إنّ الإنسان یخوض على الدوام مواجهة تجاه عدوین کبیرین: عدو داخلی یدعى بالنفس الامارة، وعدو خارجی هو الشیطان، ولکل منهما ذات الأعمال المکملة لبعضها البعض الآخر. وعلى الرغم مما ذکرناه من أنّ هذا العدو الداخلی والخارجی بالنسبة لأهل الإیمان مصدراً للسمو والتکامل ومحاربة عناصر الذنب والمعصیة، وبالتالی یوجب تکامل أرواحهم ویزید من قربهم إلى اللّه سبحانه، مع ذلک فانّ وجود مثل هذا العدو الخطیر یتطلب مزیدا من الحیطة والحذر، ویضاعف من خطورته أنّه لایدعو الإنسان صراحة إلى الذنب، بل یزین الذنوب وینمق المعاصی ویصغر کبائر الذنوب، ویکبر ما صغر من الطاعات، ویریه المصائد جمیلة، مستغلا کافة نقاط ضعف الإنسان لینفذ إلى أعماقه فیلقیه فی مخالب الشهوات والأموال والمقام والآمال الطویلة، ومن هنا فانّ الغفلة لحظة قد تقود إلى عمر من الشقاء والبؤس والندم. ولذلک وردت التحذیرات التی أکدتها الروایات والأخبار الإسلامیة، ومن ذلک أنّه أوحی إلى موسى(علیه السلام): «ما لم تسمع بموت ابلیس فلا تأمن مکره»( 1) وقد خضنا فی شرح وساوس الشیاطین فی المجلد الأول من هذا الکتاب فی الخطبة السابعة.(2)