بربّ النّاس أعوذ

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 15
سورة النّاس / الآیة 1 ـ 6 1ـ لماذا نستعیذ بالله؟!

فی هذه السّورة یتجه الخطاب إلى رسول الله(صلى الله علیه وآله) باعتباره الأسوة والقدوة:

(قل أعوذ بربّ النّاس * ملک النّاس * إله النّاس).

یلاحظ أن الآیات رکزت على ثلاث من صفات الله سبحانه هی(الربوبیة والمالکیة والألوهیة) وترتبط کلها إرتباطاً مباشراً بتربیة الإنسان ونجاته من براثن الموسوسین.

المقصود من الإستعاذة بالله لیس طبعاً تردید الإستعاذة باللسان فقط، بل على الإنسان أن یلجأ إلیه جلَّ وعلا فی الفکر والعقیدة والعمل أیضاً، مبتعداً عن الطرق الشیطانیة والأفکار المضللة الشیطانیة، والمناهج والمسالک الشیطانیة والمجالس والمحافل الشیطانیة، ومتجهاً على طریق المسیرة الرحمانیة، وإلاّ فإنّ الإنسان الذی أرخى عنان نفسه تجاه وساوس الشیطان لا تکفیه قراءة هذه السّورة ولا تکرار الفاظ الإستعاذة باللسان.

على المستعیذ الحقیقی أن یقرن قوله «ربّ النّاس» بالإعتراف بربوبیة الله تعالى، وبالإنضواء تحت تربیته; وأن یقرن قوله «ملک النّاس» بالخضوع لمالکیته، وبالطاعة التامة لأوامره; وأن یقرن قوله: «إله النّاس» بالسیر على طریق عبودیته، وتجنب عبادة غیره.

ومن کان مؤمناً بهذه الصفات الثلاث; وجعل سلوکه منطلقاً من هذا الإیمان فهو دون شک سیکون فی مأمن من شرّ الموسوسین.

هذه الأوصاف الثلاثة تشکل فی الواقع ثلاثة دروس تربویة هامّة... ثلاث سبل وقایة... وثلاث طرق نجاة من شرّ الموسوسین، إنّها تؤمن على مسیرة الإنسان من الأخطار.

(من شرّ الوسواس الخناس * الّذی یوسوس فی صدور النّاس).

کلمة «الوسواس» أصلها ـ کما یقول الراغب فی المفردات ـ صوت الحُلی (اصطکاک حلیة بحلیة)، ثمّ اطلق على أی صوت خافت، ثمّ على ما یخطر فی القلب من أفکار وتصورات سیئة، لأنّها تشبه الصوت الباهت الذی یوشوش فی الأذن.

«الوسواس»: مصدر، ویأتی بمعنى اسم الفاعل بمعنى الموسوس، وهی فی الآیة بهذا المعنى.

«الخنّاس» صیغة مبالغة من الخنوس وهو التراجع، لأنّ الشیاطین تتراجع عند ذکر اسم الله; والخنوس له معنى الإختفاء أیضاً، لأن التراجع یعقبه الإختفاء عادة.

فقوله سبحانه:(من شرّ الوسواس الخناس) أی أعوذ بالله من شرّ الموسوس ذی الصفة الشیطانیة الذی یهرب ویختفی من ذکر اسم الله.

الشیاطین یمزجون أعمالهم دائماً بالتستر. ویرمون بإلقاءاتهم فی الإنسان بطریقة خفیة حتى یخال الإنسان أن هذه الإلقاءات من بنات أفکاره، وهذا ما یؤدّی إلی ضلاله وغوایته.

عمل الشیطان هو التزیین، واخفاء الباطل تحت طلاء الحق، والکذب فی قشر من الصدق، والذنب فی لباس العبادة، والضلال خلف ستار الهدایة.

وبإیجاز، الموسوسون متسترون، وطرقهم خفیة، وفی هذا تحذیر لکل سالکی طریق الله أن لا یتوقعوا رؤیة الشیاطین فی صورتهم الأصلیة، أو رؤیة مسلکهم على شکله المنحرف. أبداً...فهم موسوسون خناسون... وعملهم الحیلة والمکر والخداع والتظاهر والریاء وإخفاء الحقیقة.

لو أنّ هؤلاء أماطوا اللثام عن وجههم الحقیقی، ولم یخلطوا الحق بالباطل; لو أن هؤلاء قالوا کلمتهم صریحة واضحة «لم یُخف على المرتادین» کما یقول  أمیر المؤمنین علی(علیه السلام) نعم لم یخف فی هذه الحالة على روّاد طریق الحق، ولکنّهم یأخذون شیئاً من هذا وشیئاً من ذاک فیخلطونه وبذلک تنطلی حیلتهم على الآخرین أو کما یقول علی(علیه السلام): «فهنالک یستولی الشیطان على اولیائه».(1)

عبارة «یوسوس» وعبارة «فی صدور النّاس» تأکید على هذا المعنى.

جملة (من الجنّة والنّاس) تنبیه على حقیقة هامّة هی إن «الوسواس الخناس» لا ینحصر وجوده فی مجموعة معینة، ولا فی فئة خاصّة، بل هو موجود فی الجن والإنس...فی کل جماعة وفی کل ملبس، فلابدّ من الحذر منه أینما کان، والإستعاذة بالله منه فی کل أشکاله وصوره.

اصدقاء السوء، والجلساء المنحرفون، وأئمة الظلم والضلال، والولاة الجبابرة الطواغیت، والکتاب والخطباء الفاسدون، والمدارس الإلحادیة والإلتقاطیة المخادعة، ووسائل الإعلام المزوّرة الملفّقة، کلها هی وأمثالها تندرج ضمن المفهوم الواسع للوسواس الخناس وتتطلب من الإَنسان أن یستعیذ بالله منها.


1. نهج البلاغة، الخطبة 50.
سورة النّاس / الآیة 1 ـ 6 1ـ لماذا نستعیذ بالله؟!
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma