تنطوی العبارة «و أنزل علیکم «الکتاب تبیاناً لکلّ شیء»» المقتبسة من الآیة 89 من سورة النحل على حقیقة مهمة ینبغی أن یتوقف عندها الجمیع. طبعاً لیس المقصود بهذه العبارة أنّ القرآن کتاب موسوعی یضم کافة الفروع والتخصصات العلمیة کالریاضیات والجغرافیا والکیمیاء والفیزیاء إلى جانب العلوم الانسانیة وما انطوت علیه المدارس الفکریة والنزعات الفلسفیة، بل المراد أنّ القرآن یشتمل على کل ما نزل من أجله وهدف إلیه هذا الکتاب السماوی والذی یخلص فی بلورة شخصیة الإنسان وسعادته فی جمیع الأصعدة والمیادین. فقد بین المعارف الدینیة والحقائق المرتبطة بالمبدأ والمعاد ووظائف الإنسان ومسؤولیاته تجاه خالقه وتجاه بنی جنسه، إضافة إلى تبیین المسائل الأخلاقیة والقضایا الجتماعیة والمتطلبات الاقتصادیة، وقد عمد أحیاناً إلى بیان کافة الجزئیات والتفاصیل (کبیانه للأحکام المتعلقة بالعقود المالیة ومعاملات الدیون التی إستعرضتها الآیة 282 من سورة البقرة، بینما أشار أحیانا اُخرى إلى الاُصول الکلیة والقواعد العامة من قبیل «باب ینفتح منه ألف باب». فالآیة القرآنیة التی وردت ضمن الخطبة إلى جانب روایات أئمة العصمة(علیهم السلام) تذکر المسلمین بأن الهدایة والسعادة إنّما تکمن فی القرآن.