قوم «ثمود» ـ کما ذکرنا ـ کانوا یقطنون أرضاً بین الشام ویثرب تسمى (وادی القرى)... یعبدون الأوثان... ویمارسون ألوان الآثام. بعث اللّه سبحانه فیهم «صالحاً»(علیه السلام) یدعوهم إلى طریقة الهدایة والنجاة، لکنّهم أبوا إلاّ أن یعکفوا على أوثانهم ویمارسوا طغیانهم.
وعندما طلبوا من نبیّهم معجزة، أرسل اللّه إلیهم «ناقة» بطریق إعجازی من قلب جبل، ولکنّهم کلفوا بامتحان یتلخص فی تقسیم ماء المدینة بینهم وبین الناقة... یوم لها ویوم لهم. وفی الأثر أنّ القوم کانوا یستفیدون من لبن الناقة فی یوم منعهم من الماء، لکن المعجزة لم تخفف من غلواء لجاجهم وعنادهم، فخططوا لقتل الناقة وقتل صالح أیضاً لأنّهم رأوا فیه عقبة أمام شهواتهم ومیولهم.
خطة «قتل الناقة» نفذت کما ذکرنا على ید شقی قسیّ اسمه «قدار بن سالف»، وکان ذلک فی الحقیقة إعلان حرب على اللّه، لأنّهم أرادوا بقتل هذه الناقة التی کانت معجزة نبیّ اللّه صالح أن یطفئوا نور الهدایة، عندئذ أنذرهم صالح أن یتمتعوا فی بیوتهم بما شاؤوا من اللذات ثلاثة أیّام لینزل العذاب بعدها علیهم جمیعاً. (سورة هود ـ الآیة 65).
هذه الأیّام الثلاثة کانت فی الواقع فرصة لإعادة النظر، وآخر مهلة للعودة والتوبة، لکنّهم أبوا إلاّ طغیاناً بل ازدادوا عتوّاً، وهنا حلّ علیهم العذاب الإلهی، وجاءت الصیحة
السماویة(1) لتدک أرضهم، ولتبیدهم فی دورهم: (وأخذ الذین ظلموا الصیحة فأصبحوا فی دیارهم جاثمین)(2).
تفاصیل قصّة ثمود وردت ذیل الآیات 62 ـ 68 من سورة هود، من هذا التّفسیر.