التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 15
سبب النّزول1ـ بدایة نزول الوحی مقرون ببدایة حرکة علمیة

(اقرأ باسم ربّک).

الآیة الاُولى فیها خطاب للنّبی(صلى الله علیه وآله) تقول له:

(اقرأ باسم ربّک الذی خلق)(1)، قیل إنّ مفعول إقرأ محذوف وتقدیره: إقرأ القرآن باسم ربّک، وإستدلّ بعضهم بهذه الآیة على أنّ البسملة جزء من سور القرآن.(2)

وقیل: إنّ الباء هنا زائدة، أی إقرأ اسم ربّک، وهذا بعید لأنّ المناسب وهذه الحالة أن یقال اذکر اسم ربّک لا إقرأ...

ویلاحظ هنا قبل کلّ شیء الترکیز على مسألة الربوبیة، ونعلم أنّ «الربّ» یعنی «المالک المصلح»، أی الشخص الذی یملک شیئاً، ویتعهد إصلاحه وتربیته أیضاً.

ولإثبات ربوبیة اللّه جاء ذکر الخلقة... خلقة الکون، إذ إن أفضل دلیل على ربوبیته خالقیته، فالذی یُدبّر العالم هو خالقه.

وهذا فی الحقیقة ردّ على مشرکی العرب الذین قبلوا خالقیة اللّه، وأوکلوا الربوبیة والتدبیر إلى الأوثان، ثمّ إنّ ربوبیة اللّه وتدبیره لنظام الکون أفضل دلیل على إثبات ذاته المقدسة.

ثمّ اختارت الآیة التالیة «الإنسان» باعتباره أهم مظاهر الخلیقة وقالت:

(خلق الإنسان من علق).

«العلق» فی الأصل الإلتصاق بشیء، ولذلک سمّی الدم المنعقد المتلاصق، وهکذا الحیوان الذی یلتصق بالجسم لمصّ الدم، بـ «العلق» والنطفة بعد أن تطوی المراحل الجنینیة الاُولى تتحول إلى قطعة دم متلاصقة هی العلق، وهی مع تفاهتها الظاهریة تعتبر مبدأ خلقة الإنسان، والآیة ترکز على هذه الظاهرة لتبیّن قدرة الرّب العظیمة على خلق هذا الإنسان العجیب من هذه العلقة التافهة.

وقیل: إنّ العلق فی الآیة یعنی الطین الذی خلق منه آدم، وهو أیضاً مادة متلاصقة، وبدیهی أنّ الربّ الذی خلق آدم من طین لازب یستحق کلّ تمجید وثناء.

وقیل أیضاً: أنّ العلق یعنی «صاحب العلاقة»، وفیه إشارة إلى الروح الاجتماعیة للإنسان، والعلاقة الموجودة بین أفراد البشر هی فی الواقع أساس تکامل البشر وتطور الحضارات.

وقال آخرون: إنّ العلق إشارة إلى نطفة الرجل (الحیمن)، وهی تشبه دودة العلق إلى حدّ کبیر، وهذا الموجود المجهری یسبح فی ماء النطفة، ویتجه إلى بویضة المرأة فی الرحم، ویلقحها ویکون منها النطفة الکاملة للإنسان.

والقرآن الکریم بطرحه هذه المسألة یسجل معجزة علمیة اُخرى من معاجزه، إذ لم تکن هذه الاُمور معروفة أبداً فی عصر نزوله.

ومن بین التفاسیر الأربعة، یبدو أنّ التّفسیر الأوّل أوضح، وإن کان الجمع بین التّفاسیر الأربعة ممکن أیضاً.

ممّا تقدم نفهم أنّ «الإنسان» فی الآیة هو آدم حسب أحد التّفاسیر وهو مطلق الإنسان حسب التفاسیر الثلاثة الاُخرى.

وللتأکید، تقول الآیة مرّة اُخرى:

(إقرأ وربّک الأکرم).(3)

قیل: إنّ «إقرأ» فی هذه الآیة تأکید لإقرأ فی الآیة السابقة، وقیل: إنّها تختلف عن الآیة الاُولى، فالاُولى قراءة النبیّ لنفسه، وفی الثّانیة القراءة للناس غیر أنّ الرأی الأوّل أنسب، إذ لا یوجد دلیل على اختلاف الإثنین.

وهذه الآیة فی الواقع جواب على قول الرّسول(صلى الله علیه وآله) لجبرائیل: ما أنا بقاریء، وهذه الآیة تقول: إنّک قادر على القراءة بکرم الرّب وفضله ومنّه.

ثمّ تصف الآیتان التالیتان الربّ الأکرم:

(الذی علم بالقلم).

(علم الإنسان ما لا یعلم).

وهاتان الآیتان أیضاً تتجهان إلى الجواب على قول رسول اللّه(صلى الله علیه وآله): ما أنا بقاریء، أی إنّ اللّه الذی علم البشر بالقلم وکشف لهم المجاهیل، قادر على أن یعلم عبده الأمین القراءة والتلاوة.

جملة (الذی علم بالقلم) تحتمل معنیین.

الأوّل: أنّ اللّه علم الإنسان الکتابة، وأعطاه هذه القدرة العظیمة التی هی منبثق تاریخ البشر، ومنطلق جمیع العلوم والفنون والحضارات.

والثّانی: المقصود أنّ اللّه علم الإنسان جمیع العلوم عن طریق القلم وبوسیلة الکتابة.

وبإیجاز إمّا أن یکون التعلیم، تعلیم الکتابة، أو تعلیم العلوم عن طریق الکتابة.

وهو ـ على أی حال ـ تعبیر عمیق المعنى فی تلک اللحظات الحساسة من بدایة نزول الوحی.


1. الراغب فی المفردات یقول: إنّ القراءة تعنی ضم الحروف والکلمات إلى بعضها. ولذلک لا یقال لنطق الحرف قراءة.
2. «الباء» فی هذه الحالة للملابسة.
3. جملة (وربّک الأکرم) جملة استئنافیة مکونة من مبتدأ وخبر.
سبب النّزول1ـ بدایة نزول الوحی مقرون ببدایة حرکة علمیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma