«عِبادَ اللّهِ! إِنَّ مِنْ أَحَبِّ عِبادِ اللّهِ إِلَیْهِ عَبْداً أَعانَهُ اللّهُ عَلَى نَفْسِهِ، فاسْتَشْعَرَ الْحُزْنَ، وتَجَلْبَبَ الْخَوْفَ; فَزَهَرَ مِصْباحُ الْهُدَى فِی قَلْبِهِ، وأَعَدَّ الْقِرَى لِیَوْمِهِ النّازِلِ بِهِ، فَقَرَّبَ عَلَى نَفْسِهِ الْبَعِیدَ، وهَوَّنَ الشَّدِیدَ. نَظَرَ فَأَبْصَرَ ]فاقصر[، وذَکَرَ فَاسْتَذکْرَ، وارْتَوَى مِنْ عَذْب فُرَات سُهِّلَتْ لَهُ مَوَارِدُهُ، فَشَرِبَ نَهَلاً، وسَلَکَ سَبِیلاً جَدَداً، قَدْ خَلَعَ سَرابِیلَ الشَّهَواتِ، وتَخَلَّى مِنَ الْهُمُومِ، إِلاَّ هَمّاً واحِداً انْفَرَدَ بِهِ، فَخَرَجَ مِنْ صِفَةِ الْعَمَى، ومُشارَکَةِ أَهْلِ الْهَوَى، وصارَ مِنْ مَفاتِیحِ أَبْوابِ الْهُدَى، ومَغالِیقِ أَبْوابِ الرَّدَى، قَدْ أَبْصَرَ طَرِیقَهُ، وسَلَکَ سَبِیلَهُ، وعَرَفَ مَنارَهُ، وقَطَعَ غِمارَهُ، واسْتَمْسَکَ مِنَ الْعُرَى بِأَوْثَقِها، ومِنَ الْحِبالِ بِأَمْتَنِها، فَهُوَ مِنَ الْیَقِینِ عَلَى مِثْلِ ضَوْءِ الشَّمْسِ».