بلاء التکاثر والتفاخر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 15
سبب النّزول1ـ منبع التفاخر والتکاثر

الآیات الاُولى توجّه اللوم إلى المتکاثرین المتفاخرین وتقول:

(ألهاکم التکاثر) فی الأنفس والاموال.

حتى إنّکم ذهبتم إلى المقابر لتستکثروا أفراد قبیلتکم: (حتى زرتم المقابر).

واحتمل بعض المفسّرین فی تفسیر الآیة أنّ المعنى هو: إنّکم انشغلتم بالتکاثر والتفاخر حتى لحظة موتکم وورودکم إلى المقابر.

لکن المعنى الأوّل أکثر انسجاماً مع عبارة (حتى زرتم المقابر) ومع سبب النزول، وخطبة نهج البلاغة کما سنشیر إلى ذلک.

«ألهاکم» من «اللهو» وهو الانشغال بالأعمال الصغیرة والانصراف عن المهام الکبیرة. والراغب یفسّر اللهو بالعمل الذی یُشغل الإنسان ویصرفه عن مقاصده وأهدافه.

«التکاثر» یعنی التفاخر والمباهاة

«زرتم» من الزیارة و«زَور» (على وزن قول) فی الأصل بمعنى أعلى الصدر، ثمّ استعمل للقاء والمواجهة. و«زَوَر» (على وزن قمر) بمعنى انحراف أعلى الصدر، والکذب لإنحرافه عن الحق سمّی (زوراً) ـ على وزن نورـ .

«المقابر» جمع مقبرة، وهی مکان دفن المیت. وزیارة المقابر إمّا أن تکون کنایة عن الموت، أو بمعنى الذهاب إلى المقابر وإحصاء الموتى بهدف التکاثر فی الأنفس والتفاخر بالعدد (حسب التّفسیر المشهور).

وذکرنا أن المعنى الثّانی أصح، وأحد شواهده کلام لأمیر المؤمنین علی بن أبی طالب(علیه السلام)، بعد أن تلا: (ألهاکم التکاثر * حتى زرتم المقابر) قال: «یا له أمر ما أبعده! وزوراً ما أغفله! وخطراً ما أفظعه! لقد استخلوا منهم أی مدّکر وتناوشوهم من مکان بعید. أفبمصارع آبائهم یفخرون؟! أو بعدید الهلکى یتکاثرون؟! یرتجعون منهم أجساداً خوت، وحرکات سکنت، ولأن یکونوا عبراً أحق من أن یکونوا مفتخراً!!»(1).

هذه الخطبة قسم من خطبة عظیمة یقول عنها ابن أبی الحدید المعتزلی:

«وأقسم بمن تقسم الاُمم کلّها به; لقد قرأت هذه الخطبة منذ خمسین سنة وإلى الآن أکثر من ألف مرّة، ما قرأتها قط إلاّ وأحدثت عندی روعة وخوفاً وعظة، وأثرت فی قلبی وجیباً، وفی أعضائی رعدة، ولا تأملتها إلاّ وذکرت الموتى من أهلی وأقاربی، وأرباب ودی، وخیلت فی نفسی أنّی أنّا ذلک الشخص الذی وصف علیه السلام حاله.

وکم قد قال الواعظون والخطباء والفصحاء فی هذا المعنى! وکم وقفت على ما قالوه وتکرر وقوفی علیه! فلم أجد لشیء منه مثل تأثیر هذا الکلام فی نفسی; فإمّا أن یکون ذلک لعقیدتی فی قائله، أو کانت نیة القائل صالحة، ویقینه کان ثابتاً، وإخلاصه کان محضاً خالصاً، فکان تأثیر قوله فی النفوس أعظم وسریان موعظته فی القلوب أبلغ»(2).

ویقول فی مکان آخر: «ینبغی لو اجتمع فصحاء العرب قاطبة فی مجلس وتلی علیهم أن یسجدوا» ثمّ یشیر إلى قول معاویة حول فصاحة الإمام علی(علیه السلام): «واللّه ما سنّ الفصاحة لقریش غیره».

الآیات التالیة فیها تهدید شدید لهؤلاء المتکاثرین، تقول: (کلاّ سوف تعلمون) فلیس الأمر کما ترون، وبه تتفاخرون. بل سوف تعلمون عاجلاً نتیجة هذا التکاثر الموهوم.

لمزید من التأکید یقول سبحانه: (ثمّ کلاّ سوف تعلمون).

جمع من المفسّرین ذهبوا إلى أنّ الآیتین تکرار لموضوع واحد وتأکید علیه. وکلتاهما تشیران إلى العذاب الذی ینتظر هؤلاء المتکاثرین المتفاخرین.

وبعضهم قال: إنّ الأولى إشارة إلى عذاب القبر والبرزخ والثّانیة إلى عذاب القیامة.

وروی عن أمیر المؤمنین علی(علیه السلام) قال: «ما زلنا نشک فی عذاب القبر حتى نزلت ألهاکم التکاثر، إلى قوله :کلا سوف تعلمون، یرید فی القبر، ثمّ کلا سوف تعلمون، بعد البعث»(3).

فی التّفسیر الکبیر للفخر الرازی عن زربن حبیش أحد أصحاب الإمام علی(علیه السلام) قال: کنّا فی شک فی عذاب القبر حتى سألنا علیّاً فأخبرنا أنّ هذه الآیة دلیل على عذاب القبر.(4)

(کلا لو تعلمون علم الیقین).(5) کلا لیس الأمر کما تظنون أیّها المتفاخرون المتکاثرون. فلو أنّکم تعلمون الآخرة علم الیقین، لما اتجهتم إلى التفاخر والمباهاة بهذه المسائل الباطلة.

ولمزید من التأکید والانذار تقول لهم الآیات التالیة:

(لترون الجحیم * ثمّ لترونها عین الیقین * ثمّ لتسئلن یومئذ عن النعیم).

فی ذلک الیوم علیکم أن توضحوا کیف انفقتم تلک النعم الإلهیة. وهل استخدمتموها فی طاعة اللّه أم فی معصیته، أم أنّکم ضیعتم النعمة ولم تؤدّوا حقّها؟


1. نهج البلاغة، الخطبة 221.
2. شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید، ج 11، ص 153.
3. تفسیر مجمع البیان، ج 10، ص 534.
4. التفسیر الکبیر، ج 32، ص 78.
5. یعتقد البعض أن مصطلح «کلاّ» ورد فی هذه الموارد للتأکید بمعنى «حقّاً» و نقل هذا الکلام المرحوم الطبرسی فی مجمع البیان.
سبب النّزول1ـ منبع التفاخر والتکاثر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma