یطرح هنا سؤال بشأن ما تحدثت عنه الآیات وهو أنّ الإنسان یرى کلّ أعماله صالحة أم طالحة، صغیرة أم کبیرة. فکیف ینسجم ذلک مع الآیات التی تطرح مفاهیم «الإحباط» و«التکفیر» و«العفو» و«التوبة»؟
فآیات «الإحباط» تقرر أنّ بعض السیئات مثل الکفر یذهبن الحسنات: (لئن أشرکت لیحبطن عملک)(1).
وآیات «التکفیر» تقول: (إنّ الحسنات یذهبن السیئات)(2).
وآیات «العفو والتوبة» توضح محو الذنوب بتوبة العبد وعفو الرب.
فکیف تنسجم هذه المفاهیم مع رؤیة کلّ أعمال الخیر والسوء؟
والجواب: أنّ الآیات المذکورة أعلاه والتی تنص على رؤیة أعمال الخیر وأعمال السوء یوم القیامة هو أصل کلی وقانون عام، وکلّ قانون قد یکون له استثناءات، وآیات العفو والتوبة والإحباط والتکفیر هی من هذه الاستثناءات.
وثمّة جواب آخر هو إنّه فی حالة الإحباط والتکفیر تحدث فی الواقع موازنة وکسر وانکسار تماماً مثل «المطالبات» و«القروض» التی یقل بعضها على حساب بعض، وحینما یرى الإنسان نتیجة هذه الموازنة فإنّما رأى فی الواقع کلّ أعماله الصالحة والطالحة، ومثل هذا یصدق أیضاً على «العفو» و«التوبة» لأنّ العفو لا یتمّ دون لیاقة، والتوبة هی بنفسها من الأعمال الصالحة.
بعضهم ذکر هنا جواباً لا یبدو صحیحاً، وهو أنّ الکفّار یرون نتیجة أعمالهم الصالحة فی هذه الدنیا، وهکذا المؤمنون ینالون جزاء أعمالهم السیئة فی هذا العالم.
والظاهر أنّ الآیات التی نحن بصددها ترتبط بالقیامة لا بالدنیا، أضف إلى ذلک لیست هناک قاعدة کلیّة تقضی أن یرى کل مؤمن وکافر نتیجة أعماله فی هذه الدنیا.