من یعتقد بتدبیر الکواکب وإدارتها لعالم الوجود، وان سلبها الاستقلال وأسند فعلها إلى إذن اللّه.

3 ـ من یعتقد بأنّ لها تأثیر طبیعی على الأرض، وکما أنّ حرارة الشمس تؤدی إلى نمو الأشجار وحملها للثمار والفاکهة، فانّ لاوضاع الکواکب تأثیر فی شؤون حیاة الإنسان وقد إنکشف لنا بعضه بینما ظل البعض الآخر خافیاً علینا.

4 ـ من لایعتقد بتأثیرها فی شؤون حیاة الإنسان، إلاّ أنّها تستطیع أن تخبر عن الحوادث الحاضرة والماضیة وبعبارة أخرى: فهى إمارات وعلامات على الحوادث لا أنّها علل وأسباب. فمما لاشک فیه أنّ الطائفة الاولى فی زمرة الکفار وإن اعتقدت باللّه سبحانه، لأنّها مشرکة قد جعلت لها إلها آخر تعبده.

أمّا الطائفة الثانیة فهى خاطئة من جهتین وان لم تکن کافرة: الاولى: أن زعمها لتأثیر الکواکب على حیاة الإنسان هو زعم فارغ یفتقر إلى المنطق والدلیل والبرهان، الثانیة: أنّ هذا الکلام یخالف ظاهر الایات القرآنیة والروایات الإسلامیة القطعیة التی تنفى عن هذه الکواکب أی شعور وحیاة وتدبیر للخلق، بل تنسب تدبیر الخلق والحیاة والموت والرزق إلى الحکیم المتعال، ولا تتطرق إلى النجوم والکواکب والأجرام السماویة والشمس والقمر الا بصفتها آیات من آیات الحق، ولو کان لها حقا بعض العلم والحیاة والقدرة والتدبیر والتصرف فی العالم لإشارت الروایات والآیات إلى هذا الأمر. نعم أنّها مسخرات بأمر اللّه ولکل وظیفته، فالشمس تشع بضیائها، والقمر یضیئ فی اللیالی الظلماء و...

وأمّا الطائفة الثالثة التی تعتقد بالتأثیر الطبیعی لهذه الکواکب على أوضاع الأرض، فهو کلام لایخالف الواقع، إلاّ أنّ السؤال المطروح هو ما مدى هذا التأثیر واین؟ والحق أنّ ذلک لیس واضحا لدینا. نعم نعلم أن لضوء الشمس تأثیر على کل شئ، کما القمر أثره فی ظاهرة المد والجزر، وأنّ للنجوم تأثیر، ولکن هل لهذه الکواکب تأثیر فی حوادث حیاتنا أم لا؟ هل للانفجارات الشمسیة تأثیر على الهیجان الفکری للإنسان على وجه الکرة الأرضیة، وهل لها من تأثیر فی نشوب الحروب والنزاعات أم لا؟ وهکذا سائر المسائل من هذا القبیل التی لانعرف کنهها ولیس لدینا رؤیة واضحة عنها، وکل ما نقوله فیها إنّما هو قول بغیر علم، وکلام
دون دلیل، وعلیه فانّ مثل هذا الکلام لایجوز شرعاً، إلاّ أن تثبت هذه التأثیرات وما شابهها بالأدلة العلمیة والقطعیة. بعبارة أخرى: لامانع من الأخبار عن التأثیرات الطبیعیة للاوضاع الفلکیة الثابتة فی الأرض وحیاة الناس، وما لم یثبت یجوز التحدث عنه على مستوى الاحتمال، لا على سبیل الحکم القطعی، عل کل حال فانّ الاعتقاد بمثل هذا التأثیر لیس کفراً ولا مخالفاً لاحکام الشرع، والروایات التی صرحت بالنهی عن تعلم علم النجوم لیست ناظرة لهذا الأمر البتة، کما لم یکن المنجمون السابقون یعنون بهذا الأمر فی أحکامهم. والذی یستفاد من کلمات المنجمین السابقین أنّهم کانوا یقولون بالطبائع التی تشتمل علیها هذه الکواکب على أن لبعضها طبع حار وأخرى بارد وما شابه ذلک. ومما لا شک فیه ان القول بهذه الطبائع للنجوم إنّما نشئ من بعض الاستحسانات والعقائد، فکانوا یصدرون على ضوئها بعض الأحکام ویصرحون بأنّ الکواکب الفلانی سیقترب هذا الشهر من الکوکب الفلانی ولما کانت طبیعتیهما کذا وکذا فستشهد الأرض الحادثة الفلانیة. وحیث یفتقر هذا الاعتقاد إلى الدلیل والحکم القطعی لأنّه یقوم على أساساً الحدس والاستحسان فانّ المنجمین المسلمین إنما یذکرون هذه الاُمور على سبیل الاحتمال ویصرحون قائلین: یحتمل ظهور مثل هذه الحوادث.

وأخیرا الطائفة الرابعة التی ذهبت إلى أنّ أحوال الکواکب والنجوم علامات على الحوادث التی تقع فی المستقبل، أو تقول جرت السنة الإلهیة على وقوع الحادثة الفلانیة فی الکرة الأرضیة إذا حدثت بعض التغییرات فی الأفلاک والکواکب، دون أن تعتقد بالالوهیة والربوبیة لهذه الکواکب، وعلیه فعقیدته لاتوجب الکفر، إلاّ أنّ فعلهم حرام، لأنّ کلامهم یفتقر إلى الدلیل وهو قول بغیر علم ولا یستند سوى إلى الظن والوهم والخیال، وذلک لأننا نعلم أنّ الشرع یحرم کل قول یصدر من الإنسان دون أن یستند إلى علم ویقین وحجة شرعیة (وَلا تَقْفُ ما لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ)( 1) کما صرح القرآن قائلاً: (أَتَقُولُونَ عَلى اللّهِ مالاتَعْلَمُونَ)(2)وقال بشأن الکفار (وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْم إِنْ یَتَّـبِّعُونَ إِلاّ الظَّـنَّ وَإِنَّ الظَّـنَّ لا یُغْنِی مِنَ الحَقِّ شَیْئ)(3). ومن جانب آخر فاننا نعلم أنّ الغیب للّه ووحده العالم بحرکة الإنسان وما یواجهه من أحداث وکیف تکون عاقبته ومتى یفارق الدنیا وفی أی أرض یموت. وبالطبع فأنّ لأولیاء اللّه نصیب من العلم ولاسیما بهذه الاُمور من خلال تعلیم اللّه لهم، ولکن لیس لدیهم مثل هذا العلم ببعض الحوادث من قبیل قیام القیامة أو ظهور المصلح العالمی، ولیس لأی أحد من غیر المعصومین(علیه السلام)إدعاء علم الغیب سواء استند هذا الادعاء إلى علم النجوم أو الارتباط بعالم الأرواح أو إخبار الجن وما شاکل ذلک.

ویتضح مما مر معنا لم إعتبر الإمام(علیه السلام) فی هذه الخطبة علم النجوم على أنّه مصدر الکهانة، وأنّ المنجم بمنزلة الکاهن والکاهن کالساحر والساحر کالکافر، کما اتضحت کیفیة کون تصدیق المنجمین نعنی تکذیب القرآن، وکیف أن الاعتماد على أقوال هؤلاء تجعل الإنسان غنیاً عن التوکل على اللّه والاستعانة بذاته المقدسة. والواقع هو أنّ الإمام(علیه السلام)أورد الکلام بشأن عدّة طوائف من المنجمین التی تعتقد بالتأثیر ا لمستقل للنجوم أو تربط الحوادث بأوضاع النجوم وأحوالها وما إلى ذلک من عقائد موهومة. والإسلام من جانبه لایرى من إعتبار لمثل هذا النوع من علم النجوم الذی لایستند سوى إلى الوهم والظن، فرفضه وصرح ببطلانه، بینما حث المسلمین ودعاهم إلى تعلم علوم النجوم الذی یهدف إلى الاطلاع والتعرف على أسرار النجوم وسبر أغوارها.


1. سورة الاسراء / 36.
2. سورة یونس / 68.
3. سورة النجم / 28.  

 

1 ـ ما هو علم النجوم؟ وما المحظور منه؟ 3 ـ کیفیة ظهور التکهنات النجومیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma