الموت المفاجئ

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثالث
القسم الثالث عشر القسم الرابع عشر

یتطرق الإمام(علیه السلام) فی هذا المقطع من الخطبة إلى نهایة عمر هذا الإنسان الغافل المغرور وکیف یقضی لحظاته الاخیرة ساعة الاحتضار بین قرابته وبطانته، وقد رسم(علیه السلام) صورة تهز النفس البشریة وترعبها من جراء ذلک المشهد، فقال: «دهمته( 1) فجعات المنیّة فی غبّر(2)جماحه(3) وسنن(4) مراحه(5)، فظلّ سادراً،(6) وبات ساهراً، فی غمرات الاْلام، وطوارق الاْوجاع والاْسقام» وقد تم هذا الأمر الذی یشهده هذا المحتضر وهو: «بین أخ شقیق، ووالد شفیق، وداعیة بالویل جزعاً، ولادمة(7) للصّدر قلق». نعم فقد یأس أهله وأقرباؤه من حیاته
وأخذوا بالبکاء وا لعویل علیه; وأنّ هذا الصراخ والعویل یقض مضجعه کلما خفت علیه غصص الموت وأفاق إلى نفسه، فیتطلع إلى الموت الذی یراه بعینه وهى تدور یمیناً وشمالاً من الخوف والرعب: «و المرء فی سکرة ملهثة،(8) وغمرة کارثة،(9) وأنّة موجعة، وجذبة مکربة،(10) وسوقة(11) متعبة». حقاً أنّ الاحتضار وسکرات الموت حالة عجیبة! فهذا الإنسان الذی کان متربعاً بالأمس على عرش السلطة وقد زود بکافة الإمکانات وثمل من کأس الغرور وتفاخر على سائر الکائنات، هو الیوم أسیر الأمراض وقد صعبت حالته حتى یئس منه من حوله فتعالت أصواتهم بالبکاء والصراخ، ولکن ما عسى ذلک أن یجیده نفعاً. وقد شحن التأریخ بالدروس والعبر بما تضمنه من قصص أصحاب القدرة حین طرحوا على فراش الموت واستسلموا له.

فقد روی أنّ المأمون لما أثقل قال: أخرجونی أشرف على عسکری، وانظر إلى رجالی، وأتبین ملکی، وذلک فی اللیل، فاخرج فاشرف على الخیم والجیش وانتشاره وکثرته وما قد أوقد من النیران، فقال: یا من لایزول ملکه، ارحم من قد زال ملکه، ثم رد إلى مرقده وأجلس المعتصم رجلاً یشهده لما ثقل، فرفع الرجل صوته لیقولها، فقال له ابن ماسویه: لاتصح فواللّه مایفرق بین ربّه وبین مانی فی هذا الوقت، ففتح المأمون عینیه من ساعته، وبهما من العظم والکبر الأحمرار ما لم یر مثله قط، وأقبل یحاول البطش بیدیه بابن ماسویه، ورام مخاطبته، فعجز عن ذلک، فرمى بطرفه نحو السماء، وقد إمتلأت عیناه دموعاً، فانطلق لسانه من ساعته، وقال: یا من لایموت ارحم من یموت، وقضى من ساعته، وحمل إلى طوس فدفن فیها.(12) وفیه قال الشاعر:

هل رأیت النجوم أغنت عن المأ *** مون شیئاً وملکه المأنوس

خلفوه بعرصتی طرسوس *** مثل ما خلفوا أباه بطوس


1. «دهمته» من مادة «دهم» على وزن فهم بمعنى الغشاوة وتغطیة الشئ.
2. «غبر» جمع «غابر» یعنی الباقی .
3. «جماح» من مادة «جمح» على وزن جمع التعنت عن الحق، ومن هنا یطلق الجموح على الحیوان الطائش.
4. «سنن» مفرد بمعنى الطریقة وسنن بالضم جمع سنة.
5. «مراح» من مادة «مرح» على وزن فرح شدة السرور المقرونة بالطغوى واستثمار نعم اللّه فی الباطل.
6. «سادرا» تعنی الحیرة کما تعنی الصلافة، والمعنى الأول أنسب للعبارة، بینما المعنى الثانی أنسب للعبارة الاولى التی مرت فی المقطع السابق.
7. «لادمة» من مادة «لدم» على وزن هدم تعنی فی الأصل الضاربة، ومن هنا تطلق اللادمة على المرأة التی تلطمه وجهها ورأسها حین المصاب.
8. «ملهثة» من مادة «لهث» على وزن فحص إخراج الکلب لسانه حین العطش والانزعاج ، ثم اطلقت على من یلهث بشدة وراء الأشیاء .
9. «کارثة» من مادة «کرث» على وزن بحث بمعنى شدة الهم والغم، أو الأسباب التی تدعو إلیها.
10. «مکربة» من مادة «کرب» على وزن غرب بمعنى الوقوع فی أسر الهموم.
11. «سوقة» من ساق المریض نفسه عند الموت سوقا وأسرع فی نزع الروح.
12. مروج الذهب للمسعودی 3/456. 

 

القسم الثالث عشر القسم الرابع عشر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma