الزاد إلى المعاد

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثالث
القسم الثانی القسم الثالث

لفت الإمام(علیه السلام) الانتباه سابقاً إلى قدرة اللّه وعلمه بخفایا الکائنات وأسرار الضمائر، وما ذلک إلاّ مقدمة لما أورده هن: «فلیعمل العامل منکم فی أیّام مهله( 1) قبل إرهاق(2) أجله، وفی فراغه قبل أوان شغله، وفی متنفّسه(3) قبل أن یؤخذ بکظمه(4)» ثم بین(علیه السلام) الهدف من هذا الجهد والعمل فقال: «و لیمهّد لنفسه وقدمه، ولیتزوّد من دار ظعنه لدار إقامته» فالواقع هو أنّ العبارات السابقة تحدثت عن أصل السعی والعمل، بینما عینت الأخیرة مساره وجهته. جدیر بالذکر أنّ العبارة «أیام مهله» فسّرت بالعبارات الثلاث اللاحقة، فالعبارة الاولى «قبل إرهاق أجله» إشارة إلى أصل نعمة الحیاة والعمر، والعبارة الثانیة «وفی فراغه» إشارة إلى نعمة الفراغ فی مقابل الانشغال والعمل والهم بالزوجة والولد، والعبارة الثالثة «وفی متنفسه» نعمة العافیة والسلامة وعدم وجود الشدائد والمصائب. أمّا العبارة «ولیمهد...» فهى تشیر إلى التأهب للآخرة، فی حین تشیر «ولیتزود» إلى التجهز وکسب الزاد; على غرار ما یفعل الإنسان فی هذه الدنیا، حیث یعد المنزل وأدواته ثم یتجه صوب الزاد والمتاع. ثم یواصل الإمام(علیه السلام) تحذیراته فیقول: «فاللّه اللّه أیّها النّاس، فیما استحفظکم من کتابه، واستودعکم من حقوقه». طبعاً المراد من الکتاب القرآن الکریم حیث کلف الناس بصیانته والالتزام بأحکامه، أمّا المقصود بالحقوق التی استودعها العباد فهى أحکام الحلال والحرام التی ینبغی الالتزام بها وعدم مخالفتها.(5) ثم بین الدلیل من هذا الانذار بقوله: «فإنّ اللّه سبحانه لم یخلقکم عبثاً ولم یترککم سدًى(6) ولم یدعکم فی جهالة ولا عمًى، قد سمّى آثارکم، وعلم أعمالکم، وکتب آجالکم» فهى عبارات قصیرة ذات معان بعیدة تختزن المفاهیم العظیمة المؤیدة بالآیات القرآنیة. فقد أشار فی المرحلة الاولى إلى الهدف من وراء خلق الإنسان، ومن ثم الحدیث عن الاُمور التی تنطوی علیها الحیاة الإنسانیة، والمرحلة الثالثة الحدیث عن وجود الزعماء والعلم بالأعمال، وتطرق بعد ذلک إلى بیان الوظائف والمسؤولیات وعلم الحق سبحانه بأعمال البشر، وأخیرا الحدیث عن قصر عمر الإنسان وحلول أجله. ومن الواضح أنّ الإنسان إذا إلتفت إلى هذه الاُمور وصدقها بکل کیانه ووجوده سیجد من أجل حفظ کتاب اللّه والالتزام بحقوقه. فالمهم أن یستحضر الإنسان هدف الخلق ویستفید مما زوده به اللّه سبحانه من إمکانات، فیؤمن بأنّ اللّه عالما بأفعاله وإلاّ ینسى بأنّ عمره قصیر آیل إلى زوال; الاُمور التی تلعب دوراً بناءاً فی خلق شخصیة الإنسان وتهذیب نفسه. فقد قال القرآن بهذا الشأن: (أَفَحَسِـبْتُمْ أَنَّما خَلَـقْناکُمْ عَـبَثاً وَأَنَّکُمْ إِلَیْنا لاتُـرْجَعُونَ)(7) وقال: (قَدْ جاءَکُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّکُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِیَ فَعَلَیْه)(8) وقال فی الآیة 30 من سورة محمد: (وَاللّهُ یَعْلَمُ أَعْمالَکُمْ) وقال (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لایَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا یَسْتَقْدِمُونَ).(9)


1. «مهل» على وزن اجل بمعنى المداراة والمهلة.
2. «إرهاق» من مادة «رَهَقْ» على وزن شفق بمعنى الغشیة والتغطیة والسیطرة، ومن هنا فان الأجل اذا جاء للانسان فانه یسیطر على کافة وجوده، وقد استفید من هذا التعبیر فی الخطبة أعلاه بمعنى الأجل.
3. «متنفس» من مادة «تنفس» زمان الاتساع والراحة.
4. «کَظَم» على وزن قلم بمعنى المضیق ومجرى التنفس.
و«کَظْم» على وزن هضم، وله معنى مصدری بمعنى حبس النفس، ویستعمل کنایة عن ضبط النفس عند الغضب، وما شابه ذلک.
5. یعود الضمیر فی کتابه وحقوقه إلى اللّه، ولایتناسب ارجاع الضمیر فی حقوقه إلى کتابه وسیاق الکلام.
6. «سُدى» على وزن شما بمعنى المهمل والذی لا هدف ولا معنى له، وقد استفید من هذا الاصطلاح هنا للتعبیر عن البعیر الذی لا راعی له، وقد هام فی الصحراء على وجهه، فیرعى من کل مکان یصل الیه.
7. سورة المؤمنون / 115.
8. سورة الانعام / 104.
9. سورة الاعراف / 34. 

 

القسم الثانی القسم الثالث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma