القرآن تعرض للحدیث عن مسألة الجهاد وعظمة المجاهدین فی سبیل اللّه فی مواضع عدیدة، ولکن الحدیث فی هذه السّورة فرید فی تعظیمه للجهاد إذ عدّ حتى أنفاس خیل المجاهدین وشرر حوافرها والغبار الذی تثیره عظیمة استحقت أن یقسم بها.

ورکزت الآیات بشکل خاص على السرعة والعمل الخاطف للمجاهدین باعتباره أحد عوامل النصر فی الحروب، وعلى المباغتة باعتبارها عاملاً آخر من عوامل الإنتصار فی الحرب.

وکلّ هذه تعالیم فی منهج الجهاد.

ویلفت النظر فی سبب نزول الآیة أنّ علیّ(علیه السلام) أمر أن تسرج الخیل فی ظلام اللیل وأن تعدّ إعداداً کاملاً، وحینما انفلق الفجر وزالت العتمة صلى بالنّاس الصبح، وشنّ هجومه مباشرة، وما أن انتبه العدوّ حتى وجد نفسه تحت وطأة خیل جیش الإسلام.

هذه الحملة السریعة المباغتة جعلت إصابات المسلمین أقلّ ما یمکن، وحسمت الحرب خلال ساعات، وهذه المسائل انعکست جمیعاً فی آیات هذه السّورة بشکل دقیق رائع.

واضح أنّ محور التکریم فی هذه السّورة لیس الخیل أو شرارة حوافرها أو الغبار المتصاعد من تحت أرجلها بل هو «الجهاد»، ثمّ «عُدّته» التی تشمل کلّّ أنواع أجهزة الحرب فی أی زمان... تشمل کلّ أنواع «القوّة» المذکورة بشکل عام مطلق إلى جانب ذکر «رباط الخیل» فی الآیة 60 من سورة الأنفال.

ربّنا! وفقنا للجهاد والتضحیة فی سبیل رضاک.

إلهنا! النفس الجامحة تجنح إلى الکفران... فاحفظنا من أخطارها.

اللّهم! أنت علیم بسرائرنا وخبیر بأعمالنا ما ظهر منها وما بطن فارفق بنا بلطفک وفضلک یا أرحم الراحمین.

آمین یا ربّ العالمین

نهایة سورة العادیات