یوم تطوى الکائنات فیه!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 15
سورة التّکویر / الآیة 1 ـ 9 1ـ وأد البنات

نواجه فی بدایة السورة، إشارات قصیرة، مثیرة ومرعبة لما سیجری لنهایة العالم المذهلة ـ بدایة یوم القیامة ـ، فتنقل الإنسان فی فکره وأحاسیسه إلى مفاجآت ذلک الیوم الرهیب، فقد تحدثت هذه الآیات عن ثمانیة علائم من ویوم القیامة.

وأول مشهد عرضته عدسة العرض القرآنی، هو: (إذا الشمس کورت).

«کورت»: من (التکویر)، بمعنى الطی والجمع واللّف (مثل لف العمامة على الرأس)، واُخذ هذا المعنى من کتب اللغة والتفسیر المختلفة.

واستعملت کذلک بمعنى: (الرمی) أو (إطفاء شیء).. والمعنیان ـ کما یبدو ـ مستمدان من المعنى الأصلی.

وعلى أیّة حال، فالمقصود هو: خمود نور الشمس وذهابه، وتغیّر نظام تکوینها.

وکما بات معلوماً... فالشمس فی وضعها الحالی، عبارة عن کرة مشتعلة، على هیئة غازیة ملتهبة، وتتفجر الغازات على سطحها بصورة شعلات هائلة محرقة، قد یصل إرتفاعها إلى مئات الآلاف من الکیلو مترات!

ولو قُدّرَ وضع الکرة الأرضیة وسط شعلة منها، فإنّها تستحیل فوراً إلى رماد وکتلة من الغازات!!

ولکن... عند حلول وقت نهایة العالم، والإقتراب من یوم القیامة، سیخمد ذلک اللهب المروع، وستجمع تلک الشعلات، فیطفأ نور الشمس، ویصغر حجمها... وهو ما اُشیر إلیه بالتکویر.

وجاء فی (لسان العرب): (کورت الشمس: جمع ضوءها ولف کما تلف العمامة).

وقد أیّد العلم الحدیث هذه الحقیقة، من خلال اعتقاده وبعد دراسات علمیة کثیرة، بأنّ الشمس تسیر تدریجیاً نحو الظلام والإنطفاء.

ویأتی المشهد الثّانی: (وإذا النجوم انکدرت).

«انکدرت»: من (الإنکدار)، بمعنى السقوط والتناثر، واشتق من (الکدورة)، وهی السواد والظلام.

ویمکن جمع المعنیین فی الآیة، لأنّ النجوم فی یوم القیامة ستفقد إشعاعها وتتناثر وتسقط فی هاویة الفناء، کما تشیر إلى ذلک الآیة 2 من سورة الإنفطار: (وإذا الکواکب انتثرت)، والآیة 8 من سورة المرسلات: (وإذا النجوم طمست).

والمشهد الثّالث: (وإذا الجبال سیّرت).

وقد ذکرنا مراحل فناء الجبال، ابتداءً من السیر والحرکة وانتهاءً بتحولها إلى غبار متناثر (فراجع تفسیر الآیة 20 من سورة النبأ).

وثمّ یأتی دور المشهد الرّابع: (وإذا العشار عطّلت).

«العشار»: جمع (عشراء)، وهی الناقة التی مرّ على حملها عشرة أشهر، فأضحت على أبواب الولادة، بعدما امتلأت أثداؤها باللبن.

وهی من أحبّ وأثمن النوق لدى العرب زمن نزول الآیة المبارکة.

«عطلت»: ترکت لا راعی لها.

فهول ووحشة القیامة، سینسی الإنسان أحبّ وأثمن ما یمتلکه.

وقال العلاّمة الطبرسی فی مجمع البیان: وقیل: العشار، السحاب تعطل فلا تمطر، أی إنّ الغیوم ستظهر فی ذلک الیوم، ولکن لا تمطر (ویمکن أن تکون الغیوم ناشئة من الغازات المختلفة، أو تکون غیوماً ذریة، أو طبقات من الغبار الناتج من تدمیر الجبال... وکلّ ذلک لا تمطر).

ویضیف الطبرسی قائلاً: قال الأزهری: لا أعرف هذا فی اللغة.

وثمّة علاقة بین ما ذهب إلى الشیخ الطریحی فی (مجمع البحرین) بقوله: العشار: بمعنى الناقة الحامل ثمّ اُطلق على کلّ حامل، وبین إطلاقها فی الآیة، فالغیوم غالباً ما تکون محملة بالأمطار، ولکن الغیوم التی ستظهر فی السماء على أعتاب ذلک الیوم سوف لا تکون محمّلة بالمطر ـ فتأمل.

وقیل: «العشار»: هی البیوت أو الأراضی الزراعیة التی ستتعطل بذلک الیوم، وستخلو من الناس والزراعة.

وأشهر ما فسّرت به الآیة هو التفسیر الأوّل.

وینتقل المشهد الخامس إلى الوحوش: (وإذا الوحوش حشرت).

فالحیوانات الوحشیة التی تراها فی الحالات العادیة تبتعد الواحدة عن الاُخرى خوفاً من الافتراس والبطش، ستراها وقد جمعت فی محفل واحد، وکلّ منها  لا یلتفت إلى ما حوله لما سیصاب به من رهبة وأهوال ذلک الیوم الخطیر، وکأنّها تقصد من اجتماعها هذا التخفیف عن شدّة خوفها وفزعها!!

ونقول: إذا اضمحلت کلّ خصائص الوحشیة للحیوانات غیر الألیفة نتیجة لأهوال یوم القیامة، فما سیکون مصیر الإنسان حینئذ؟!

ویعتقد کثیر من المفسّرین بأنّ الآیة تشیر إلى حشر الحیوانات الوحشیة فی عرصة یوم القیامة لمحاسبتها على قدر ما تحمل من إدراک، ویستدلون بالآیة 38 من سورة الأنعام على ذلک، والتی تقول: (وما من دابة فی الأرض ولا طائر یطیر بجناحیه إلاّ اُمم أمثالکم ما فرّطنا فی الکتاب من شیء ثمّ إلى ربّهم یحشرون)(1).

وما یمکننا قوله: إنّ الآیة تتحدث عن علائم نهایة الدنیا المهولة، وبدایة عالم الآخرة، وعلیه.. فالتّفسیر الأوّل أنسب.

وتُصَوّرُ البحار فی المشهد السادس: (وإذا البحار سجّرت).

«سجّرت»: من (التسجیر)، بمعنى إضرام النّار.

وإذا خالج القدماء التعجب والاستغراب لهذا الوصف القرآنی، فقد بات الیوم من البدیهیات الکسبیة، لما یترکب منه الماء من عنصری الأوکسجین والهیدروجین، القابلات للإشتعال بسرعة، ولا یستبعد أنْ یوضع الماء ـ فی إرهاصات یوم القیامة ـ تحت ضغط شدید ممّا یؤدّی إلى تجزئة وتفکیک عناصره، وعندها سیتحول إلى کتلة ملتهبة من النّار.

وقیل: «سجّرت»: بمعنى (امتلأت)، کما یقال للتنور الممتلیء بالنّار (مسجّر)، وعلى ضوء هذا المعنى، یمکننا أنْ نتصور امتلاء البحار ممّا سیتسبب من الزلازل الحادثة وتدمیر الجبال فی إرهاصات یوم القیامة، أو ستمتلیء بما یتساقط من أحجار وصخور سماویة، فیفیض ماؤها على الیابسة لیغرق کلّ شیء.

ویأتی درو المشهد السابع: (وإذا النفوس زوجت).

فتبدأ المآلفة بخلاف حال الدنیا... فالصالحون مع الصالحین، والمسیؤون مع المسیئین، وأصحاب الیمین مع أصحاب الیمین، وأصحاب الشمال مع أصحاب الشمال، فإذا ما جاور المؤمن مشرکاً، أو تزوج الصالح من غیر الصالحة فی الحیاة الدنیا، فتصنیف یوم لقیامة غیر ذلک، فهو یوم الفصل الحق.

وثمّة احتمالات اُخرى، منها:

ردّ الأرواح إلى أجسادها..

زواج الصالحین بالحور العین..

قرن الضالین بالشیاطین...

لحوق الإنسان بحمیمه، بعد أنْ فرّق الموت بینهما..

قرن الإنسان بأعماله.

والتفسیر الأوّل أقرب، بدلالة الآیات 7 ـ 11 من سورة الواقعة: (وکنتم أزواجاً ثلاثة * فأصحاب المیمنة ما أصحاب المیمنة * وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة * والسابقون السابقون * اُولئک المقرّبون).

فبعد أنْ تحدثت الآیات السابقة لهذه الآیة عن ستة تحولات، کمقدمات یوم القیامة، تأتی الآیة أعلاه لتخبر عن اُولى خطوات یوم القیامة، المتمثلة بالتحاق کلّ شخص بقرینه.

ونصل إلى المشهد الثّامن: (وإذا الموءودة سئلت * بأىّ ذنب قتلت).

«الموءودة»: من (الوأد) على وزن (وعد)، بمعنى دفن البنت حیّة بعد ولادتها.

وقیل: الوأد بمعنى الثقل، وتوسع معناه (لما ذُکِر)، لما فیه من دفن البنات فی القبر وإلقاء التراب علیهن.

وأطلق الأئمّة الأطهار(علیهم السلام) مفهوم الوأد، لیشمل کّل قطع رحم وقطع مودّة... حینما سُئل الإمام الباقر(علیه السلام) عن معنى الآیة، قال:«مَنْ قتل فی مودّتنا».(2)

وفی روایة اُخرى: إنّ الدلیل على ذلک هو آیة القربى: (قل لا أسألکم علیه أجراً إلاّ المودّة فی القربى)(3) (4).

ولا شک أنّ التفسیر الأوّل ینسجم مع ظاهر الآیة، ولکن المفهوم والملاک قابلان للتوسع والشمول.


1. بحثنا موضوع حشر وحساب الحیوانات فی هذا التفسیر ذیل الآیة 38 من سورة الأنعام، فراجع.2. تفسیر البرهان، ج4، ص432، ح 11.
3. الشورى 23.
4. المصدر السابق، ح7.
سورة التّکویر / الآیة 1 ـ 9 1ـ وأد البنات
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma