لایخفى على أحد خطر علماء السوء والضلالة، فأغلب الجرائم البشعة ا لتی یرتکبها الجهال، إنّما تعود جذورها إلى ما یسمى بهؤلاء العلما، المتطفلین على الدین المفارقین لأحکامه وتعالیمه، أو الذین جعلوا الدین مطیة لدنیاهم. فقد وصفهم أمیرَالمؤمنین علی(علیه السلام)بأدق وصف، فهم جهال خلطوا الجهل بالضلال، فجعلوا أنفسهم أئمة للقرآن یفسرونه برأیهم ویحملون آیاته على رغباتهم وأهوائهم، فاصبحت حیاتهم قائمة على أساس البدع والشبهات والذنوب والمعاصی، إلى جانب تصغیرها فی أعین الناس وتزیینها لهم. فلم تبق لهم من الإنسانیة سوى صورتها، أمّا السیرة فهى حیوانیة تماماً. وقد تواترت الأخبار والروایات إلى جانب الآیات القرآنیة التی لفتت إنتباه الأمّة إلى أخطارهم، لتحذر الناس من مغبة الاستجابه لهم والسقوط فی حبائلهم وشباکهم. فقد روى أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام) عن النبی(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «وإن أهل النار لیتأذون من ریح العالم التارک لعلمه»، بل إنّ الندم یصیبه وتعود مثل هذه الاُمور بالوبال علیه، ومن هنا ورد فی ذیل الحدیث السابق: «وإن أشد أهل النار ندامة وحسرة، رجل دعا عبدا إلى اللّه، فاستجاب له، وقبل منه، فأطاع اللّه، فأدخله اللّه الجنّة، وأدخل الداعی بترک علمه، واتباعه الهوى وطول الأمل»( 1). وقال الإمام الصادق(علیه السلام) أنّ اللّه أوحى إلى نبیّه داود(علیه السلام): «لاتجعل بینی وبینک عالما مفتونا بالدنیا، فیصدک عن طریق محبتی; فان أولئک قطاع طریق عبادی المریدین إلی، إنّ أدنى ما أنا صانع بهم، أن أنزع حلاوة مناجاتی من قلوبهم»(2). فمن بین العلامات التی صرحت بها الروایات والأخبار بشأن علماء السوء والضلالة، ترک العمل بعلمهم، حیث قال رسول اللّه(صلى الله علیه وآله): «لایکون المرء عالماً حتى یکون بعلمه عامل»(3). أمّا العلاّمة البارزة الاُخرى فهى اندفاعهم نحو البدع وتوجیه الضلال والانحراف والانغماس فی الدنیا، وکثرة الزعم والادعاء.

1. الکافی 1/44، باب استعمال العلم، ح 1.
2. علل الشرایع /394.
3. منهاج البراعة 6/185.