الإنفاق والنجاة من النّار

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 15
سورة اللّیل / الآیة 12 ـ 21 1ـ حول سبب نزول سورة اللیل

عقب الآیات الکریمة السابقة التی قسمت النّاس على مجموعتین: مؤمنة سخیة، وعدیمة الإیمان بخیلة، وبیّنت مصیر کلّ منهما، تبدأ هذه الطائفة من الآیات بالتأکید أن على اللّه الهدایة لا الإجبار والإلزام، ویبقى الإنسان هو المسؤول عن اتخاذ القرار اللازم، وأنّ انتخاب الطریق المستقیم یعود بالنفع على الإنسان نفسه ولا حاجة للّه سبحانه بعمل خیر یقدمه الفرد. یقول تعالى: (إنّ علینا للهدى) الهدى عن طریق التکوین (الفطرة والعقل) أو عن طریق التشریع (الکتاب والسنة)... فقد بیّنا ما یلزم وأدینا الأمر حقّه.

وبعد (وإنّ لنا للآخرة والاُولى)(1) فلا حاجة بنا لإیمانکم وطاعتکم، ولا طاعتکم تجدینا نفعاً ولا معصیتکم تصیبنا ضرّاً، وکلّ منهج الهدایة لصالحکم أنفسکم.

حسب هذا التّفسیر الهدایة تعنی «اراءة الطریق». ویحتمل أن تکون الآیتان لتشجیع المؤمنین الأسخیاء، والتأکید على أنّ اللّه سبحانه سیشملهم بمزید من الهدایة، وییسر لهم الطریق فی هذه الدنیا وفی الآخرة، فاللّه قادر على ذلک لأنّ له الآخرة والاُولى.

صحیح أنّ الدنیا مقدمة على الآخرة زمنیاً، ولکن الآخرة أهم وهی الهدف النهائی، ولذلک تقدم ذکرها على الدنیا فی الآیة.

الإنذار والتحذیر من سبل الهدایة، ولذلک قال سبحانه: (فانذرتکم ناراً تلظى).

«تلظى» من اللظى، وهو الشعلة المتوهجة الخالصة والشعلة الخالصة من الدخان ذات حرارة أکبر، وتطلق «لظى» أحیاناً على جهنم(2).

ثمّ تشیر الآیة إلى المجموعة التی ترد هذه النّار المتلظیة الحارقة وتقول: (لایصلاها إلاّ الأشقى).

وفی وصف الأشقى تقول الآیة: (الذی کذّب وتولى).

معیار الشقاء والسعادة ـ إذن ـ هو الکفر والإیمان وما ینبثق عنهما من موقف عملی، إنّه لشقی حقّاً هذا الذی یعرض عن کلّ معالم الهدایة وعن کلّ الإمکانات المتاحة للإیمان والتقوى... بل إنّه أشقى النّاس.

عبارة (الذی کذّب وتولى) قد یکون التکذیب إشارة إلى الکفر، والتولی إشارة إلى ترک الأعمال الصالحة، إذ هو ملازم للکفر، وقد یشیر الفعلان إلى ترک الإیمان، ویکون التکذیب تکذیباً بنبیّ الاسلام، والتولی هو الإعراض عنه.

کثیر من المفسِّرین یعالجون هنا مسألة ترتبط بما طرحته الآیة من اختصاص جهنم بالکافرین: (لا یصلاها إلاّ الأشقى... الذی کذّب وتولى)، وهذا یتنافى مع آیات اُخرى وروایات تتحدث عن شمول عذاب جهنم للمؤمنین المذنبین أیضاً. والآیتان استدل بهما المرجئة فی قولهم: لا تضرّ مع الإیمان معصیة!.

ولتوضیح ما یبدو هنا من تعارض یجب الإلتفات إلى مسألتین: الاُولى ـ المقصود بصلی جهنم هنا الخلود فیها، والخلود مختص بالکافرین، والقرینة على هذا القول تلک الآیات التی تتحدث عن دخول غیر الکافرین أیضاً جهنم.

والاُخرى، أنّ الآیتین المذکورتین وما بعدهما حیث یقول تعالى: (وسیجنبها الأتقى)ترید بمجموعها أن تبیّن فقط حال مجموعتین: عدیمة الإیمان البخیلة، والمؤمنة السخیة التقیة، وتذکر أنّ مصیر الاُولى جهنم، والثّانیة الجنّة، ولا تتطرق أساساً إلى المجموعة الثّالثة وهی المؤمنة المذنبة.

بعبارة اُخرى الحصر هنا من النوع الإضافی، أی کأنّ الجنّة خلقت للمجموعة الثّانیة فقط، وجهنم للمجموعة الاُولى فحسب، وبهذا البیان تتّضح الإجابة على إشکال آخر بشأن التضاد بین الآیتین اللتین نحن بصددهما وما یلی من آیات تحصر النجاة بالأتقى.

ثمّ تتحدث السّورة عن مجموعة قد جُنّبت النّار وأبعدت عنها، تقول الآیة: (وسیجنبها الأتقى).

ومن هو هذا الأتقى؟ تقول الآیة الکریمة: (الذی یؤتى ماله یتزکى).

وعبارة «یتزکى» تشیر إلى قصد القربة، وخلوص النیة، سواء أرید منها معنى النمو الروحی والمعنوی، أم قصد بها تطهیر الأموال، لأنّ التزکیة جاءت بمعنى «التنمیة»، وبمعنى «التطهیر». قال تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزکیهم بها * وصلّ علیهم إنّ صلاتک سکن لهم)(3)، أی تربیهم وتنمیهم بها.

وللتأکید على خلوص النیّة فی إنفاقهم تقول الآیة: (وما لأحد عنده من نعمة تجزى) فلا أحد قد أنعم على هذا «الأتقى» لیکون إنفاقه جزاء على هذه النعمة.

بل هدفه رضا اللّه لا غیر: (إلاّ إبتغاء وجه ربّه الأعلى).

وبعبارة اُخرى: إنّ کثیراً من الإنفاق بین النّاس یتمّ ردّاً على إنفاق مشابه سابق من الجانب الآخر، طبعاً ردّ الإحسان بالإحسان عمل صالح، لکن حسابه یختلف عمّا یصدر عن الأتقیاء من إنفاق مخلص.

الآیات المذکورة أعلاه تقول: إنفاق المؤمنین الأتقیاء لیس ریاء ولا ردّاً على خدمات سابقة قدمت إلیهم، بل دافعها رضا اللّه لا غیر، ومن هنا کان إنفاقهم ذا قیمة کبرى.

التعبیر بکلمة «وجه» هنا یعنی «الذات»، أی رضا ذات الباری تقدست أسماؤه.

وعبارة «ربّه الأعلى» تشیر إلى أن هذا الإنفاق یتمّ عن معرفة کاملة... عن معرفة بربوبیة الباری تعالى، وعلم بمکانته السامیة العلیا، وهذا الاستثناء ینفی أیضاً کلّ نیة منحرفة، مثل الإنفاق من أجل السمعة والوجاهة وأمثالها... ویجعله منحصراً فی طلب رضا اللّه سبحانه(4).

وفی خاتمة السّورة ذکر بعبارة موجزة لما ینتظر هذه المجموعة من أجر عظیم تقول الآیة: (ولسوف یرضى).

نعم، ولسوف یرضى، فهو قد عمل على کسب رضا اللّه، واللّه سبحانه سوف یرضیه، إرضاءً مطلقاً غیر مشروط وإرضاءً واسعاً غیر محدود... إرضاءً عمیق المعنى یستوعب کلّ النعم...إرضاءً لا یمکننا الیوم حتى تصوّره... وأی نعمة أکبر من هذا الرضى!

نعم، اللّه أعلى، وجزاؤه أعلى، ولا أعلى من رضا العبد رضاً مطلقاً.

احتمل بعض المفسّرین أن یکون الضمیر فی «یرضى» عائداً إلى اللّه سبحانه أی إن ّ اللّه سوف یرضى عن هذه المجموعة، وهذا الرضا أیضاً نعمة ما بعدها نعمة.

نعمة رضا اللّه عن هذا العبد بشکل مطلق غیر مشروط، ومن المؤکّد أنّ هذا الرضا یتبعه رضا العبد الأتقى.

فالإثنان متلازمان، وقد جاء فی الآیة 8 من سورة البینة قوله سبحانه: (رضی اللّه عنهم ورضوا عنه) وقوله تعالى فی الآیة 28 من سورة الفجر: (راضیة مرضیة). لکنّ التّفسیر الأوّل أنسب.


1.«اللام» فی (للآخرة) و(للاُولى) وکذلک فی (للهدى) لام تأکید تدخل على خبر إنّ، ودخلت هنا على اسمها لتقدم الخبر.
2.«تلظى» أصلها «تتلظى» حذفت إحدى التائین للتخفیف.
3. التوبة، 103.
4.«ابتغاء» منصوبة على الاستثناء، والاستثناء فی الآیة منقطع، أی إنّ المستثنى لیس من جنس المستثنى منه أی: (ما لأحد عنده من نعمة تجزى فلا ینفق ماله لنعمة إلاّ إبتغاء وجه ربّه الاعلى)، ویجوز أن یکون النصب على أنّ الکلمة مفعول له على المعنى، لأنّ معنى الکلام، (لا یؤتى ماله إلاّ إبتغاء وجه ربّه).
سورة اللّیل / الآیة 12 ـ 21 1ـ حول سبب نزول سورة اللیل
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma