معرفة اللّه

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثالث
القسم الأول کیفیة معرفة الإنسان بالذات المقدسة

یقسم علماء العقائد صفات اللّه إلى قسمین: صفات الجمال وصفات الجلال. وتطلق صفات الجمال على الصفات الثبوتیة من قبیل; العلم والقدرة. وتطلق صفات الجلال على الصفات السلبیة من قبیل; عدم وجود الشریک والشبیه. ولما کانت الصفات الثمان الواردة فی القسم الأول من الخطبة ثبوتیه وسلبیة فانّ الذی ذکر عنوان لها لیس على ضوء علماء العقائد، بل یراد بالجلال هناک المعنى اللغوی والاشارة إلى عظمة هذه الصفات. على کل حال فانّ معرفة اللّه والتعرف على صفات جماله وجلاله، تعد معین کل خیر وحسن وأساس جمیع الفضائل الأخلاقیة والأعمال الصالحة، ومن هنا فقد إستهل الإمام(علیه السلام) أغلب خطبه بالإشارة إلى جانب من هذه الصفات، لیحمل القلوب نحو عظمته سبحانه وصفات جلاله وجماله. فقد قال(علیه السلام): «و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شریک له» فالأوصاف وإن کانت ثلاث وهى نفی الشریک والمعبود وصفة التوحید، غیر أنّها تعد جمیعاً إلى حقیقة واحدة وهى توحیده فی الذات والصفات والعبودیة. ولما کان التوحید أساس صفات اللّه سبحانه، فقد تطرق الإمام(علیه السلام) إلى هذه الصفة قبل کل شئ، وسنرى لاحقاً أنّ سائر الصفات السبع إنّما تنبع من صفة التوحید. ثم قال(علیه السلام) فی الصفة الثانیة «الأوّل لا شیء قبله» هذه واحدة من الصفات التی تنزهه عن الشبه; لأنّه وجود لامتناهی، ومثل هذا الوجود أزلی، والوجود الأزلی قبل کل شئ وبعد کل شئ، فلو کان قبله شئ لانتفت أزلیته. ثم قال(علیه السلام) فی الصفة الثالثة: «و الاْخر لا غایة له» کما أشرنا آنفا فانّ هذه نتیجة لعدم تناهیه، وبعبارة أخرى إنتفاء نظیره. ومن الواضح أنّ الصفة الثانیة والثالثة ثبوتیة: فأولیته فی الأزل، وآخریته فی الأبدّ. وقال(علیه السلام) فی الصفة الرابعة: «لا تقع الاْوْهام( 1) له على صفة» فنحن نعلم أنّ عقلنا محدود لایسعه إدراک سوى المحدودات، وعلیه فلیس للوهم أن یحیط بذاته المقدسة وصفاته المطلقة التی هى عین ذاته، وبعبارة اُخرى فانّ علمنا بصفاته إنما هو من قبیل العلم الإجمالی، وإلاّ فالعلم التفصیلی بذاته وصفاته متعذر على مخلوقاته. ویتضح مما ذکر أنّ الأوهام هنا بمعنى الأفکار، غیر أنّ الفکر حین یعجز یعبر عنه بالوهم. ثم أشار الإمام(علیه السلام) فی الصفة الخامسة والسادسة إلى نفی الکیفیة والکمیة عن الذات الإلهیة المقدسة قائل: «و لا تعقد القلوب منه على کیفیّة، ولا تناله التّجزئة التّبعیض» والکیفیة عبارة عن الشکل والهیئة التی تتخذها الأشیاء، سواء کانت هذه الهیئة قابلة للرؤیة أو السماع أو اللمس. وبالطبع فانّ الکیفیة إنّما ترتبط بالامور التی تکون أوصافها زائدة على ذاتها، أمّا من کانت صفاته عین ذاته، وکانت ذاته خالیة من التعدد فلیس للکیفیة من سبیل إلى ذاته، بعبارة اُخرى فان الکیفیات ناشئة من المحدودیات والذات الإلهیة اللامحدودة لاکیفیة لها. کما أنّ الاشتمال على الجزء والبعض من خواص الأجسام، ومن هنا فالکمیة من عوارض الجسم، ولما کان اللّه سبحانه منزه عن الجسمیة، لم تجز علیه التجزئة والتبعیض، ولیس للکمیة من سبیل إلى ذاته المقدسة. بعبارة أخرى: إنّما تطلق الکمیة حیث الزیادة والنقصان، وعلیه فلیس للّه من کمیة حیث لیس هنالک من زیادة أ ونقصان فی وجوده المطلق اللامتناهی. على ضوء ما مر معنا فان التجزئة والتبعیض لفظان متراد فان یفیدان معنى واحد، ألا أنّ بعض شرّاح نهج البلاغة احتملوا أنّ التجزئة إشارة إلى الأجزاء العقلیة (کالجنس والفصل المنطقیین) والتبعیض إشارة إلى الأجزاء الخارجیة. عى کل حال فمفهوم العبارة هو أن الذات الإلهیة لیست مرکبة من أجزاء لافی الخارج ولا فی الذهن، لأنّه لو کان مترکبا من أجزاء لاحتاج إلیها، والحال أنّه غنی بالذات، والمحتاج ممکن الوجود، لاواجب الوجود. ثم قال(علیه السلام) فی الصفة السابعة والثامنة: «و لا تحیط به الاْبصار والقلوب» أمّا قوله(علیه السلام)لاتحیطه الابصار، فواضح، لأنّ الإنسان یرى بعینه الالوان والضوء ومن ثم الأجسام، ولما کان اللون من خواص الجسم، وللجسم زمان ومکان وأجزاء، فالنتیجة أنّه محتاج وممکن الوجود، واللّه أعظم وأجل شأناً من ذلک وان ذهب بعض علماء العامة استناداً إلى بعض الروایات ـ المخدوشة السند أو الدلالة ـ إلى رؤیة اللّه سبحانه یوم القیامة، الأمر الذی یعتبر من الشرک; لأنّ ذلک یستلزم کون اللّه جسما له زمان ومکان وجهة ولون، أمّا نحن وعلى ضوء تعالیم أئمتن(علیه السلام) نعتقد بأنّ الرؤیة محالة على اللّه سبحانه، لافی هذا العالم ولا فی عالم الآخرة! والأدلة العقلیة التی أشارت إلى جانب من ذلک فی الخطبة إنّما تثبت هذه الحقیقة، ولیس للاستثناء من سبیل إلى الأدلة العقلیة.(2) أمّا عدم إحاطة العقول بذاته المطهرة فلکونها غیر محدودة، ولیس للعقل المحدود قدرة إدراک غیر المحدود، ولذلک قلنا سابقاً إن علمنا بذاته وصفاته سبحانه إجمالی لاتفصیلی. والذی یجدر ذکره هو أنّ الإمام(علیه السلام) عبر بعدم الاحاطة بشأن نفی الرؤیة بواسطة العین وکذلک الرؤیة العقلیة، والذی یمثل فی الواقع الدلیل على المطلوب، لأنّ الاحاطة بالشئ من لوازم الرؤیة أو المشاهدة العقلیة، وکیف یحاط وجود مطلق لامتناهی.

وهنا یقتدح هذا السؤال وهو أنّ الإمام(علیه السلام) قال: «لاتدرکه العیون بمشاهدة العیان، ولکن تدرکه القلوب بحقائق الإیمان»(3) أفلا یناقض هذا الکلام ما ورد فی الخطبة؟ والجواب على هذا السؤال أنّ المراد من عدم إحاطة العقل بذاته هو نفی إدراک کنه الذات، وبعبارة اُخرى: العلم التفصیلی; أمّا ما ورد فی الخطبة 179 من رؤیة اللّه من قبل القلوب یشیر إلى العلم الإجمالی. فقد ورد عن الإمام الجواد(علیه السلام) أنّه قال: «أوهام القلوب أدق من أبصار العیون، أنت قد تدرک بوهمک السند والهند والبلدان التی لم تدخلها ولاتدرکها ببصرک، فأوهام القلوب لا تدرکه، فکیف أبصار العیون»(4). على کل حال فان ما أورده الإمام(علیه السلام) من صفات فی هذه العبارات بشأن الذات المقدسة، إنّما یشیر إلى ذروة قدرة الإنسان على معرفة اللّه. فلیس هنالک من یورد مثل هذه الصفات سوى المعصوم ولاسیما أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام). ونختتم البحث بما ذکره ابن أبی الحدید بهذا الشأن فقد قال: وإعلم أن التوحید والعدل والمباحث الشریفة الإلهیة، ما عرفت إلاّ من کلام هذا الرجل، وأن کلام غیره من أکابر الصحابة لم یتضمن شیئاً من ذلک أصلاً; ولا کانوا یتصورونه، ولو تصوروه لذکروه. وهذه الفضیلة عندی أعظم فضائله(علیه السلام).(5)


1. «أوهام» جمع «وهم» على وزن فهم تعنی لغویا ما یخطر على القلب، وقد وردت فی الخطبة بمعنى إجالة الفکر التی لاتبلغ کنه الذات الإلهیة المقدسة وصفاته سبحانه، وبعبارة أخرى لاتبلغ کنه ذاته حتى ذروة حرکة العقل التی عبر عنها هنا بالوهم.
2. راجع بهذا الشأن (نفی رؤیة اللّه) المجلد الأول من هذا الکتاب، وکتاب رسالة القرآن 4/232 ـ 251.
3. نهج البلاغة، الخطبة 179.
4. میزان الحکمة 3/1893، ح 12316.
5. شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 6/346.  

 

القسم الأول کیفیة معرفة الإنسان بالذات المقدسة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma