2 ـ المزاح فی الإسلام

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثالث
1 ـ نسب عمرو بن العاص وطرف من أخباره الخطبة 85

ممّا لاشک فیه أن روح الإنسان ترهق من جراء المشاکل; فلابدّ من ترویحها بالاستجمام وطرائف الحکم، وإلاّ کسلت وشلت عن النشاط، ومن هنا فان العقل والمنطق والفطرة تقتضی أن یلجأ هذا الإنسان إلى المزاح بغیة التخفیف من حدة المعاناة والتعب والارهاق، فان تم هذا الأمر فی ظل الموازنة والاعتدال فهو لیس مذموما فحسب، بل من الاُمور المطلوبة، وأبعد من ذلک تکتسب درجة الضرروة والوجوب، لتعد جزءا من مکارم الأخلاق والبشاشة وطلاقة الوجه. والذی تفیده سیرة النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) وأئمة الدین(علیهم السلام)وأولیاء اللّه ـ بل وکافة العقلاء ـ أنّهم کانوا یلجأون إلى المزاح فی أعمالهم طیلة مدّة حیاتهم. إلاّ أنّ ما یجدر ذکره هو أنّ هذا المزاح إنّما یتحول إلى سخریة واستهزاء لو خرج من حد الاعتدال أو شابه الاثم والغیبة والنمیمیة، کما یکون وسیلة للثأر وإراقة ماء وجه الآخرین، حیث یتعذر على الإنسان أحیاناً إظهار مکنون قلبه من الحقد والضغینة فیلجأ إلى هذا الاسلوب، وهنا یتحول المزاح إلى رذیلة بشعة من الرذائل الکاشفة عن سوء الخلق. وهذان هما المعنیان الذان کشفت عنهما بعض الروایات الإسلامیة التی مدحت المزاح من جانب وعدته فضیلة، وتلک التی ذمته وعدته رذیلة. ولابأس هنا بذکر بعض الروایات الإسلامیة الواردة بهذا الشأن:

1 ـ ورد فی الحدیث أنّ أحد أصحاب الإمام الکاظم(علیه السلام) سأله عن المزاح فقال(علیه السلام): «لا بأس ما لم یکن» (أی مالم یخالطه الاثم) ثم قال: «إن رسول اللّه کان یأتیه الاعرابی، فیهدی له الهدیة ثم یقول مکانه: أعطنا ثمن هدیتنا! فیضحک رسول اللّه; وکان إذا اغتم، یقول: ما فعل الاعرابی؟ لیته أتان».( 1)

2 ـ وورد عن الإمام الکاظم(علیه السلام) «المؤمن دعب لعب، والمنافق قطب غضب».(2)

3 ـ عن الإمام الصادق(علیه السلام) قال: «ما من مؤمن إلاّ وفیه دعابة; قلت: وما الدعابة؟ قال: المزاح».(3)

4 ـ بل ورد فی الروایات أنّ رسول اللّه(صلى الله علیه وآله) کان یمزح، حیث جاء فی الخبر أنّ رسول اللّه(صلى الله علیه وآله)قال لأمرأة من الأنصار: «الحقی زوجک فإن فی عینه بیاض» فسعت نحوه مرعوبة، فقال لها: ما دهاک؟ فأخبرته، فقال: نعم إن فی عینی بیاضاً لاسوء، فخفضی علیک. فهذا من مزاح رسول اللّه(صلى الله علیه وآله). وأتت عجوز من الأنصار إلیه(صلى الله علیه وآله)، فسألته أن یدعوا اللّه تعالى لها بالجنّة، فقال: «إن الجنّة لاتدخلها العجز»(4) فصاحت، فتبسم(صلى الله علیه وآله) وقال: (إِنّا أَنْشَأْناهُـنَّ إِنْشاءً * فَجَعَلْناهُـنَّ أَبْـکار)(5) وهکذا سائر الروایات...

وفی نفس الوقت وردت الروایات التی ذمت المزاح، ومن ذلک ما روی عن علی(علیه السلام) أنّه قال: «المزاح یورث الضغائن»(6) وقال: «لکل شئ بذر وبذر العداوة المزاح»(7) وجاء فی الخبر أنّ المزاح یحد من العقل ویذهب بالهیبة وهو العدو الاصغر(8). وقال رسول اللّه(صلى الله علیه وآله): «لایبلغ العبد صریح الإیمان حتى یدع المزاح والکذب»(9).

ومن الواضح أن لیس هنالک من تضاد بین هاتین الطائفتین من الروایات، لأنّ الطائفة الاولى تحدثت عن أصل المزاح، بینما تحدثت الطائفة الثانیة عن الإفراط وتجاوز الحد فی المزاح. أو بعبارة اُخرى: الطائفة الاولى ناظرة إلى المزاح الموزون الذی لایستند إلى أی غرض ومرض وحقد وضغینة، أمّا الطائفة الثانیة فهى ناظرة إلى المزاح الباطل، والشاهد على ذلک ما جاء فی الخبر عن رسول اللّه(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «إنی أمزح ولا أقول إلا حق»(10). والشاهد الآخر أغلب الروایات التی صرحت بذم کثرة المزاح. فقد روی عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) أنّه قال: «کثرة المزاح تذهب البهاء وتوجب الشحناء»(11). کما عبرت بعض الروایات عن ذلک بالإفراط فی المزاح. ویتضح مما أوردنا من الروایات ـ ولاسیما تلک التی وردت عن علی(علیه السلام) ـ أنّ الإمام(علیه السلام)کان یمزح أحیاناً بالحق; الأمر الذی یجعله فضیلة من فضائله وأنّه کان کریم الخلق بشر الوجه، إلاّ أنّ العدو کان یندفع بکل همجیة وضغینة لیشوه حتى هذه الصفات الحمیدة فیه، بهدف إقصائه من مکانته، ونموذج ذلک ما ورد فی هذه الخطبة. فقد نفى(علیه السلام) فی هذه الخطبة عن نفسه کثرة المزاح، المزاح الممدوح الذی یهدف إلى جلاء الروح ونشاطها وإدخال السرور على قلوب المؤمنین.

ونختتم الکلام بهذا الحدیث:

فقد جاء فی الخبر أنّ یحیى(علیه السلام) لقی عیسى(علیه السلام)، وعیسى مبتسم، فقال یحیى(علیه السلام): مالی أراک لاهیا کأنّک آمن! فقال(علیه السلام): مالی أراک عابساً کأنک آیس؟

فقالا: لانبرح حتى ینزل علینا الوحی. فأوحى اللّه إلیهما: أحبّکما إلىّ الطلق البسام، أحسنکما ظنا بی.(12)


1. اصول الکافی 2/663.
2. تحف العقول /41 باب مواعظ النبی.
3. اصول الکافی 2/663.
4. شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 6/330.
5. سورة الواقعة / 35 ـ 36.
6. تحف العقول /86 .
7. میزان الحکمة /4، ح 18869.
8. میزان الحکمة 4 / باب ذم المزاح.
9. میزان الحکمة 4/ ح 18877.
10. شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 6/320.
11. غرر الحکم.
12. شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 6/333. 

 

1 ـ نسب عمرو بن العاص وطرف من أخباره الخطبة 85
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma