نقل ابونعیم الاصفهانی جانبا من هذه الخطبة فی حلیة الاولیاء وقال فی سبب ورودها ان الإمام(علیه السلام) شیع جنازة لما ارتفع صراخ أهله حین وضع فی القبر فأقسم الإمام(علیه السلام) أن الموت لا یذر أحدا ولو شاهدوا ما یشاهد هذا المیت لبکوا على أنفسهم دونه، ثم نهض(علیه السلام) إثر ذلک فاورد هذه الخطبة.
الخطبة تشیر إلى أنّ الإمام(علیه السلام) کان بصدد إعداد قلوب الناس وایقاظهم من غفلتهم، وهى خطبة عظیمة المضمون بعیدة المعنى لها فعل السحر فی النفس بفضلها تتضمن عدداً من الدروس والعبر التی تصنع الإنسان وتهذبه ویمکن تقسیمها إلى إثنی عشر قسم( 1) کل منها یکمل الآخر:
القسم الأول: یخوض فیه الإمام(علیه السلام) بحمداللّه والثناء علیه وبیان صفات جلاله وجماله لیهیئى القلوب لسماع المواعظ والنصائح.
القسم الثانی: الوصیة بالتقوى بفضلها رأس المال الأصلی للإنسان فی حیاته المادیة والمعنویة.
القسم الثالث: ذم الدنیا بفضلها العقبة الکؤود التی تحول دون التقوى والورع.
القسم الرابع: الحدیث عن المعاد والحشر وأهوال یوم القیامة لتکون القلوب منفتحة على الاتعاظ بالزواجر.
القسم الخامس: التعرض لاحوال الإنسان من خلال بیان عاقبته.
القسم السادس: التذکیر ثانیة بالورع والتقوى.
القسم السابع: لما کان الالتفات إلى النعم الإلهیة یقود الإنسان إلى معرفة اللّه وشکره على نعمه وطاعته، تطرق(علیه السلام) فی هذا القسم إلى النعم التی أفاضها اللّه سبحانه على الإنسان.
القسم الثامن: المواعظ والإرشادات التی تفتح العقول والقلوب.
القسم التاسع: الحدیث عن التقوى ثالثة الإشارة إلى کونها أفضل الزاد والمتاع فی سفر الآخرة.
القسم العاشر: الکلام عن خلق الإنسان مذ کونه جنیناً إلى موته وما بعد الموت بعبارات توقظ الضمیر البشری.
القسم الحادی عشر: التحذیر من عدم السبیل إلى الرجعة بعد الموت ولا تدارک ما فرط فی الدنیا.
القسم الثانی عشر والأخیر: إشارة إلى الدروس والعبر التی یختزنها تأریخ الماضین وبیان أحوال الاقوام بعبارات مثیرة وحساسة رائعه; الأمر الذی جعل السید الرضی (ره) یقول: بعد أنّ خطب الإمام(علیه السلام) هذه الخطبة إقشعرت لها الجلود، وبکت العیون، ورجفت القلوب.
1. لابدّ من الالتفات هنا إلى ان الخطبة تنقسم على أساس تقسیم کلی إلى إثنی عشر قسماً، کما أنّ بعض أقسامها تنقسم فرعیاً إلى عدّة أقسام، ومن هنا فانا قسمنا هذه الخطبة فی شرحها، وتفسیرها إلى ثمانیة عشر قسماً.
