عند فتح مکّة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 15
عند انبلاج فجر النصرمحتوى السّورة

فتح مکّة ـ کما ذکرنا ـ فتح صفحة جدیدة فی تاریخ الإسلام، ودحر الأعداء بعد عشرین عاماً من المقاومة، وتطهرت أرض الجزیرة العربیة من الشرک والأوثان، والإسلام تأهب لدعوة بقیة أصقاع العالم.

ملخص الواقعة على النحو التالی:

بعد صلح الحدیبیة، عمد المشرکون إلى نقض العهد، وإلى خرق بنود وثیقة الصلح، واعتدوا على المتحالفین مع رسول الله(صلى الله علیه وآله). فشکى المتحالفون ذلک إلى الرسول، فقرر النّبی أن یهب لحمایتهم.

من جهة اُخرى، الظروف فی مکّة ـ حیث مرکز الوثنیة والإصنام والشرک والنفاق ـ توفرت لتطهیرها. وهذه مهمّة کان لابدّ من أدائها فی وقت من الأوقات. لذلک استعد النّبی للحرکة بأمر الله سبحانه صوب مکّة.

فتح مکّة تمّ فی ثلاث مراحل. المرحلة التمهیدیة وفیها تمّ تعبئة القوى اللازمة واختیار الظروف الزمانیة المساعدة، وجمع المعلومات الکافیة عن العدوّ، والمرحلة الثّانیة کانت فتح مکّة باسلوب ماهر خال من التلفات، والمرحلة الأخیرة هی مرحلة عطاء الفتح وآثاره.

هذه المرحلة اتصفت بالدقّة المتناهیة، ورسول الله(صلى الله علیه وآله) سیطر على الطریق بین مکّة والمدینة سیطرة تامّة حتى لا یسرب خبر هذا الاستعداد الإسلامی إلى مکّة، ولکی یتمّ الفتح بشکل مباغت، وهذا أدى إلى فتح مکّة دون إراقة دماء تقریباً.

انقطاع اخبار المدینة عن مکّة کان متقناً، حتى أن شخصاً من ضعاف الإیمان اسمه «حاطب بن أبی بلتعة» کتب رسالة إلى قریش یخبرهم بأمر المسلمین فی المدینة، وبعثها بید امرأة من قبیلة «مزینة» اسمها «کفود»، أو«سارة»، فعلم بها النّبی(صلى الله علیه وآله) بطریق إعجازی، وبعث علیّ(علیه السلام) إلى المرأة، فوجدها فی منزل بین مکّة والمدینة. أخذ منها الرسالة وأعادها إلى المدینة، وقد أوردنا قصّتها فی تفسیر الآیة الأولى من سورة الممتحنة.

النّبی(صلى الله علیه وآله) استخلف أحد المسلمین على المدینة، وتوجه فی العاشر من رمضان سنة ثمان للهجرة إلى مکّة، ووصلها بعد عشرة أیّام.

فی الطریق التقى الرسول(صلى الله علیه وآله) بعمّه العباس وهو یهاجر من مکّة إلى المدینة، فطلب منه النّبی(صلى الله علیه وآله) أن یرسل متاعه إلى المدینة ویلتحق بالمسلمین، وأخبره بأنّه آخر مهاجر.

وصل المسلمون إلى مشارف مکّة وعسکروا عند «مرّ الظهران» على بعد عدّة کیلومترات من مکّة، وفی اللیل أشعلوا نیران کثیرة لإعداد الطعام (ولعلهم فعلوا ذلک لإثبات تواجدهم الواسع). رأى جمع من أهل مکّة هذا المنظر فتحیروا.

أخبار الزحف الإسلامی کانت لا تزال خافیة على قریش، فی تلک اللیلة خرج «أبو سفیان» ومعه عدد من سراة قریش للإستطلاع خارج مکّة، وفی نفس اللیلة قال العباس عم النّبی(صلى الله علیه وآله): یا سوء صباح قریش، والله لئن باغتها رسول الله فی دیارها فدخل مکّة عنوة إنّه لهلاک قریش إلى آخر الدهر، فاستأذن رسول الله وخرج على بغلته لعله یرى أحداً متجهاً إلى مکّة فیخبرهم بمکان رسول الله فیأتونه فیستأمنونه.

وبینما العباس یطوف بأطراف مکّة إذ سمع صوت أبی سفیان ومعه القرشیون الذین خرجوا یتجسّسون، فقال أبوسفیان: ما رأیت نیراناً أکثر من هذه! فقال له أحد مرافقیه: هذه نیران خزاعة. فقال أبوسفیان: خزاعة أذلّ من ذلک، نادى العباس أبا سفیان، فسأله أبوسفیان على الفور: ما وراءک؟ قال العباس: هذا رسول الله(صلى الله علیه وآله) فی المسلمین أتاکم فی عشرة آلاف.

قال أبوسفیان: ما تأمرنی؟

أجابه العباس: ترکب معی فأستأمن لک رسول الله(صلى الله علیه وآله) فوالله لئن ظفر بک لیضربنّ عنقک.

فخرجا یرکضان نحو رسول الله(صلى الله علیه وآله)، فکلما مرّا بنار من نیران المسلمین یقولون: عم رسول الله على بغلة رسول الله. (أی إن المارّ لیس بغریب). حتى مرّا بنار عمر بن الخطاب، فما أن أبصر به عمر حتى قال له: أبوسفیان! الحمد لله الذی أمکن منک بغیر عقد ولا عهد!

دخل العباس وأبوسفیان على رسول الله وتبعهما عمر فدخل أیضاً وقال للرسول: یا رسول الله هذا أبوسفیان عدوّ الله قد أمکن الله منه بغیر عهد ولا عقد فدعنی اضرب عنقه.

فقال العباس: یا رسول الله إنی قد أجرته.

وکثر الکلام بین العباس وعمر فقال رسول الله للعباس:

ـ إذهب فقد أمنّاه حتى تغدو علّی به بالغداة.

فلما کان من الغدِ جاء العباس بأبی سفیان إلى رسول الله(صلى الله علیه وآله) فلما رآه قال: ویحک یا أباسفیان! «ألم یأنِ لک أن تعلم أن لا إله إلا الله؟».

قال: بلى، بأبی أنت وأمی لو کان مع الله غیره لقد أغنى عنّی شیئاً.

فقال النّبی: «ویحک ألم یأن لک أن تعلم أنّی رسول الله؟» فقال: بأبی أنت وأمی، أما هذه ففی النفس منها شیء. فقال: له العباس: ویحک تشهّد شهادة الحق قبل أن تضرب عنقک! فتشهّد.

فقال رسول الله(صلى الله علیه وآله) للعباس : «إذهب فاحبس أباسفیان عند خطم الجبل بمضیق الوادی حتى تمرّ علیه جنود الله».

قال العباس: یا رسول الله إنّ أباسفیان یحب الفخر فاجعل له شیئاً یکون فی قومه.

فقال(صلى الله علیه وآله): «من دخل دار أبی سفیان فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن».

خرج العباس وأجلس أبا سفیان عند خطم الجبل فمرّت علیه القبائل، فیقول له العباس: هذه أسلم... هذه جهینة... حتى مرّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) فی کتیبته الخضراء مع المهاجرین والأنصار متسربلین بالحدید لا یُرى منهم إلا حدق عیونهم. فقال: ومن هؤلاء؟ قال العباس: هذا رسول الله(صلى الله علیه وآله) فی المهاجرین والإنصار.

فقال أبوسفیان: لقد أصبح مُلک ابن أخیک عظیماً.

قال العباس: ویحک إنّها النبوة.

فقال: نعم إذن.

ثمّ قال له العباس: الحق بقومک سریعاً فحذّرهم.

فخرج حتى أتى مکّة فصرخ فی المسجد:

یامعشر قریش هذا محمّد قد جاءکم بما لا قِبَل لکم به. ثمّ قال: مَن دخل داری فهو آمن. ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن... وقال: یا معشر قریش اسلموا تسلموا.

فاقبلت امرأته هند فأخذت بلحیته وقالت: یا آل غالب اقتلوا هذا الشیخ الأحمق. فقال: أرسلی لحیتی واقسم لئن أنت لم تُسلمی لتُضربن عنقک، ادخلی بیتک! فترکته.

ثمّ بلغ رسول الله(صلى الله علیه وآله) مع جیش المسلمین منطقة «ذی طوى» وهی مرتفع یشرف على بیوت مکّة، فتذکر الرسول ذلک الیوم الذی خرج فیه مضطراً متخفیاً من مکّة، وها هو یعود إلیها منتصراً، فوضع رأسه تواضعاً لله وسجد على رحل ناقته شکراً له سبحانه.

ثمّ ترجّل النّبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) فی «الحجون» إحدى محلات مکّة، وفیها قبر خدیجة(علیها السلام)، واغتسل، ثمّ رکب ثانیة بجهاز الحربودخل المسجد الحرام وهو یتلو سورة الفتح، ثمّ کبر وکبر جند الإسلام معه، فدوى صوت التکبیر فی أرجاء مکّة.

ثمّ نزل من ناقته، واقترب من الکعبة، وجعل یُسقط الأصنام واحداً بعد الآخر وهو یقول: (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل کان زهوق).(1)

وکان عدد من الأصنام قد نصب فوق الکعبة، ولم تصل إلیها ید الرسول(صلى الله علیه وآله) فأمر علیّاً أن یصعد على کتفه المبارکة ویرمی بالأصنام فامتثل علی أمر الرسول.

ثمّ أخذ مفاتیح الکعبة، وفتحها ومحا ما کان على جدرانها من صور الأنبیاء.

بعد الإنتصار الرائع السریع أخذ رسول الله حلقة باب الکعبة، وتوجّه إلى أهل مکّة وقال لهم: یا معشر قریش ما ترون أنی فاعل بکم؟ قالوا: خیراً، أخ کریم، و ابن أخ کریم. قال: أقول لکم ما قاله أخى یوسف اذهبوا فانتم الطلقاء.

وأمر رسول الله(صلى الله علیه وآله) جیشه أن لا یتعرضوا لأحد، وأن لا یریقوا دم أحد، وأمر فقط بقتل ستة أفراد ـ حسب الرّوایات ـ ممن کانوا خطرین ومتوغلین فی عدائهم للإسلام. وحین بلغه أن سعد بن عبادة ـ وهو أحد حملة الویة الجیش الإسلامی ـ یصیح: الیوم یوم الملحمة، الیوم تسبى الحرمة، أمر علیّ(علیه السلام) أن یأخذ منه الرّایة ویدخل بها مکّة دخولا رقیقاً ویقول: الیوم یوم المرحمة!!

وبهذا الشکل فتحت مکّة دون إراقة دماء وکان لعفو الرسول ورحمته الأثر الکبیر فی القلوب، فدخل النّاس فی دین الله أفواجاً. ودوّى خبر الفتح فی أرجاء الجزیرة العربیة وذاع صیت الإسلام، وتعززت مکانة المسلمین(2).

وجاء فی کتب التاریخ أن رسول الله(صلى الله علیه وآله) عندما وصل الکعبة قال: لا إله إلا الله وحده وحده، انجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا إن کل مال أو مأثرة أو دم تدعى فهو تحت قدمی هاتین!... (وبذلک الغى کل مخلفات الجاهلیة وطوى جمیع ملفاتها).

هذا المشروع الإسلامی الجبار اقترن بالعفو العام، لینقل قبائل الجزیرة العربیة من ماضیهم المظلم إلى نور الإسلام بعیداًعن کل ألوان الصراع والتخبط الجاهلی.

وهذا ساعد کثیراً على انتشار الإسلام واصبح قدوة لحاضرنا ومستقبلنا.

اللّهمّ! إنّک قادر أن تعید للمسلمین عزّتهم وعظمتهم فی ظلّ الإقتداء بسنّة رسولک المصطفى(صلى الله علیه وآله).

ربّنا! اجعلنا فی زمرة السائرین الحقیقیین على طریق نبیّ الإسلام(صلى الله علیه وآله).

إلهنا! وفقنا لإقامة حکومة العدل الاسلامیّة ونشر رایتها فی العالم لیدخل النّاس طواعیة فی دین الله أفواجاً.

آمین یا ربّ العالمین

نهایة سورة النصر


1. الاسراء، 81. 2. بتلخیص عن الکامل لا بن الأثیر، ج 2، وتفسیر مجمع البیان، ذیل الآیات مورد البحث.
عند انبلاج فجر النصرمحتوى السّورة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma