منهج السعادة ذو المواد الأربع

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 15
طریق النجاة الوحیدمحتوى السّورة

من المهم أن نقف ولو قلیلاً عند المنهج الذی وضعه القرآن الکریم للنجاة من ذلک الخسران... إنّه منهج یتکون من أربعة اُصول هی:

الأصل الأوّل: «الإیمان»، وهو البناء التحتی لکلّ نشاطات الإنسان، لأنّ فعالیات الإنسان العملیة تنطلق من اُسس فکره واعتقاده، لا کالحیوانات المدفوعة فی حرکاتها بدافع غریزی.

بعبارة اُخرى، أعمال الإنسان بلورة لعقائده وأفکاره، ومن هنا فإنّ جمیع الأنبیاء بدأوا قبل کلّ شیء باصلاح الاُسس الإعتقادیة للاُمم والشعوب، وحاربوا الشرک بشکل خاص باعتباره أساس أنواع الرذائل والشقاوة والتمزق الاجتماعی.

والآیة الکریمة قالت: (إلاّ الذین آمنو) فذکرت الإیمان بمعناه المطلق لیشمل الإیمان بکلّ المقدسات، ابتداء من الإیمان باللّه وصفاته، حتى الإیمان بالقیامة والحساب والجزاء والکتب السماویة وأنبیاء اللّه وأوصیائهم.

الأصل الثّانی: «العمل الصالح»، وهو ثمرة دوحة الإیمان. تقول الآیة:

(... وعملوا الصالحات) لا العبادات فحسب، ولا الإنفاق فی سبیل اللّه وحده، ولا الجهاد فی سبیل اللّه فقط، ولا الإکتفاء بطلب العلم... بل کلّ الصالحات التی من شأنها أن تدفع إلى تکامل النفوس وتربیة الأخلاق والقرب من اللّه، وتقدم المجتمع الإنسانی.

هذا التعبیر یشمل الأعمال الصغیرة، کرفع الحجر من طریق النّاس والأعمال الجسام مثل إنقاذ ملایین النّاس من الضلالة والانحراف ونشر الرسالة الحقة والعدالة فی أرجاء العالم.

وما ورد عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق(علیه السلام) فی تفسیر (وعملوا الصالحات) بأنّه المواساة والمساواة للأخوة فی اللّه، إنّما هو من قبیل بیان المصداق الواضح للأیة.

قد تصدر الأعمال الصالحة من أفراد غیر مؤمنین، لکنّها غیر متجذرة وغیر ثابتة وغیر واسعة، لأنّها لا تنطلق من دافع إلهی عمیق، ولا تحمل صفة الشمولیة.

القرآن ذکر «الصالحات» هنا بصیغة الجمع مقرونة بالألف واللام لتدل على معنى العموم والشمول. ولتبیّن أن طریق تفادی الخسران الطبیعی الحتمی بعد الإیمان، هو أداء الأعمال

الصالحة جمیعاً، وعدم الإکتفاء بعمل واحد أو بضع أعمال صالحات. حقّاً، لو رسخ الإیمان فی النفس، لظهرت على الفرد مثل هذه الآثار.

الإیمان لیس فکرة جامدة قابعة فی زوایا الذهن، ولیس اعتقاداً خالیاً من التأثیر. الإیمان یصوغ کلّ وجود الإنسان وفق منهج معین.

الإیمان مثل مصباح منیر مضیء فی غرفة. فهو لا یضیء الغرفة فحسب، بل إنّ أشعته تسطع من کلّ نوافذ الغرفة إلى الخارج بحیث یرى کلّ مارٍّ نوره بوضوح.

وهکذا، حین یسطع مصباح الإیمان فی قلب إنسان، فإنّ نوره ینعکس من لسان الإنسان وعینه وأذنه ویدیه ورجلیه. حرکات کلّ واحدة من هذه الجوارح تشهد على وجود نور فی القلب تسطع أشعته إلى الخارج.

ومن هنا اقترن ذکر العمل الصالح فی أغلب مواضع القرآن بذکر الإیمان باعتبارها لازماً وملزوماً. فقال سبحانه: (من عمل صالحاً من ذکر أو اُنثى وهو مؤمن فلنحیینه حیاة طیبة)(1). ویقول تعالى عن اُولئک الذین ترکوا الدنیا دون عمل صالح، إنّهم یصرون على العودة إلى الدنیا ویقولون: (ربّ ارجعون * لعلی أعمل صالحاً فیما ترکت)(2).

ویقول سبحانه لرسله: (یا أیّها الرسل کلوا من الطیبات واعملوا صالح)(3).

ولما کان الإیمان والعمل الصالح لا یکتب لهما البقاء إلاّ فی ظلّ حرکة اجتماعیة تستهدف الدعوة إلى الحق ومعرفته من جهة، والدعوة إلى الصبر والإستقامة على طریق النهوض باعباء الرسالة، فإنّ هذین الأصلین تبعهما أصلان آخران هما فی الحقیقة ضمان لتنفیذ أصلَی «الإیمان» و«العمل الصالح».

الأصل الثّالث: «التواصی بالحق»، أی الدعوة العامّة إلى الحق، لیمیز کلّ أفراد المجتمع الحق من الباطل، ویضعوه نصب أعینهم، ولا ینحرفون عنه فی مسیرتهم الحیاتیة.

«تواصوا» کما یقول الراغب تعنی أن یوصی بعضهم إلى بعض.

و«الحق» فی الأصل الموافقة والمطابقة للواقع، وذکر للکلمة معانی قرآنیة متعددة من ذلک: القرآن، والإسلام، والتوحید، والعدل، والصدق، والوضوح، والوجوب وأمثالها من المعانی التی ترجع إلى نفس المعنى الأصلی الذی ذکرناه.

عبارة (تواصوا بالحق) تحمل على أی حال معنى واسعاً یشمل الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر ویشمل أیضاً تعلیم الجاهل وإرشاده، وتنبیه الغافل، والدعوة إلى الإیمان والعمل الصالح.

واضح أن المتواصین بالحق یجب أن یکونوا بدورهم من العاملین به، والمدافعین عنه.

الأصل الرّابع: «التواصی بالصبر»، والاستقامة، إذ بعد الإیمان والحرکة فی المسیرة الإیمانیة تبرز فی الطریق العوائق والموانع والسرور. وبدون الاستقامة والصبر لا یمکن المواصلة فی إحقاق الحقّ والعمل الصالح والثبات على الإیمان.

نعم، إحقاق الحق فی المجتمع لا یمکن من دون حرکة عامّة وعزم اجتماعی، ومن دون الإستقامة والوقوف بوجه ألوان التحدیات.

«الصبر» هنا یحمل مفهوماً واسعاً یشمل الصبر على الطاعة، والصبر على دوافع المعصیة، والصبر إزاء المصائب والحوادث المرّة، وفقدان الإمکانات والثروة والثمرات(4).

ممّا تقدم نفهم أنّ الاُصول الأربعة التی ذکرتها هذه السّورة المبارکة تشکل المنهج الجامع لحیاة الإنسان وسعادته. ولذلک ورد فی الرّوایات أنّ أصحاب رسول اللّه(صلى الله علیه وآله) کانوا إذا اجتمعوا لا یفترقون إلاّ بعد تلاوة سورة «والعصر» ویتذاکروا فی مضامینه(5).

والمسلمون الیوم إذا طبقوا هذه الاُصول الأربعة فی حیاتهم الفردیة والاجتماعیة لتغلبوا على کل ما یعانون منه من مشاکل وتدهور وتخلف، ولبدلوا ضعفهم وهزیمتهم انتصاراً، ولإقتلعوا شرّ الأشرار من على ظهر الأرض.

ربّنا! تفضّل علینا بالصبر والإستقامة والتواصی بالحق والتواصی بالصبر.

إلهنا! کلّنا فی خسران، ولا یمکن أن نجبر هذا الخُسر إلاّ بلطفک.

اللّهمّ! إنا نسألک توفیق العمل بالمواد الأربع التی ذکرتها فی هذه السّورة من کتابک.

آمین یا ربّ العالمین

نهایة سورة العصر


1. النحل، 97.
2. المؤمنون، 99 و100.
3. المؤمنون، 51.
4. حول حقیقة الصبر ومراحله وشُعَبه، فصلنا الحدیث فی تفسیر الآیة 153 من سورة البقرة.
5. تفسیر الدرالمنثور، ج 6، ص 392.
طریق النجاة الوحیدمحتوى السّورة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma