البعید القریب والعالی الدانی

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثالث
القسم الأول القسم الثانی

یستهل الإمام(علیه السلام) خطبته المشهورة بالغراء بالحمد والثناء والصلوات على النبی(صلى الله علیه وآله) ثم یعرج على صفاته سبحانه وتعالى، فیحمده بادئ ذی بدء لأربع صفات من صفاته: «الحمدللّه الذی علا بحوله( 1)، ودنا بطوله،(2) مانح(3) کل غنیمة وفضل، وکاشف کل عظیمة وأزل»(4) إننا نعلم أنّ صفات اللّه على خلاف صفات عباده المحدودة; فهو قریب وبعید، وظاهر وباطن، وله صفات اُخرى متناقضة لا تجمع فی عباده، إلاّ أنّها تجمع فی ذاته اللامتناهیة. فقد أشار الإمام(علیه السلام) فی العبارة الاولى إلى هذا المعنى فقال: «الحمدللّه الذی علا یحوله» فهو قریب فی علوه، وعلوه معلول لقدرته، بینما قربه معلول لنعمته ومنته. ثم أشار فی العبارة الثانیة إلى أنّه مصدر البرکات الذی یفیض الغنیمة والفضل على العباد، وفى نفس الوقت یکشف عنهم الکرب والبلاء، وکیف لایرتجى منه ذلک وهو ما علیه من القدرة واللطف والمحبة. ولعلنا نلمس هذا المعنى فی الآیة القرآنیة الکریمة: (وَما بِکُمْ مِنْ نِعْمَة فَمِنَ اللّهِ ثُـمَّ إِذا مَسَّکُمُ الضُّـرُّ فَإِلَیْهِ تَجْأَرُونَ).(5)

ومن البداهة أنّ غیر اللّه ـ لأنّ قدرته محدودة ـ لایسعه أی نعمة أو فضل، کما لایستطیع أن یدفع أی بلاء أو ضرر، ولیس هنالک مثل هذه الاستطاعة والقدرة سوى للذات المقدسة. ثم یخوض(علیه السلام) فی علیة الحمد والثناء، بعبارة اُخرى کان الحدیث فی العبارات السابقة عن صفات المنعم، أمّا هنا فقد جرى الحدیث عن النعم: «أحمده على عواطف کرمه، وسوابغ(6) نعمه» فالواقع هو أنّ للنعم الإلهیة صفتان وسیعة شاملة ودائمة مستمرة. ولیس هذا سوى لقدرته وکمال لطفه الذی أغرق الإنسان بوابل نعمه ولم یقطعها عنه طرفة عین، ثم قال(علیه السلام): «وأومن به أولاً بادی(7)، وأستهدیه قریباً هادیاً، وأستعینه قاهراً قادراً، وأتوکل علیه کافیاً ناصر» فالإمام(علیه السلام) یقرن کل شئ بدلیله، فالإیمان به لکونه سابق کل شئ فی الوجود وهو واجب الوجود وقد عمت آثاره کافة ارجاء العالم، کما یستدل على سؤاله الهدایة لأنّه الهادی للعباد وهو قریب منهم قادر على هدایتهم. ولما کان الرکن الثانی للإیمان ـ بعد الاقرار للّه بتوحید ـ الشهادة بالنبوة قال(علیه السلام): «وأشهد أن محمداً ـ صلى اللّه علیه وآله ـ عبده ورسوله». ثم أشار(علیه السلام) إلى الوظائف الثقیلة للنبوة لیوجزها بثلاث عبارات: «أرسله لانفاذ أمره، وإنهاء عذره، وتقدیم نذره»(8). فالعبارة الاولى إشارة إلى قیام النبی(صلى الله علیه وآله)ودعوته الاُمّة إلى الإیمان باللّه، والعبارة الثانیة إلى اتمام الحجة بواسطة إبلاغ أحکام اللّه واستعراض الأدلة العقلیة والمعجزات، والعبارات الثالثة إشارة إلى بیان العذاب الإلهی فی الدنیا والآخرة لاُولئک الذین یعصون أوامر اللّه سبحانه.


1. «حول» بمعنى تغییر الشئ وفصله عن آخر، ومن هنا یطلق «الحائل» على ما یفصل بین شیئین، وإذا إستعملت هذه المفردة على اللّه فانه تعنی قدرته على دفع ا لخطر عن عباده ومن القول: لاحول ولا قوة إلاّ باللّه.
2. «طول» على وزن «قول» بمعنى النعمة ومن مادة «طول» على وزن نور ما یبین امتداد الشئ، ولما کانت النعم امتداد وجود المنعم فقد اطلقت علیها هذه المفردة.
3. «مانح» من مادة «منح» على وزن منع تعنى فی الأصل إعطاء ا للبن والصوف وولد الحیوان لشخص، ثم اطلقت على کل عطاء، حتى صرح أرباب اللغة بأن منح تعنى أعطى.
4. «الأزل» تعنی الضیق والشدة، ثم اطلقت على کل بلاء ومصیبة، کما یصطلح بالأزل على الکذب، وقد وردت فی الخطبة بمعنى المصیبة.
5. سورة النحل / 53.
6. «سوابغ» جمع «سابغة» بمعنى الواسع والکامل وقد ورد تفسیر هذا الاصطلاح فی شرح الخطبة 63.
7. بادیاً أی سابقاً کل شئ من الوجود، ظاهراً بذاته مظهرا لغیره، والبادی من بدو بمعنى الظهور والبدایة، فاللّه بادئ الوجود، کما أنّ آثاره ظاهرة عمت السموات والأرض.
8. «نذر» جمع «نذیر»، وردت هنا بمعنى الایات والأخبار التی تحذر من معصیة اللّه.  

 

القسم الأول القسم الثانی
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma