یوم یرى النّاس أعمالهم

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 15
سورة الزّلزلة / الآیة 1 ـ 8 1ـ الدقّة فی تحری الأعمال

هذه السّورة تبدأ ـ کما ذکرنا فی محتواها ـ ببیان صور من الأحداث الهائلة المفزعة التی ترافق نهایة هذا العالم وبدء البعث والنشور. تقول:

(إذا زلزلت الأرض زلزاله)(1).

(وأخرجت الأرض أثقاله).

عبارة «زلزالها» تعنی أنّ الأرض بأجمعها تهتز فی ذلک الیوم (خلافاً للزلازل العادیة الموضعیة عادة) أو أنّها إشارة إلى الزلزلة المعهودة، أی زلزلة یوم القیامة(2).

و«الأثقال» ذکر لها المفسّرون معانی متعددة. قیل إنّها البشر الذین یخرجون من أجداثهم على أثر الزلزال. کما جاء فی قوله سبحانه: (وألقت ما فیها وتخلت)(3).

وقیل إنّها الکنوز المخبوءة التی ترتمی إلى الخارج، وتبعث الحسرة فی قلوب عبّاد الدنی(4).

ویحتمل أیضاً أن یکون المقصود إخراج المواد الثقیلة الذائبة فی باطن الأرض، وهو ما یحدث أثناء البراکین والزلازل، فإنّ الأرض فی نهایة عمرها تدفع ما فی أعماقها إلى الخارج على أثر ذلک الزلزال العظیم.

ویمکن الجمع بین هذه التفاسیر.

فی ذلک الجو الملیء بالرهبة والفزع، تصیب الإنسان دهشة ما بعدها دهشة فیقول فی ذعر: ما لهذه الأرض تتزلزل وتلقی ما فی باطنها؟

(وقال الإنسان ما له).

وذهب بعض المفسّرین إلى أنّ الإنسان فی الآیة هو الکافر الذی کان شاکاً فی المعاد والبعث، ولکن الظاهر أنّ الإنسان هنا له معنى عام یشمل کل أفراد البشر. فالدهشة من وضع الأرض فی ذلک الیوم لا یختص بالکافرین.

وهل هذا السؤال التعجبی یرتبط بالنفخة الاُولى أو الثّانیة؟ أی هل یرتبط بنهایة الأرض أم بالبعث؟

الظاهر أنّها النفخة الاُولى حیث تحدث الزلزلة الکبرى وینتهی فیها هذا العالم.

ویحتمل أیضاً أن تکون نفخة البعث والنشور، وإخراج النّاس من الأجداث والآیات التالیة ترتبط بالنفخة الثّانیة.

ولما کان القرآن یتحدث فی مواضع مختلفة عن أحداث النفختین معاً، فالتّفسیر الأوّل أنسب لما ورد من ذکر الزلزال المرعب فی نهایة العالم، وفی هذه الحالة یکون المقصود من أثقال الأرض معادنها وکنوزها والمواد المذابة فیها.

وأهم من ذلک أنّ الأرض:

(یومئذ تحدث أخباره).

تحدّث بالصالح والطالح، وبأعمال الخیر والشر، ممّا وقع على ظهرها، وهذه الأرض واحد من أهم الشهود على أعمال الإنسان فی ذلک الیوم، وهی إذن رقیبة على ما نفعله علیها.

وفی حدیث عن رسول اللّه(صلى الله علیه وآله) قال: «أتدرون ما أخبارها»؟ قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: «أخبارها أن تشهد على کل عبد وأمة بما عملوا على ظهرها، تقول عمل کذا وکذا، یوم کذا، فهذا أخبارها»(5).

وفی حدیث آخر عن النّبیّ(صلى الله علیه وآله) قال: «حافظوا على الوضوء وخیر أعمالکم الصلاة، فتحفظوا من الأرض فإنّها اُمّکم، ولیس فیها أحد یعمل خیراً أو شرّاً إلاّ وهی مخبرة به»(6).

وعن أبی سعید الخدری قال: متى کنت فی بیداء فارفع صوتک بالأذان لأنّی سمعت رسول اللّه(صلى الله علیه وآله) یقول: «لا یسمعه جن ولا إنس ولا حجر إلاّ یشهد له»(7).

وهل أن تحدیث الأرض یعنی أنّها تتکلم فی ذلک الیوم بأمر اللّه، أم أن المقصود ظهور آثار أعمال الإنسان على ظهر الأرض؟

واضح أنّ کل عمل یقوم به الإنسان یترک آثاره حتماً على ما حوله، وإن خفیت علینا هذه الآثار الیوم، تماماً مثل آثار أصابع الید التی تبقى على مقبض الباب، وفی ذلک الیوم تظهر کل هذه الآثار، وحدیث الأرض لیس سوى هذا الظهور الکبیر; تماماً کما نقول لشخص نعسان: عینک تقول إنّک کنت سهراناً أمس. أی إنّ آثار السهر علیها واضحة.

ولیس هذا الموضوع بغریب الیوم بعد الإکتشافات العلمیة والإختراعات القادرة فی کلّ مکان وفی لحظة أن تسجل صوت الإنسان وتصور أعماله وحرکاته فی أشرطة یمکن طرحها فی المحکمة کوثائق إدانة لا تقبل الإنکار.

لو کانت شهادة الأرض فیما مضى عجیبة، فلیست الیوم بعجیبة ونحن نرى شریطاً رقیقاً یمکن أن یکون بحجم أزرار اللباس قادراً على أن یحتفظ بکثیر من الأعمال والأقوال.

وفی حدیث عن علی(علیه السلام) قال: «صلوا المساجد فی بقاع مختلفة، فإنّ کلّ بقعة تشهد للمصلّی علیها یوم القیامة»(8).

وعنه(علیه السلام) أیضاً حینما کان یفرغ من تقسیم بیت المال یصلی رکعتین ویقول: «إشهدی أنّی ملأتک بحق وفرغتک بحق»(9).

(بأنّ ربّک أوحى له).(10)

فما فعلته الأرض إنّما کان بوحی ربّها، وهی لا تتوانى فی تنفیذ أمر الرّب.

وعبارة «أوحى» إنّما هی لبیان أنّ حدیث الأرض خلاف طبیعتها، ولا یتیسر ذلک سوى عن طریق الوحی الإلهی.

قیل: إنّ المقصود هو أنّ اللّه یوحی للأرض أن تخرج أثقالها.

والتّفسیر الأوّل أصح وأنسب، (یومئذ یصدر النّاس أشتاتاً لیروا أعمالهم).

«أشتات» جمع «شتّ» ـ على وزن شط ـ وهو المتفرق والمبعثر، أی أنّ النّاس یردون ساحة المحشر متفرقین مبعثرین، وقد یکون التفرق والتبعثر لورود أهل کلّ دین منفصلین عن الآخرین.

أو قد یکون لورود أهل کلّ نقطة من نقاط الأرض بشکل منفصل.

أو قد یکون لورود جماعة بأشکال جمیلة مستبشرة، وجماعة بوجوه عبوسة مکفهرة إلى المحشر.

أو أنّ کلّ اُمّة ترد مع إمامها وقائدها کما فی قوله تعالى: (یوم تدعوا کلّ اُناس بإمامهم).(11)

أو أنّ یحشر المؤمنون مع المؤمنین والکافرون مع الکافرین.

الجمع بین هذه التفاسیر ممکن تماماً لأنّ مفهوم الآیة واسع.

«یصدر» من الصدور، وهو خروج الإبل من برکة الماء مجتمعة هائجة وعکسه الورود. وهی هنا کنایة عن خروج الأقوام من القبور وورودهم على المحشر للحساب.

ویحتمل أیضاً أن یکون صدور النّاس فی الآیة من المحشر والتوجه نحو مستقرهم فی الجنّة أو النّار.

المعنى الأوّل أکثر تناسباً مع الآیات السابقة.

المقصود من عبارة (لیروا أعمالهم) هل هو: لیروا جزاء أعمالهم...

أو لیروا صحیفة أعمالهم وما سجل فیها من حسنات وسیئات أو المشاهدة الباطنیة، بمعنى المعرفة بکیفیة الأعمال...

أو أنّها تعنی «تجسم الأعمال» ورؤیة الأعمال نفسها؟!

التّفسیر الأخیر أنسب مع ظاهر الآیة، وهذه الآیة أوضح الآیات الدالة على تجسم الأعمال، حیث تتخذ الأعمال فی ذلک الیوم أشکالاً تتناسب مع طبیعتها وتنتصب أمام صاحبها، وتکون رفقتها سروراً وانشراحاً أو عذاباً وبلاءً.

ثمّ ینتقل الحدیث إلى جزاء أعمال المجموعتین المؤمنة والکافرة، الصالحة والطالحة.

(فمن یعمل مثقال ذرة خیراً یره).

(ومن یعمل مثقال ذرة شرّاً یره).

وهنا أیضاً تفسیرات مختلفة لرؤیة الأعمال هل هی رؤیة جزاء الأعمال، أم صحیفة الأعمال، أو العمل نفسه؟

ظاهر الآیة یدل أیضاً على مسألة «تجسم الأعمال» ومشاهدة العمل نفسه، صالحاً أم طالحاً، یوم القیامة. حتى إذا عمل ما وزنه ذرة من الذرات یره مجسماً یوم القیامة.

«مثقال» فی اللغة بمعنى الثقل، وبمعنى المیزان الذی یقاس به الثقل والمعنى الأوّل هوالمقصود فی الآیة.

و«الذرة» ذکروا لها معانی متعددة من ذلک، النملة الصغیرة، والغبار الذی یلصق بالید عند وضعها على الأرض، وذرات الغبار العالقة فی الجو التی تتّضح عندما تدخل حزمة ضوء من ثقب داخل غرفة مظلمة.

والذرة تطلق الیوم على أصغر جزء من أجزاء المادة والتی منها تصنع «القنبلة الذریة»، مع احتفاظه بخواص المادة الأصلیة. ولا ترى بأقوى المجاهر، وتشاهد آثارها فقط، وتعرف خواصها بالمحاسبات العلمیة..

مهما کان مفهوم الذرة فهو هنا أصغر وزن.

هذه الآیة على أی حال تهزّ کیان الإنسان الواعی من الأعماق، وتشیر إلى أنّ حساب اللّه فی ذلک الیوم دقیق وحساس للغایة، ومیزان أعمال النّاس دقیق إلى درجة یحصی أقلّ أعمال الإنسان.


1. «إذا» شرطیة، یحتمل أن یکون جزاء شرطها (یومئذ تحدث أخباره) أو (یومئذ یصدر النّاس أشتات)، أو أنّ الجزاء محذوف والجملة جاءت جواباً لسؤال: متى الساعة؟ والتقدیر: (إذا زلزلت الأرض زلزالها تقوم الساعة).
2. بالمعنى الأوّل الإضافة لها معنى العموم، وفی الحالة الثّانیة معنى العهد. ثمّ إنّ «الزلزال» بکسر الزای مصدر، و«الزلزال» بفتح الزای اسم مصدر، وهذه القاعدة جاریة فی الفعل الرباعی المضاعف مثل (صلصال) و(وسواس).
3. الإنشقاق، 4.
4.«أثقال» جمع «ثقل» ـ على وزن فکر ـ بمعنى الحمل، وقیل إنّه جمع «ثَقَل»، على وزن عمل، وهو متاع البیت أو المسافر. والمعنى الأوّل أنسب.
5. تفسیر نورالثقلین، ج 5، ص 649.
6. تفسیر مجمع البیان، ج 10، ص 526.
7. المصدر السابق.
8. بحارالانوار، ج 77، ص 384، ح 59.
9. لئالی الأخبار، ج 5، ص 79 (الطبعة الجدیدة).
10. الباء فی (بأنّ) للسببیة واللام فی (لها) بمعنى إلى کما ورد فی قوله تعالى: (وأوحى ربّک إلى النحل)النحل، 68.
11. الاسراء، 71.
سورة الزّلزلة / الآیة 1 ـ 8 1ـ الدقّة فی تحری الأعمال
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma