بربّ الفلق أعوذ

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 15
 سورة الفلق / الآیة 1 ـ 5 1ـ أخطر مصادر الشرّ والفساد

یخاطب اللّه سبحانه نبیّه باعتباره الاُسوة والقدوة، ویقول له:

(قل أعوذ بربّ الفلق * من شرّ ما خلق).

«الفلق»: من فَلَقَ أی شقَّ وفَصَل; وسُمی طلوع الصبح بالفلق لأنّ ضوء الصبح یشق ظلمة اللیل; ومثله الفجر، اطلق على طلوع الصبح لنفس المناسبة.

وقیل: إنّ الفلق یعنی ولادة کلّ الموجودات الحیّة، بشریة کانت أم حیوانیة أم نباتیة. فولادة هذه الموجودات تقترن بفلق حبّتها أو بیضتها، والولادة من أعجب مراحل وجود هذه الأحیاء، لأنّها تشکل طفرة فی مراحل وجودها، وانتقالاً من عالم إلى عالم آخر، یقول سبحانه: (إنّ اللّه فالق الحبّ والنوى یخرج الحی من المیت ومخرج المیت من الحی)(1).

وقیل: إنّ الفلق له معنى واسع یشمل کلّ خلق، لأنّ الخلق، هو شقّ ستار العدم لیسطع نور الوجود.

وکلّ واحد من هذه المعانی الثلاثة (طلوع الصبح ـ وولادة الموجودات الحیّة ـ وخلق کلّ موجود) ظاهرة عجیبة تدل على عظمة الباری والخالق والمدبّر، ووصف اللّه بذلک له مفهوم عمیق.

فی بعض الرّوایات جاء أنّ الفلق بئر عظیم فی جهنّم تبدو وکأنّها شقّ فی داخلها. وقد تکون الرّوایة إشارة إلى أحد مصادیقها لا أن تحدّ المفهوم الواسع لکلمة «الفلق».

(من شرّ ما خلق)... من کلّ موجود شرّیر من الإنس والجن والحیوان وحوادث الشرّ والنفس الأمارة بالسوء، وهذا لا یعنی أنّ الخلق الإلهی ینطوی فی ذاته على شرّ، لأنّ الخلق هو الإیجاد، والإیجاد خیر محض. یقول سبحانه: (الذی أحسن کلّ شیء خلقه)(2).

بل الشرّ یعرض المخلوقات حین تنحرف عن قوانین الخلقة، وتنسلخ عن المسیر المعین لها، على سبیل المثال، أنیاب الحیوانات وسیلة دفاعیة تستخدمها أمام الأعداء، کما نستخدم نحن السلاح للدفاع مقابل العدو، فلو أنّ هذا السلاح استخدم فی محله فهو خیر، وإن لم یستعمل فی محله کأن صوّب تجاه صدیق فهو شرّ.

وجدیر بالذکر أنّ کثیراً من الاُمور نحسبها شرّاً وفی باطنها خیر کثیر، مثل الحوادث والبلایا التی تنفض عن الإنسان غبار الغفلة وتدفعه إلى التوجه نحو اللّه هذه لیس من الشرّ حتماً.

(ومن شرّ غاسق إذا وقب).

«غاسق»: من الغسق، وهو ـ کما یقول الراغب فی المفردات ـ شدّة ظلمة اللیل فی منتصفه. ولذلک یقول القرآن الکریم فی إشارته إلى نهایة وقت صلاة المغرب: (... إلى غسق اللیل...)(3) وما قاله بعضهم فی الغسق أنّه ظلمة أوّل اللیل فبعید خاصّة وأن أصل الکلمة یعنی الإمتلاء والسیلان، وظلمة اللیل تکون ممتلئة حین ینتصف اللیل. وأحد المفاهیم الملازمة لهذا المعنى الهجوم، ولذلک استعملت الکلمة فی هذا المعنى أیضاً.

«غاسق»: تعنی إذن فی الآیة: الفرد المهاجم، أو الموجود الشرّیر الذی یتستر بظلام اللیل لشنّ هجومه. فلیست الحیوانات الوحشیة والزواحف اللاسعة وحدها تنشط فی اللیل وتؤذی الآخرین بل الأفراد الشرّیرین یتخذون من اللیل أیضاً ستاراً لتنفیذ أهدافهم الخبیثة.

«وقب»: من الوَقب، وهو الحفرة، ثمّ استعمل الفعل «وَقَبَ» للدخول فی الحفرة; وکأن هذه الموجودات الشریرة المضرة تستغل ظلام اللیل، فتصنع الحفر الضارة لتحقق مقاصدها الخبیثة، وقد یکون الفعل یعنی: نَفَذَ وتوغّل.

(من شرّ النفاثات فی العقد).

«النفاثات»: من «النفث» وهو البصق القلیل; ولما کان البصق مقروناً بالنفخ، فاستعملت نفث بمعنى نفخ أیضاً.

کثیر من المفسّرین قالوا إنّ «النفاثات» هی النساء الساحرات، وهی صیغة جمع للمؤنث ومبالغة من نَفثَ، وهذه النسوة کن یقرأن الأوراد وینفخن فی عقد، وبذلک یعملن السحر، وقیل: إنّها إشارة للنساء اللاتی کن یوسوسن فی أذن الرجال وخاصّة الأزواج لیثنوهم عن عزمهم ولیوهنوا إرادتهم فی أداء المهام الکبرى، وما أکثر الحوادث المؤلمة التی أدت إلیها وساوس أمثال هذه النسوة طوال التاریخ! وما أکثر نیران الفتنة التی أشعلتها، والعزائم التی أرختها وأوهنتها! الفخر الرازی یقول النساء یتصرفن فی قلوب الرجال لنفوذ محبّتهن فی قلوبهم(4).

وهذا المعنى فی عصرنا أظهر من أی وقت آخر، إذ إنّ إحدى أهم وسائل نفوذ الجواسیس فی أجهزة السیاسة العالمیة استخدام النساء، اللائی ینفثن فی العقد، فتنفتح مغالیق الأسرار فی القلوب ویحصلن على أدقّ الأسرار.

وقیل: إنّ النفاثات هی النفوس الشریرة، أو الجماعات المشککة التی تبعث بوساوسها عن طریق وسائل إعلامها لتوهن عزیمة الجماعات والشعوب.

ولا یستبعد أن تکون الآیة ذات مفهوم عام جامع یشمل کلّ اُولئک ویشمل أیضاً النمامین والذین یهدمون بنیان المحبّة بین الأفراد.

وینبغی التأکید على أنّ السّورة لا تتضمّن أیة دلالة على أن المقصود بآیاتها سحر الساحرین، وعلى فرض أنّها تشیر إلى سحر الساحرین، فإنّها لا تشکل دلیلاً على صحة سبب النزول الذی ذکره المفسّرون للسورة، بل تدل على أنّ النّبی(صلى الله علیه وآله) استعاذ باللّه من شرّ الساحرین، تماماً مثل الفرد السالم الذی یستعیذ باللّه من السرطان وهو لم یُصب به أصلاً.

(ومن شرّ حاسد إذا حسد).

هذه الآیة تبیّن أنّ الحسد أسوأ الصفات الرذیلة وأحطها، لأنّ القرآن وضعه فی مستوى أعمال الحیوانات المتوحشة والثعابین اللاسعة والشیاطین الماکرة.


1. الأنعام، 95.
2. السجدة، 7.
3. الاسراء، 78.
4. التفسیر الکبیر، ج 32، ص 196.
 سورة الفلق / الآیة 1 ـ 5 1ـ أخطر مصادر الشرّ والفساد
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma