حوادث مابعد الموت

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثالث
القسم الرابع عشر 1 ـ وداع الأحیاء للأموات

أشار الإمام(علیه السلام) إلى مصیر الإنسان بعد الموت الذی ینطوی على الدروس والعبر، حیث یواصل فیه کلامه بشأن الاحتضار وسکرات الموت. فقد رسم الإمام(علیه السلام) بهذه العبارات القصیرة صورة جلیة مؤثرة عن حال الإنسان بعد أن بلغ المرض منه مبلغه وقد توقفت عن العمل کافة أعضائه وجوارحه ولم یبق منه إلاّ ذلک الجسد الخاوی فأخذ یستعد أهله لغسله وتکفینه ودفنه، الصورة التی یمکن مقارنتها وما کان علیه بالأمس وهو یتمتع بتلک القوة والقدرة: «ثمّ أدرج فی أکفانه مبلساً،( 1) وجذب منقاداً سلساً،(2) ثمّ ألقی على الاعواد رجیع(3)وصب(4) ونضو(5) سقم، تحمله حفدة الولدان، وحشدة(6) الاْخوان، إلى دار غربته، ومنقطع زورته،(7) مفرد وحشته». نعم فاول مایواجهه هو ذلک اللباس المتواضع الخالی من أناقة ملابس الدنیا التی یجهد الخیاطون أنفسهم أیاماً وأحیاناً أسابیع لخیطاتها، فلیس هنالک من فصال ولاقیاس ولاحاجة لخیاط، اللباس الذی لایعرف من معنى للغنى أو الفقر أو الشریف والوضیع. وأخیراً هو اللباس الذی فضح الدنیا وکشف النقاب لمن کان له بصیرة عن تقلب أحوالها وعدم دوامها. أمّا الصورة العنیفة الاُخرى التی لها وقعها فی النفس فهى حمله على التابوت والانطلاق به إلى مثواه الأخیر، دون أن یکون له أیة إرادة واختیار، فهو مستسلم لأنّ یطرح فی حفرته ویوارى فیها التراب. وبالطبع فانّ هذا الإنسان المناقد الیوم، هو الذی کان بالأمس یأمر وینهى، وربما کانت إشارته کافیة لأنّ یندفع له الاف الأفراد، وکان إذا رضى عفى عمن حوله، وإذا غضب أمر بضرب الاعناق وإن کانت بریئة، نعم هذه هى عاقبته ومصیره. وکالمعتاد فقد أسرع الأبناء والأحفاد والأقرباء والأصدقاء والاخوة لحمل التابوت على أکتافهم، إلى أین؟ إلى ذلک المکان الذی طالما کان یخشاه، بل لایجرأ على الإتیان باسمه على لسانه، وإذا مر به أشاح بوجهه عنه، المکان الذی لم یبق له من رابطة باهل هذا العالم، أنّه بیته الموحش المنسی. ثم قال(علیه السلام): «حتّى إذا انصرف المشیّع، ورجع المتفجّع أقعد فی حفرته نجیّاً لبهتة(8) السّؤال، وعثرة الامتحان» أجل قصیرة هى تلک المدة التی یرافقه فیها الأهل والمعزون، فاخر عهدهم به حین ینزلونه القبر، فاذا واروه التراب ودعوه وترکوه لوحده فی حفرته، وسرعان ما یکفکفون دموعهم ویخمد صراخهم حتى ینسوه بالتدریج; فی حین یعیش هو أصعب اللحظات وعلیه أن یعد إجابات لما ستطرحه علیه الملائکة من أسئلة، وهى الاسئلة التی تبدو إجاباتها واضحة، لکنها تتطلب إستعداداً روحیاً وعقائدیاً; الأمر الذی قد لایکون الإنسان قد تزود له، ومن هنا کان الامتحان عسیرا.

العبارة: «أقعد فی حفرته» إشارة واضحة إلى سؤال القبر الذی سیمر علینا فی البحث القادم. أمّا قوله(علیه السلام): «نجی» فتعنی الصوت الخفی، ولعلها إشارة لمناجاته لربّه آنذاک واستغاثته بلطف اللّه ورحمته، أو الکلام الخفی لعسرة الامتحان والخوف من عدم الإجابة على السؤال.


1. «مبلس» من مادة «ابلاس» تعنی فی الأصل الغم إثر شدة الیأس، ومن هنا فسرت بمعنى الیأس، وهى هنا بمعنى یأس الأحیاء من عودة الاموات.
2. «سلس» من مادة «سلس» على وزن قصص بمعنى السهل.
3. «رجیع»، الرجیع من الدواب ما رجع به من سفر اِلى سفر فکل ثم استعملت للإنسان التعب.
4. «وصب» الالم الدائمی والمرض والتعب.
5. «نضو» الناقة أو الحیوان المهزول، ثم اطلقت على الضعیف من الناس.
6. «حشده» جمع حاشد المسارعون فی التعاون.
7. «زوره» مصدر بمعین الزیارة واللقاء.
8. «بهتة» من مادة بهت الحیرة والاضطراب.  

 

القسم الرابع عشر 1 ـ وداع الأحیاء للأموات
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma