بحوث

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 15
العقبة!محتوى السّورة

وهنا یلزم الإلتفات إلى عدّة بحوث:

المقصود من «فک رقبة» على الظاهر هو تحریر العبد والرقیق.

روی أنّ أعرابیاً جاء إلى النّبی(صلى الله علیه وآله) فقال: یا رسول اللّه علمنی عملاً یدخلنی الجنّة.

أجابه رسول اللّه(صلى الله علیه وآله): «إن کنت أقصرت الخطبة لقد عرضت المسألة(1) اعتق النسمة وفک الرقبة».

فقال الأعرابی: أوَلیسا واحداً؟!

قال: «لا، عتق النسمة أن تنفرد بعتقها، وفک الرقبة أن تعین فی ثمنها».

ثمّ قال: «والفیء على ذی الرحم الظالم، فإنّ لم یکن ذلک فأطعم الجائع واسق الظمآن وأمر بالمعروف وانه عن المنکر، فإنّ لم تطق ذلک، فکفّ لسانک إلاّ من الخیر»(2).

قال بعض المفسّرین أن معنى «فک رقبة» تحریر الفرد رقبته من الذنوب بالتوبة، أو تحریر نفسه من العذاب الإلهی بتحمل الطاعات، غیر أن ما جاء فی الآیات التالیة من توصیة بالیتیم والمسکین یؤید أن المقصود هو تحریر رقبة العبد.

3ـ «المسغبة» من «سغب» على وزن «غضب» وهو الجوع، و«یوم ذی مسغبة» أی وقت المجاعة، والجیاع موجودون فی المجتمع عادة، والآیة إنّما تؤکّد على إطعامهم فی زمان المجاعة لأهمّیة الموضوع، وإلاّ فإنّ اشباع الجیاع هو دائماً من أفضل الأعمال.

وروی عن النّبی(صلى الله علیه وآله) قال: «من أشبع جائعاً فی یوم سغب ادخله اللّه یوم القیامة من باب من أبواب الجنّة لا یدخلها إلاّ من فعل مثل ما فعل»(3).

4ـ «المقربة» بمعنى القرابة والرحم، والتأکید على الأقرباء من الیتامى فی الآیة إنّما هو لمراعاة الأولویة وللتأکید على تصاعد المسؤولیة تجاههم، لا لحصر الإطعام بهذا القسم من الیتامى.

ثمّ إنّ غمط حقوق الیتامى فی ذلک العصر خاصة على ید الأقرباء استدعى التحذیر من هذه العقبة بالذات.

وذهب «أبو الفتوح الرازی» إلى أنّ «المقربة» لیست من القرابة، بل من «القرب» إشارة إلى التصاق بطون الجیاع من شدّة الجوع(4). ونستبعد کثیراً هذا المعنى فی تفسیر الآیة.

5ـ «المتربة» مصدر میمی من «ترب»، وساکن التراب من شدّة فقره هو ذو المتربة، والتأکید على هذا النمط من المساکین لأولویتهم أیضاً، إذ إطعام أی مسکین عمل مستحسن.

وروی أنّ الإمام علی بن موسى الرض(علیه السلام) إذا أکل أتى بصحفة فتوضع قرب مائدته، فیعمد إلى أطیب الطعام ممّا یؤتى به فیأخذ من کلّ شیء شیئاً فیضع فی تلک الصفحة ثمّ یأمر بها للمساکین، ثمّ یتلو هذه الآیة: (فلا اقتحم العقبة).

ثمّ یقول: «علم اللّه عزّوجلّ أنّه لیس کلّ إنسان یقدر على عتق رقبة فجعل لهم السبیل إلى الجنّة»(5).

ثمّ تواصل الآیة التالیة بیان طبیعة هذه العقبة، وسبل اجتیازها فتقول: (ثمّ کان من الذین آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة).

فالقادرون على اجتیاز هذه العقبة متحلون بالإیمان ومتواصون بالصبر والإستقامة على الطریق، ومتواصون بالرحمة والعطف.

وبهذا السیاق القرآنی لبیان طبیعة العقبة نفهم أن القادرین على اجتیازها هم المتحلون بالإیمان والخلق الکریم کالتواصی بالصبر والرحمة، وذوو أعمال البّر والإحسان کتحریر العبید وإطعام الأیتام والمساکین، إنّهم بعبارة اُولئک الذین یلجون میادین الإیمان والأخلاق والعمل ویخرجون منها ظافرین منتصرین.

العطف بالحرف «ثمّ» لا یعنی دائماً التأخیر الزمنی، أی لا یعنی أن عملیة الإطعام والإنفاق یجب أن تتقدم على الإیمان، بل إن هذا الحرف فی مثل هذه الموارد ـ کما صرّح بذلک جمع من المفسّرین ـ لبیان علو المرتبة، إذ من المؤکّد أنّ رتبة الإیمان والتوصیة بالصبر مرحلة أسمى وأعلى من مساعدة المحتاجین، بل الأعمال الصالحة تنبثق من ذلک الإیمان وتلک الأخلاق، وکلّ ما یفعله الإنسان تجد جذوره فی معتقداته وأخلاقیاته.

واحتمل بعضهم أن «ثمّ» تفید هنا التأخیر الزمنی، لأنّ أعمال الخیر قد تکون منطلقاً للتوجه نحو الإیمان، وهی بخاصة ذات تأثیر فی ترسیخ دعائم الأخلاق، إذ أن أخلاق الإنسان تبدأ بشکل «فعل» ثمّ تتحول إلى «حالة» ثمّ تتحول إلى «عادة» ثمّ تصبح «ملکة».

والتعبیر بکلمة «تواصوا» وتعنی تبادل التوصیة، لها دلالة اجتماعیة هامّة، هی إن عملیة التواصی بالسیر على طریق الحق وبالإستقامة على طاعة اللّه ومکافحة جموح الأهواء النفسیة، وبالحبّ والرحمة لیست عملیة فردیة یل یجب أن یتخذ طابعاً اجتماعیاً عامّاً فی کلّ المجتمع الإیمانی، وکلّ الأفراد مسؤولون أن یوصی بعضهم الآخر بحفظ هذه الاُصول. وعن هذا الطریق أیضاً تتعمق عرى التلاحم والإجتماعی.

وقال بعضهم إنّ «الصبر» فی الآیة إشارة إلى توطین النفس على طاعة اللّه والإهتمام بأوامره، و«المرحمة» إشارة إلى علاقة الودّ مع النّاس، ونعلم أن أساس الدین هو تنظیم هذه الرابطة بین العبد وربّه، وبین الإنسان وأخیه الإنسان.

وفی خاتمة هذه الأوصاف تذکر السّورة مکانة المتحلین بها فتقول: (اُولئک أصحاب المیمنة).

فصحیفة أعمالهم تسلّم إلیهم، فی محضر اللّه سبحانه وتعالى، بیدهم الیمنى.

ویحتمل أن تکون «المیمنة» من «الُیمن» والبرکة، أی إنّ أصحاب هذه الصفات ذوو برکة لأنفسهم ولمجتمعهم.

ثمّ تتعرض الآیة لتصویر حالة الفاشلین فی إجتیاز «العقبة» فتقول:

(والذین کفروا بآیاتنا هم أصحاب المشئمة).

و«المشئمة» من «الشؤم» تقابل «المیمنة» من «الیُمن»، أی إنّ هؤلاء الکافرین مشؤومون لا یُمن فیهم ولا برکة، بل هم عامل شقاء لأنفسهم ولمجتمعهم ثمّ إنّ علامة شؤم الفرد یوم القیامة تسلّمه صحیفة أعماله بیده الیسرى، ومن هنا ذهب بعض المفسّرین إلى أنّ «المشئمة» هی الیسار مقابل الیمین، أی إنّ الذین کفروا بآیات اللّه الذین یتسلمون صحائف أعمالهم بیدهم الیسرى خاصّة وأنّ مادة «شؤم» جاءت فی اللغة بمعنى الیسار أیض(6).

وفی الآیة الأخیرة من السّورة إشارة قصیرة ذات دلالة عمیقة إلى جزاء هذه الفئة الأخیرة: (علیهم نار مؤصدة).

و«الإیصاد» إحکام الغلق، وواضح أنّ الإنسان ـ حین یکون فی غرفة حارّة الجوّ ـ یتوق إلى فتح أبوابها، لیهبّ علیه نسیم یلطف الهواء، فما بالک إذا کان فی محرقة جهنّم والأبواب کلها موصدة علیه؟!

اللّهم! قنا عذاب جهنّم إنّ عذابها کان غراماً...

اللّهم! وفقنا لإجتیاز ما یعتری طریقنا من عقبات.. ولا توفیق إلاّ بک.

اللّهم! اجعلنا من أصحاب المیمنة: واحشرنا مع الصالحین والأبرار.

آمین یا ربّ العالمین

نهایة سورة البلد


1. أی لقد طرحت بوضوح سؤالک، وإن کنت اجملت فی الکلام.
2. تفسیر نورالثقلین، ج 5، ص 583.
3. تفسیر مجمع البیان، ج 10، ص 495.
4. تفسیر روح الجنان، ج 12، ص 96.
5. تفسیر المیزان، ج 20، ص 424، نقلاً عن أصول الکافی.
6. تفسیر روح الجنان، ج 12، ص 97، ولسان العرب، والمنجد، مادة (شأم).
العقبة!محتوى السّورة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma