أغلب مفاسد العالم مصدرها الفئات المرفهة والمستکبرة فی المجتمع، وهذه الفئات کانت دائماً فی مقدمة أعداء دعوة الأنبیاء، وهؤلاء یطلق علیهم القرآن أحیاناً: (المل)(1) وأحیاناً (المترفین)(2) وأحیاناً (المستکبرین)(3).
المجموعة الاُولى: هم الأشراف المنتفشون فی الظاهر، الفارغون فی الداخل.
والثّانیة: هم الغارقون فی الرخاء ویعیشون فی سکرة وغرور بمعزل عن الآم الآخرین.
والثّالثة: هم الراکبون رؤوسهم کبراً وغروراً والغافلون عن اللّه وعن الخلق.
ودافع کل اُولئک إحساسهم بالإستغناء، وهذه طبیعة الأفراد الذین یعیشون ضیق الافق حیث تسکرهم النعمة، ویزلزل توازنهم المال والمقام، فیعیشون شعور الإستغناء ینسیهم ذکر اللّه، بینما نعلم أنّ نسمة من الهواء قادرة على أن تطوی سجل أیّامهم، وأنّ حادثة کسیل أو زلزال أو صاعقة قادرة على أن تبید أموالهم... وأنّ شرقة بالماء قادرة على أن تخطف أرواحهم.
أیة غفلة هذه تصیب جماعة تجعلهم یشعرون بالإستغناء، وتدفعهم إلى امتطاء مرکب الغرور لیصولوا ویجولوا فی الساحة الإجتماعیة!! نستجیر باللّه من هذا الجهل ومن هذه الغفلة والطغیان!
وللتغلب على هذه الحالة یکفی أن یلتفت الإنسان قلیلاً إلى ضعفه الشدید وإلى قدرة اللّه المطلقة، وأن یتصفح تاریخ السابقین لیرى مصیر أقوام أکثر منه قوّة ومکنة.
اللّهم احفظنا من الکبر والغرور فهما أساس الإبتعاد عنک.
ربّنا! لا تکلنا إلى أنفسنا طرفة عین فی الدنیا والآخرة.
یا ربّ العالمین! وفقنا لأن نمرّغ فی التراب اُنوف هؤلاء المستکبرین المغرورین الذین یصدون عن سبیلک، وأن نحبط مخططاتهم ومؤامراتهم.
آمین یا ربّ العالمین
نهایة سورة العلق
1. الاعراف، 60.
2. سبأ، 34.
3. المؤمنون، 67.
