عشرون کلمة قیمة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثالث
نظرة إلى الخطبة الصبر واغتنام الفرصة

إستهل الإمام(علیه السلام) الخطبة بقوله: «رحم اللّه امرأً ]عبد[ سمع حکم( 1)فوعى(2) ودعی إلى رشاد فدنا، وأخذ بحجزة(3)هاد فنجا. راقب ربّه، وخاف ذنبه».

لقد بین الإمام(علیه السلام) فی هذه العبارة بهذه الصفات الخمس مقدمة طریقة رواد القرب إلى اللّه وسالکی مسیرة التقوى وتهذیب النفس، فأول الطریق ضرورة توفر الاذن السامعة التی تصغی إلى الحقائق وتستوعبها ومن ثم الاتجاه نحو الداعی الإلهی لمزید من الفهم والإدراک، آنذاک اللجوء إلى الهادی وانتخاب القائد والدلیل، وأخیراً الشعور بالحضور الدائم للّه سبحانه وشهوده للأعمال بغیة الورع والتقوى من الذنب. فمن تحلى بهذه الفضائل الخمس یکون قد أعد زاده للسفر إلى اللّه والحرکة نحوه. طبعاً صحیح أنّ اللّه قد خلق الإنسان على الفطرة وزوده بالعقل کمصباح یضیئ له الطریق، إلاّ أنّ المفروغ منه هو أنّ إجتیاز هذا الطریق یتعذر بالاقتصار على العقل والفطرة، ولایتوج ذلک إلاّ بتوفر الداعی الإلهی والمرشد والدلیل. ومن الواضیح أنّ المراد بالدلیل والمنقذ الذین اُشیر إلیهما فی العبارة هم النبی وأئمة العصمة(علیهم السلام)ومن یتحدث عنهم ویهدی إلیهم; لا الأفراد المبتدعین ممن تسموا بشیوخ التصوف الذین یغطون فی هالة من الظلمة الدامسة ویزعمون أنّهم یهدون إلى النور ولا یخفى على أحد مدى الدور الذی یلعبه الشعور بالمراقبة الإلهیة والورع عن الذنب فی کبح جماع النفس وصمودها أمام الأهواء والشهوات. فاذا ما توفرت هذه المقدمة اللازمة لذلک السفر، آنذاک یأتی دور البرامج العلمیة فقال(علیه السلام): «قدّم خالصاً، وعمل صالحاً. اکتسب مذخوراً، واجتنب محذوراً، ورمى غرض(4) وأحرز عوضاً. کابر(5) هواه، وکذّب مناه». فقد أکد الإمام(علیه السلام) بادئ ذی بدء على العمل الخالص والصالح، کما ورد تعریفه عن الإمام الصادق(علیه السلام):«العمل الخالص الّذی لاترید أن یمدحک علیه أحدٌ إلاَّ اللّه»(6) وإلیه أشارت الآیة الکریمة: (وَما أُمِرُوا إِلاّ لِـیَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِـینَ لَهُ الدِّینَ)(7).

وهنالک تفاسیر اُخرى للاخلاص تبدو من قبیل اللازم والملزوم، فقالوا: الاخلاص إخفاء العمل عن الخلائق وتطهیره من العلائق، وقیل: حقیقة الاخلاص ألا ینتظر الإنسان أجراً دنیویاً أو أخرویاً على عمله، بل یقوم به حبّاً للّه. وقیل: الاخلاص إخراج الخلق من معاملة الخالق. ولعلنا نلمس قمة الاخلاص فی الحدیث الوارد عن أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام)حین قال: «إلهی ما عبدتک طمعاً فی جنّتک ولاخوفاً من نارک ولکن وجدتک أهلاً للعبادة فعبدتک»(8). ثم اتبع الاخلاص والعمل الصالح بالحدیث عن المذخور والذخیرة لیوم القیامة والواقع هو أنّ أعظم ذخیرة إنما تتمثل بالأعمال الخالصة والصالحة.

ولما کانت الأعمال الصالحة والخالصة للإنسان عرضة للاحباط بفعل الذنوب والمعاصی، فقد ورد الحض على إجتناب هذه الذنوب والتورع عن ارتکابها لیقدم الفرد على ربّه یوم القیامة بتلک الأعمال. وطالماً کان الاقبال على الدنیا یصد الإنسان عن ذخیرة الأعمال الصالحة، واتباع هوى النفس الذی یعد من أهم موانع الطریق وعقبته الکؤود طول الأمل، فقد ورد الحدیث عن ترک زخارف الدنیا وعدم الاغترار بها ومقاومة هوى النفس وتکذیب طول الأمل وإجتنابه; الآفات المهلکة التی ورد الحدیث عنها عن رسول اللّه(صلى الله علیه وآله)أنّه قال: «یقول اللّه تعالى: وعزّتی وجلالی... لایؤثر عبدٌ هواه على هواى إلاّ استحفظته ملائکتی و کفّلت السّموات والأرضین رزقه»(9). ثم إختتم الإمام(علیه السلام)خطبته بسبع صفات للمؤمن الصالح فقال: «جعل الصّبر مطیّة(10) نجاته، والتّقوى عدّة وفاته(11) رکب الطّریقة الغرّاء،لزم المحجّة(12) البیضاء. اغتنم المهل،(13) وبادر الأجل، وتزوّد من العمل». فقد أشار الإمام(علیه السلام)بهذه الصفات السبع ـ والتی تبدأ بالصفة الرابعة عشرة وانتهت بالعشرین ـ إلى شرائط والوسائل المتعلقة بالسالکین إلى اللّه الذین یحثون الخطى لنیل القرب من اللّه. ویحتاج هؤلاء السالکون قبل کل شیء إلى مرکب یوصلهم إلى شاطئ النجاة وشق عباب هذا الطریق المحفوف بالمخاطر والعقبات، وما أعظم الصبر بصفته المنقذ فی کل موضع ومهما کانت الظروف. من جانب آخر فان کل مسافر لابدّ أن یحمل معه بعض الوسائل والأدوات التی تلبی حاجاته طیلة هذا الطریق، ویشیر الإمام(علیه السلام) إلى أنّ هذه الوسائل تتمثل بالورع والتقوى بصفتها الزاد إلى الوفاة. ثم تأتی المرحلة الضروریة الاُخرى المتمثلة بمعرفة الطریق ومواصلة السیر علیه فقال(علیه السلام)«رکب الطّریقة الغرّاء ولزم المحجّة البیضاء» فالعبارة الاولى تشیر إلى انتخاب الطریق والثانیة إلى السیر علیه ومواصلته دون الانحراف عنه طیلة المسیرة. من جانب آخر لیس هنالک من منازل یمکن السالک التزود فیها لسفره الطویل، ومن هنا لفت الإمام(علیه السلام)إنتباه السالکین إلى إغتنام الفرص واحترام الوقت الذی قد یکون وبالاعلى صاحبه إذا لم یستفد منه: «اغتنم المهل وبادر الأجل».

واخیرا اختتم کلامه بالحدیث عن التزود للاخرة ومبادرة العمل الصالح خلال مدة العمر القصیرة.


1. «حکم» هنا بمعنى الحکمة.
2. «وعى» من مادة «وعی» على وزن سعی بمعنی الحفظ وفهم المراد و«أذن واعیة» کنایة عن سماع الشخص للمطالب وفهمها بصورة جیدة.
3. «الحجزة» بالضم معقد الازار والمراد بها هنا الاقتداء والتمسک.
4. «غرض» على وزن مرض بمعنى الهدف الذی یسدد نحوه السهم، کما یعنی المقصود والحاجة، إلاّ أنّه ورد فی روایة «عرض» بمعنى المتاع الدنیوی الزائل.
5. «کابر» من مادة «مکابرة» بمعنى المنازعة والمبارزة، کما یطلق على المنازعات العلمیة التی تهدف الغلبة على الطرف المقابل لاتحقیق الحق، وقد ارد بها هنا المعنى الأول.
6. الکافی 2/16.
7. سورة البینة / 5.
8. بحارالأنوار 69/278.
9. الکافی 2/335.
10. «مطیة» المرکب السریع الذی لایجمع بصاحبه.
11. «غراء» مؤنث «أغر» کل شیىء أبیض والطریقة الغراء النیرة الواضحة.
12. «المحجة» من مادة «حج» تعنی فی الأصل القصد، ثم اُطلقت على جادة الطریق التی توصل الإنسان إلى مقصوده.
13. «مهل» جاء بصیغة اسم المصدر وبمعنى الرفق والمداراة، ومن هنا فان الفرص تمثل الارضیة للرفق والمداراة، وهذا الاصطلاح أستعمل بمعنى الفرصة وفی الخطبة أعلاه، جاء بعنوان الاشارة إلى الفرص التی اعطاها الله سبحانه وتعالى لعباده من اجل اصلاح اعمالهم والاتیان بالاعمال الصالحة، والتی یجب أن یغتنمها الناس. 

 

نظرة إلى الخطبة الصبر واغتنام الفرصة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma