تناول القرآن الکریم فی مواضع متعددة ما للذنوب من تأثیرات سلبیة على إظلام القلب وتلویثه، فقد جاء فی الآیة 35 من سورة المؤمن: (کذلک یطبع اللّه على قلب کلّ متکبر جبّار).
وقال فی موضع آخر: (ختم اللّه على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظیم)(1).
وجاء فی الآیة 46 من سورة الحج: (فإنّها لا تعمى الأبصار ولکن تعمى القلوب التی فی الصّدور).
نعم.. فأسوأ ما للإستمرار فی الذنوب من آثار: إسوداد القلب، فقدان نور العلم، موت قدرة التشخیص بین ما هو حق وباطل.
فآثار ما تقترفه الجوارح من ذنوب تصل إلى القلب وتحوله إلى مستنقع آسن، وعندها لا یقوى الإنسان على تشخیص طریق خلاصه، فیهوى فی حفر الضلالة التی توصله لأدنى درکات الإنحطاط، وتکون النتیجة أن یرمی ذلک الإنسان مفتاح سعادته بنفسه من یده، ولا یجنی حینها إلاّ الخیبة والخسران.
وروی عن النّبی(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «کثرة الذنوب مفسدة للقلب».(2)
وفی حدیث آخر: «إنّ العبد إذا أذنب ذنباً نکتت فی قلبه نکتة سوداء، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه، وإن عاد زادت حتى تعلو قلبه، فذلک الرین الذی ذکر اللّه فی القرآن: (کلاّ بل ران على قلوبهم ما کانوا یکسبون)(3).
وروی الحدیث (بتفاوت یسیر) عن الإمام الباقر(علیه السلام)(4).
وعن رسول اللّه(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «تذاکروا وتلاقوا وتحدثوا فإنّ الحدیث جلاء للقلوب، إنّ القلوب لترین کما یرین السیف، وجلائه الحدیث».(5)
ومن الثابت فی علم النفس، أنّ للأعمال الأثر الکبیر على نفسیة وروحیة الإنسان، فنفسیة الإنسان تتکیف تدریجیاً على ضوء تلک الآثار، وبالنتیجة سینعکس ذلک على فکر وآراء الإنسان.
وینبغی التنویه إلى أنّ روح الإنسان تتعامل طردیاً مع الذنوب، فمع استمرار الذنوب تغوص الروح فی أعماق الظلام لحظة بلحظة، حتى تصل إلى درجة یبدأ الإنسان یرى سیئاته حسنات، وربّما یتفاخر بها! وعندها.. ستغلق أمامه أبواب العودة: (إلاّ أن یشاء اللّه)، وهذه الحال من أخطر ما تعرض للإنسان فی حیاته الدنیویة من حالات.
1. البقرة، 7.
2. تفسیر الدرالمنثور، ج 6، ص 326.
3. تفسیر الدر المنثور، ج 6، ص 325.
4. تفسیر نورالثقلین، ج 5، ص 531، ح 22.
5. المصدر السابق، ح 23.
