من هو السعید؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثالث
القسم الخامس مواطن السعادة لدى الإنسان

واصل الإمام(علیه السلام) حدیثه بالنذر والتطرق لسبل نفوذ الشیطان، لیورد هنا بست عبارات قصیرة عظیمة کیفیة العمل والخلاص، فقال بادئ ذی بدء: «عباد اللّه، إنّ أنصح النّاس لنفسه أطوعهم لربّه» ومعنى هذه العبارة أن لا یخدع الإنسان نفسه ولایکذب علیها ولایجعل من نقاط ضعفه عناصر قوة فی شخصیته ولایسدل استار عیبه ونقصه أمام نفسه، بل یتهم نفسه بکل إخلاص، فمثل هذا الإنسان یتجه لا محالة نحو الطاعة.( 1) ثم أشار فی العبارة الثانیة إلى عکس ذلک فقال: «و إنّ أغشّهم(2) لنفسه أعصاهم لربّه». ومن الطبیعی أنّ الإنسان إذا خدع نفسه وأخفى عنها عیبه، تراءى له الذنب مباحا، بل قد یبدو له أحیاناً أمرا واجباً، وهکذا تتوفر لدیه الأرضیة الخصبة لمقارفة الاثم والمعصیة. وقال فی العبارة الثالثة: «والمغبون من غبن نفسه» فی إشارة إلى أن بعض الأفراد قد یخدعون هذا الإنسان ویغبنه فیسلبوه ما لدیه، کما قد یرتکب الإنسان مثل العمل بحق نفسه فیخدعها فیفقد عناصر القوة التی کان من المفترض أن تقوده نحو الفوز بالآخرة ونیل سعادتها وفلاحها. وقال فی العبارة الرابعة:

«والمغبوط من سلم له دینه». فالغبطة أن یتمنى الإنسان مالغیره من النعم، وعلیه فالمغبوط هو المستحق لتطلع النفوس إلیه والرغبة فی نیل مثل نعمته، فان جد واجتهد الإنسان وتمکن من الحفاظ على دینه وإیمانه فی ظل هذه الدنیا وتقلباتها فقد أحرز أعظم النعم الإلهیة التی یجدر بالآخرین أن یغبطوه علیها. وعلى ضوء القاعدة الأدبیة فان تقدیم الخبر على المبتدأ یفید الحصر، فالعبارة تفید أن الغبطة لا تکون سوى تجاه من حفظ دینه وإیمانه ازاء حوادث الدهر ومکاره الدنیا، لاتجاه من ینال بعض المقامات ویجبی الأموال والثروات وسائر الإمکانات المادیة الآیلة إلى الفناء والزوال. وقال فی العبارة الخامسة: «والسّعید من وعظ بغیره». فمما لاشک فیه أنّ الحوادث المریرة والتجارب القاسیة تعد وسیلة للیقظة ومصدرا لنصیحة الإنسان ووعظه، ولکن ما أروع أن یستفید من تجارب الآخرین ویتعظ بمصیرهم دون أن یرتکب بعض الاخطاء التی قد تلهمه بعض التجربة، فکأنی بهذا الفرد کذلک المنزل الذی جاور حدیقة غناء وکان یعمل فیها الآخرین بینما یصله نسیمها ورائحتها الزاکیة. ولما کان مصیر الأفراد فی حیاتهم متشابه فی الغالب، وبعبارة اُخرى «التأریخ یعید نفسه» فلکل فرد أن یرى جانبا من مصیره فی حیاة الآخرین. وبناءاً على هذا فلیس هنالک من یستثنى من هذه العبارة ولایعتبر بحیاة الآخرین. هذا وقد ذهب بعض شرّاح نهج البلاغة إلى أن العبارة «والسّعید من وعظ بغیره» تعد مثلاً من الأمثال المعروفة فی الأدب العربی(3). بینما عدها ابن أبی الحدید من الأمثال النبویة.(4) ثم اختتم الخطبة بما یقابل العبارة السابقة قائل: «والشّقیّ من انخدع لهواه وغروره». واضح أنّ الإنسان یلام إذا خدع من قبل الآخرین، إلاّ أنّه یکون أکثر ملامة إذا انخدع بهوى نفسه، وذلک لأنّه أحرق سعادته بنفسه.


1. لابد من الالتفات هنا إلى «أنصح» من مادة «نصح» تعنی فی الأصل الاخلاص، وهذا هو مفهوم النصیحة.
2. «أغش» من مادة «غش» تعنی فی الأصل الضعف والعجز، ومن هنا یصطلح بالمغوش على الشی غیر الخالص.
3. شرح نهج البلاغة لابن میثم 2/285.
4. شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 6/365، المرحوم العلاّمة المجلسی فی بحارالأنوار 21/211 حیث أوردها فی تأریخ النبی(صلى الله علیه وآله) فی باب حوادث غزوة تبوک ضمن خطبة(صلى الله علیه وآله). 

 

القسم الخامس مواطن السعادة لدى الإنسان
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma