أهوال المحشر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثالث
القسم الرابع1 ـ أضواء على المعاد الجسمانی

بعد أن فرغ الإمام(علیه السلام) فی هذه الخطبة الغراء حقاً من حمداللّه والثناء علیه والوصیة بالتقوى وشرح أوضاع الدنیا وغدرها، تطرق(علیه السلام) إلى المعاد لیصور المحشر وأحوال الخلائق فیه بحیث لایبقی مجالا للغفلة فقال(علیه السلام): «حتى إذا تصرمت الأمور، وتقضت الدهور، وأزف( 1) النشور» فالعبارات الثلاث إشارة واضحة لنهایة العالم. حیث تعرضت العبارة الاولى إلى فناء وزوال کل شئ: العمر، القدرة والقوة، الأموال والثروة و...، والعبارة الثانیة لانتهاء الشهور والسنوات والقرون، والعبارة الثالثة وهى النتیجة لما تقدم إقتراب الساعة والبعث والقیامة. أما بشأن نهایة العالم والأحداث المهیبة التی ستودی إلى ذلک ـ کما صرح القرآن الکریم ـ وکیفیة عالم البرزخ فانّ الإمام(علیه السلام) لم یتطرق إلى ذلک، بل خاض مباشرة فی بعث الأموات وخروجهم من القبور والتی تمثل لب المطلوب فقال(علیه السلام): «أخرجهم من ضرائح(2) القبور، وأوکار(3) الطیور، وأوجرة(4) السباع، ومطارح(5) المهالک». قد یفارق الإنسان الدنیا إثر الموت بصورة طبیعیة، وقد یموت فی الصحراء لوحده لیکون جسده طعمة للحیوانات المفترسة، وقد یفترسه أحیاناً وحشاً ضاریاً، ویمکن أن یموت غرقاً فی البحر، کما قد تقتله الزلزلة فیبقى جسده تحت الانقاض، فالإمام(علیه السلام) یخبر أنّ اللّه سبحانه علیم بمواضع جمیع هؤلاء وسینشرهم جمیعا للحشر فیحاسبهم على أعمالهم. کما یشیر(علیه السلام)ضمنیاً إلى هذه المسألة وهى أنّ أحدا لایعرف کیف سیفارق الدنیا، وأی موضع سیحوی جسده، الأمر الذی یدعو إلى الاعتبار فقد قال سبحانه بهذا الخصوص: (وَما تَدْرِی نَفْسٌ ماذا تَـکْسِبُ غَداً وَما تَدْرِی نَفْسٌ بِأَىِّ أَرْض تَمُوتُ)(6). والآیة کسائر الآیات الشریفة تعرض بصراحة للمعاد الجسمانی; لأن ما فی القبور أو أعشاش الطیور وکهوف الوحوش هو تراب البدن وعظامه، وإلاّ فالقبر لایضم الروح بعد مفارقتها للبدن، وهذا ما سنتعرض له فی المبحث القادم. ثم قال(علیه السلام): «سراعاً إلى أمره، مهطعین(7) إلى معاده، رعیل(8) صموتاً، قیاماً صفوفاً، ینفذهم البصر، ویسمعهم الداعی» فالعبارة صورة حیة عن وضع العباد فی عرصة المحشر; ویالها من صورة مرعبة مخیفة. وهى العبارة التی ورد شبیهها فی القرآن بخصوص حرکة الإنسان فی المحشر من قبیل المفردة (سِراع)(9) و(یَـنْسِلُونَ)(10) ویعبر أحیاناً اُخرى عن مدى سرعته بالقول ویعبر أحیاناً اُخرى عن مدى سرعته بالقول: (کَأَنَّـهُمْ إِلى نُـصُب یُوفِضُونَ).(11)

فحرکة الناس جماعیة ووقوفهم فی المحشر على شکل صفوف مختلفة، أو أنّ الناس تفصل عن بعضها البعض البعض الآخر تبعاً لأعمالها بحیث یلتحق کل بنظیره فیکون مصیرهم واحدا، أو أنّهم کانوا جماعة فی قبورهم فینطلقون معاً للحساب. القرآن من جانبه قال بهذا الشأن: (یَوْمَ یُنْفَخُ فِی الصُّورِ فَتَـأْتُونَ أَفْواج)(12) ولاشک أنّ سرعة حرکتهم تکشف عن مدى خوفهم واضطرابهم من مصیرهم وتوقعهم لما یفجعهم من حوادث. والعبارة: «ینفذهم البصر» أی هم مع کثرتهم لایخفى منهم أحد عن إدراک اللّه سبحانه وتعالى، وهم مع هذه الکثرة أیضاً لایبقى منهم أحد إلاّ إذا دعا داعی الموت سمع دعاءه. ثم إنتقل(علیه السلام) إلى صورة اُخرى من صور الخلائق فی یوم الحشر فقال(علیه السلام): «علیهم لبوس الاستکانة، وضرع(13) الاستسلام والذلة، قد ظلت الحیل، وانقطع الأمل ، وهوت الافئدة کاظمة، وخشعت الاصوات مهیمنة،(14) وألجم العرق، وعظم الشفق».(15)

لاتبدو ظهور مثل هذه الحالات حین یغلق باب الرجعة ویحکم اللّه بین الخلائق وتخضع کافة الأعمال بصغیرها وکبیرها إلى الحساب العسیر ویعرف الجزاء ویتجسم العقاب الذی ینتظر أهل الذنوب والمعاصی. وقد تضمن القرآن الکریم هذه الأوصاف، بل ما ورد فی الخطبة إنّما إقتبسه الإمام(علیه السلام) من القرآن. فقد قال القرآن فی موضع: (مُهْطِعِـینَ مُقْنِعِی رُؤُوسِـهِمْ لا یَرْتَدُّ إِلَیْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ)(16) وقال فی موضع آخر: (یَوْمَـئِذ یَـتَّبِعُونَ الدّاعِىَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الأَصْواتُ لِلرَّحْمـنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاّ هَمْس)(17). العبارة «ألجم العرق» تعبیر رائع عن ذروة بلاء أهل المحشر، فالخوف والاضطراب من جانب، وحرارة المحشر من جانب آخر، وتدافع الناس وشدة الزحام والارهاق بحیث یغطی العرق أبدانهم حتى إنّ فمهم لیمتلأ عرقاً إذا ما فتحو شفاهم. ثم قال(علیه السلام): «وارعدت السماع لزبرة(18) الداعی إلى فصل الخطاب،ومقایضة(19) الجزاء، ونکال(20) العقاب، ونوال(21) الثواب». والواقع أنّ الخوف إنّما ینبع من عدم معرفة الإنسان لمصیره وما سیؤول إلیه أمره وهو یرى نفسه بین الثواب والعقاب والجنّة والنار. کما أنّ سبب الخوف والذعر هو أن الإنسان لایعلم بمدى إخلاصه فی طاعاته وعباداته، إلى جانب تذکره لبعض زلاته وأخطائه. فالحساب دقیق ولامحاسب هو الشاهد العلیم بکل شئ، ولا من سبیل إلى العودة، کما لیس هنالک من سبیل لأنّ یدافع شخص عن آخر.


1. «أزف» من مادة «ازف» على وزن شرف بمعنى الاقتراب.
2. «ضرائح» جمع «ضریح» بمعنى القبر، أو الشق وسط القبر.
3. «أوکار» جمع «وکر» على وزن مکر بمعنى عش الطیور.
4. «أوجرة» جمع «وجار» الحفر التی تظهر إثر السیول فی الأودیة، کما تطلق على کهف الوحوش.
5. «مطارح» جمع «طرح» الموضع الذی تطرح فیه الأشیاء.
6. سورة لقمان / 34.
7. «مهطعین» مادة «هطع» على وزن منع بمعنى الرعة المصحوبة بالخوف.
8. «رعیل» القطیع من الخیل أو الطیور .
9. سورة المعارج / 43.
10. سورة یس / 51.
11. سورة المعارج / 43.
12. سورة النبأ / 18.
13. «ضرع» على وزن طمع الضعف والخضوع والذل.
14. «مهیمنة» من مادة «هیمنة» متخافیة، الصوت الخفی.
15. «شفق» تعنی فی الأصل إختلاط ضیاء النهار بظلمة اللیل، کما تطلق على خصوص الخوف وبهذا المعنى وردت فی العبارة.
16. سورة ابراهیم / 43.
17. سورة طه / 108.
18. «زبرة» الکلام الشدید ولایقال زبرة إلاّ إذا کان فیها زجر .
19. «مقایضة» من مادة «قیض» على وزن فیض بمعین المعاوضة.
20. «نکال» بمعنى العذاب.
21. ونوال بمعنى النعمة. 

 

القسم الرابع1 ـ أضواء على المعاد الجسمانی
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma