المشهور أنّ هذه السّورة نزلت فی مکّة، وقیل: فی المدینة، وقیل: من المحتمل أنّها نزلت مرّتین فی مکّة والمدینة، لکن الرّوایات فی سبب نزول السّورة تؤید أنّها مکّیة.
ذکر فی سبب نزول السّورة: أنّ «العاص بن وائل» رأى رسول اللّه(صلى الله علیه وآله) یخرج من المسجد، فالتقیا عند باب بنی سهم، وتحدثا، واُناس من صنادید قریش جلوس فی المسجد. فلما دخل «العاص» قیل له من الذی کنت تتحدث معه؟ قال: ذلک الأبتر. وکان قد توفی عبد اللّه بن رسول اللّه(صلى الله علیه وآله) وهومن خدیجة، وکانوا یسمون من لیس له ابن أبتر. فسمته قریش عند موت ابنه أبتر. (فنزلت السّورة تبشر النّبی بالنعم الوافرة والکوثر وتصف عدوّه بالأبتر)(1).
ولمزید من التوضیح نذکر أنّ النّبی کان له ولدان من اُم المؤمنین خدیجة(علیها السلام) أحدهما «القاسم» والآخر «الطاهر» ویسمى أیضاً عبد اللّه. وتوفی کلاهما فی مکّة، وأصبح النّبی من دون ولد. هذه المسألة وفرت للأعداء فرصة الطعن بالنّبی فسمّوه الأبتر(2).
والعرب حسب تقالیدها کانت تعیر أهمّیة بالغة للولد، وتعتبره امتداداً لمهام الأب. بعد وفاة عبد اللّه خال الأعداء أنّ الرسالة سوف تنتهی بوفاة الرّسول(صلى الله علیه وآله).
السّورة نزلت لتردّ على هؤلاء الأعداء بشکل إعجازی ولتقول لهم: إنّ عدوّ الرسول هو الأبتر، وأن الرسالة سوف تستمر وتتواصل وهذه البشرى بددت من جهة آمال الأعداء وطیبت خاطر النّبی(صلى الله علیه وآله) بعد أن اغتم من لمز الأعداء وتآمرهم.