«النجد» کما ذکرنا الإرتفاع أو الأرض المرتفعة، و«النجدین» هنا طریق الخیر وطریق الشر، وورد فی الحدیث عن رسول اللّه(صلى الله علیه وآله) قال: «یا أیّها النّاس! هما نجدان: نجد الخیر ونجد الشرّ، فما جعل نجد الشرّ أحبّ إلیکم من نجد الخیر».(1)
تحمل «التکلیف» والمسؤولیة غیر ممکن دون شک، بغیر المعرفة والوعی وحسب هذه الآیة فإنّ اللّه سبحانه منح الإنسان هذه المعرفة.
وهذه المعرفة یحصل علیها الإنسان من ثلاثة طرق: من الإدراکات العقلیة والاستدلال، ومن طریق الفطرة والوجدان دون الحاجة إلى الاستدلال، ومن طریق الوحی وتعالیم الأنبیاء والأوصیاء(علیهم السلام)، وکل ما یحتاجه البشر لیطوی مسیرة تکامله قد بیّنه اللّه سبحانه له بواحد من هذه الطرق أو فی کثیر من الحالات بالطرق الثلاثة معاً.
ویلاحظ أن الحدیث المذکور یصرّح بأن نجد الشرّ لیس أحبّ إلى طبع الإنسان من نجد الخیر، وهذا یردّ على القائلین بأن الإنسان مطبوع على الشرّ وإن سلوک طریق الشرّ أیسر له وأسهل.
ومن المؤکّد أن البیئة الاجتماعیة لو خلت من التربیة الخاطئة والانحرافات لوفرت الأجواء لرغبة متزایدة فی الإنسان نحو الخیر، ولعل تعبیر «نجد» وهی الأرض المرتفعة لطریق الخیر یعود إلى أن الأرض المرتفعة ذات هواء أنقى وجوّ أبهج، وإنّما اطلق النجد للشرور أیضاً من باب التغلیب(2).
وقیل أیضاً أنّ التعبیر بالنجدین إشارة إلى ظهور طریقی الخیر والشرّ وبروزهما، کبروز وظهور الأرض المرتفعة.