سبب الطغیان

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 15
سورة العلق / الآیة 6 ـ 14 عالم الوجود محضر اللّه

استتباعاً للآیات السابقة التی تحدثت عن النِعم المادیة والمعنویة الإلهیّة على الإنسان... والنِعَم التی تستلزم شکر الإنسان وتسلیمه أمام اللّه، هذه الآیات تبدأ بالقول: لیست نِعَم اللّه تحیی روح الشکر فی الإنسان دائماً، بل إنّه یطغى:

(کلاّ إنّ الإنسان لیطغى)(1) ومتى یکون ذلک؟ فیما لو رأى نفسه مستغنیاً وغیر محتاج.

(أن رآه استغنى)(2).

هذه طبیعة أغلب أفراد البشر... الأفراد الذین لم یتربوا فی مدرسة العقل والوحی، حین یرون أنفسهم مستغنین غیر محتاجین یعمدون إلى الطغیان، وینسلخون من عبودیة اللّه، ویرفضون الإعتراف بأحکامه، ویصمّون أذانهم عن ندائه، ولا یراعون حقّاً ولا عدلاً.

لا الإنسان ولا أی مخلوق آخر قادر على أن یستغنی، بل کلّ الموجودات الممکنة بحاجة إلى لطف اللّه ونِعَمِه، وإذا انقطع فیضه سبحانه عنها لحظة واحدة، ففی هذه اللحظة بالذات تفنى بأجمعها، غیر أنّ الإنسان یحسّ خطأ أحیاناً أنّه مستغن غیر محتاج، والقرآن یشیر إلى هذا الإحساس بعبارة دقیقة یقول: (أن رآه استغنى) لم یقل أن استغنى.

قیل: إنّ المقصود بالإنسان فی الآیة أبو جهل الذی کان یطغى أمام الدعوة لکن مفهوم الإنسان هنا عام، وأمثال أبی جهل مصادیق له.

یبدو أنّ الهدف من الآیة الفات نظر الرّسول(صلى الله علیه وآله) بمنعطفات الطبیعة البشریة کی لا یتوقع قولاً سریعاً من النّاس لدعوته، ولیعدّ نفسه لإنکار المنکرین ومعارضة الطغاة المستکبرین، ولیعلم أنّ الطریق أمامه وعر ملیء بالمصاعب.

ثمّ یأتی التهدید لهؤلاء الطغاة المستکبرین وتقول الآیة التالیة:

(إن إلى ربّک الرجعى) وهو الذی یعاقب الطغاة على ما اقترفوه، وکما أنّ رجوع کلّ شیء إلیه، ومیراث السماوات والأرض له سبحانه: (وللّه میراث السماوات والأرض)(3) فکل شیء فی البدایة منه، ولا مبرّر للإنسان أن یشعر بالإستغناء ویطغى.

ثمّ تتحدث الآیات التالیة عن بعض أعمال الطغاة المغرورین، مثل صدّهم عباد اللّه عن السیر فی طریق الحقّ.

(أرأیت الذی ینهى).

(عبداً إذا صلّى)؟!

ألا یستحق مثل هؤلاء عذاباً سحیقاً؟!

وفی الحدیث أن أبا جهل قال: «هل یعفّر محمّد وجهه بین أظهرکم (أی هل یسجد محمّد بینکم) قالوا: نعم، قال: فبالذی یحلف به لئن رأیته یفعل ذلک لأطأنَّ على رقبته. فقیل له: ها هو ذاک یصلّی، فانطلق لیطأ على رقبته، فما فاجأهم إلاّ وهو ینکص على عقبیه، ویتقی بیدیه. فقالوا: مالک یا أبا الحکم؟! قال: إنّ بینی وبینه خندقاً من نار، وهولاً، وأجنحة. وقال نبیّ اللّه: والذی نفسی بیده لو دنا منّی لاختطفته الملائکة عضواً عضواً. فأنزل اللّه سبحانه: (أرأیت الذی ینهى) إلى آخر السّورة»(4).

حسب هذه الرّوایة: الآیات التی نحن بصددها لم تنزل فی بدایة البعثة، بل نزلت حین أعلنت الدعوة، ولذلک قیل إنّ الآیات الخمس الاُولى هی التی کانت أوّل مانزل من الوحی والباقی بعد ذلک بمدّة.

على أی حال، سبب نزول الآیات لا یمنع من سعة مفهومها.

الآیات التالیة تأکید على نفس المفاهیم.

(أرأیت إن کان على الهدى).

(أو أمر بالتقوى).

أی أرأیت إن کان هذا العبد المصلّی على الهدى أو أمر بالتقوى فهل یصح نهیه؟ ألا یستحق من ینهاه النّار؟

(أرأیت إن کذّب وتولّى)(5) ولو کذّب هذا الطاغیة بالحق وتولى وأعرض عنه فماذا سیکون مصیره؟

(ألم یعلم بأن اللّه یرى) ویثبت کلّ شیء لیوم الجزاء والحساب.

والتعبیر بالقضیة الشرطیة فی الآیتین إشارة إلى أن هذا الطاغی المغرور ینبغی أن یحتمل ـ على الأقل ـ أنّ النّبی على طریق الهدایة ودعوته تتجه إلى التقوى،. وهذا الاحتمال وحده کاف لصده عن الطغیان.

من هنا فمفهوم الآیات لیس فیه تردید فی هدایة النّبی ودعوته إلى التقوى، بل ینطوی على إشارة دقیقة إلى المعنى المذکور.

بعض المفسّرین أرجع الضمیر فی «کان» و«أمر» إلى الشخص الطاغی الناهی، مثل أبی جهل، ویکون المعنى عندئذ: أرأیت إن قبل هذا هدایة الإسلام، وأمر بالتقوى بدلاً من نهیه عن الصلاة، فما أنفع ذلک له!

لکن التّفسیر الأوّل أنسب!


1. حسب المعنى الذی ذکرناه للآیة (کل) هنا للردع بالنسبة لما یستلزمه مضمون الآیات السابقة وقیل أیضاً أنّها بمعنى «حقّاً» للتأکید.
2. جملة (أن رآه استغنى) مفعول لأجله، والتقدیر: (لأنّ...) والرؤیة هنا بمعنى العلم ولذا نصبت مفعولین، ویحتمل أیضاً أن تکون الرؤیة هنا حسّیة. و«استغنى» تکون عندئذ بمثابة الحال.
3. آل عمران، 180.
4. تفسیر مجمع البیان، ج 10، ص 515.
5. إن عبارة «رأیت» فی الآیات الثلاث اعلاه بمعنى «أخبرنی» کما ذهب الى ذلک کثیر من المفسرین، وجواب الشرط محذوف وتقدیره «کیف یکون حاله ومجازاته وعذابه». 
سورة العلق / الآیة 6 ـ 14 عالم الوجود محضر اللّه
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma