القبر روضة من ریاض الجنّة أو حفرة من النار

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثالث
القسم الخامس عشر القسم السادس عشر

أشار الإمام(علیه السلام) فی هذه العبارات إلى الحوادث التی یشهدها العاصون فی عالم البرزخ، وذلک لأنّ الثواب والعقاب لایقتصران على عالم القیامة، بل یشملان طائفة عظیمة من الناس فی عالم البرزخ الذی یمثل الواسطة بین عالم الدنیا وعالم القیامة; والحدیث الشریف: «القبر روضة من ریاض الجنّة، أو حفرة من حفر النیران»( 1) إنّما أشار إلى هذا المعنى، وبعبارة أخرى فان هنالک صورة محدودة فی البرزخ لتلک الشاملة فی عالم القیامة. فقد قال(علیه السلام): «وأ عظم ما هنالک بلیّةً نزول الحمیم(2)تصلیة(3) الجحیم، وفورات(4) السّعیر، وسورات(5)الزّفیر(6)» فالمراد بالجحیم هنا جحیم البرزخ التی تمثل جانبا من جهنم القیامة، والتی سیردها أصحاب الکبائر. فقد قال سبحانه تعالى فی محکم کتابه العزیز بشأن آل فرعون: (النّارُ یُعْرَضُونَ عَلَیْها غُـدُوّاً وَعَشِـیّاً وَیَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوا ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذابِ)(7) کما یستفاد من العبارة شدة عذاب البرزخ ورهبته. فناره تضج، والسنتها تتصاعد، وماؤها یشوی البطون حقاً أنّ آلام الإنسان ومعاناته ومصائبه لتزول بالمرة حین یفارق هذه الدنیا ویودع روضة من ریاض الجنّة، غیر أنّ البلاء یشتد إذا أودع بعد کل هذا البؤس والشقاء حفرة من حفر النار إثر سوء أعماله. طبعاً کلام الإمام(علیه السلام) مطلق، ولکن من الواضح أنّ المراد به عبّاد الدنیا والظلمة والطواغیت وعامة أهل الذنوب والمعاصی; وهو الأمر الذی أشیر إلیه بصراحة فی العبارات السابقة، کالعبارة: «نفر مستکبراً، وخبط سادراً، ما تحاً فی غرب هواه، کادحاً سعیاً لدنیاه». ثم قال(علیه السلام) «لا فترةٌ مریحةٌ، ولا دعةٌ(8) مزیحةٌ،(9) ولا قوّةٌ حاجزةٌ، ولا موتةٌ ناجزةٌ،(10) ولا سنةٌ(11) مسلّیةٌ،(12) بین أطوار الموتات، وعذاب السّاعات! إنّا باللّه عائذون». تبین هذه العبارات القصیرة العظیمة المنال المقتبسة من آیات القرآن الکریم أنّ العذاب الإلهی شدید الالم على هؤلاء الأفراد من جهة، ومن جهة أخرى لیس هنالک من سبیل قط للفرار منه، وذلک لأنّ صحیفة الأعمال تغلق بموته ولاتشهد أی تغییر تبدیل، اللّهم إلاّ أنّ یتطلف اللّه علیهم برحمته وفضله، مع ذلک فذلک اللطف یستند إلى حکمته سبحانه. فما ورد فی هذه الخطبة یتناغم وآیات القرآن الکریم التی تحدثت عن عقاب البرزخ. فقد صرحت الآیة السادسه والسابعة من سورة الملک بشأن نار البرزخ: (وَلِلَّذِینَ کَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ المَصِـیرُ * إِذا أُلْقُوا فِـیها سَمِعُوا لَها شَهِـیقاً وَهِیَ تَفُورُ) کما ورد فی الآیة السادسة عشرة من سورة الفرقان: (إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَکان بَعِید سَمِعُوا لَها تَـغَیُّـظاً وَزَفِـیر). أما حال أهل البرزخ فقد صورته الآیة 75 من سورة الزخرف: (لا یُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِـیهِ مُبْلِسُونَ)، بینما تحدثت الآیة العاشرة من سورة الطارق عن عدم وجود من یعینهم ویخفف عنهم: (فَما لَهُ مِنْ قُـوَّة وَلا ناصِر)، وأخیراً تطرقت الآیة 77 من سورة الزخرف عن تمنیهم الموت الذی یریحهم مما هم فیه من العذاب: (وَنادَوْا یا مالِکُ لِـیَقْضِ عَلَیْنا رَبُّکَ قالَ إِنَّکُمْ ماکِثُونَ). وهکذا سائر الآیات القرآنیة التی تکشف عن حرکة الإمام(علیه السلام) فی حدیثه وفعله من خلال الوحی السماوی والجو القرآنی.


1. رواه الترمذی فی صحیحه عن النبی(صلى الله علیه وآله) ( ج 4، کتاب صفة القیامة، ح 2460) والعلاّمة المجلسی فی بحارالأنوار ( 6/214 ـ 218).
2. «حمیم» من مادة «حم» على وزن غم فی الأصل الماء الحار وهو المعنى المراد فی العبارة. فقد جاء فی القرآن «فَشارِبُـونَ عَلَـیْهِ مِـنَ الحَمِـیمِ» سورة الواقعة / 54.
3. «تصلیة» من مادة «صلى» على وزن سعی ویعنی الاحراق، کما تعنی دخول جهنم، أمّا التصلیة فیة متعدیة وهى تعنی الاحراق فقط.
4. «فورات» من مادة «فورة» الغلیان.
5. «سورات» جمع سوره الغضب.
6. «زفیر» صوت النار عند توقدها.
7. سورة غافر / 46.
8. «دعة» من مادة «ودع» على وزن منع الراحة.
9. «مزیحة» من مادة «ازاحة» تزیح ما أصابه من التعب.
10. «ناجزة» من مادة «نجز» منتهیة.
11. «سنة» بالکسر والتخفیف أوائل النوم.
12. «مسلیة» من مادة «تسلیة» النسیان، تشغله عما هو فیه.  

 

القسم الخامس عشر القسم السادس عشر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma