صورٌ من نعیم الجنّة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 15
سورة الغاشیة / الآیة 8 ـ 16 سورة الغاشیة / الآیة 17 ـ 26

بعد ذکر ما سیتعرض له أهل النّار، تنتقل عدسة السّورة لتنقل لنا مشاهد رائعة لنعیم أهل الجنّة.. لیتوضح لنا الفرق ما بین القهر الإلهی والرحمة الإلهیّة، وما بین الوعید والبشارة.

فتقول الآیة الاُولى: (وجوهٌ یومئذ ناعمة)، على عکس وجوه المذنبین المکسوة بعلائم الذلة والخوف.

«ناعمة»: من (النعمة)، وتشیر هنا إلى الوجوه الغارقة فی نعمة اللّه، وجوه طریة، مسرورة ونورانیة، کما أشارت لهذا الآیة 24 من سورة المطففین: (تعرف فی وجوههم نضرة النعیم).

وترى الوجوه: (لسعیها راضیة).

على عکس أهل جهنّم، فوجوههم «عاملة ناصبة»، أمّا أهل الجنّة، فقد حان وقت حصادهم لما زرعوا فی دنیاهم، وحصلوا عى أحسن ما یتمنون، فتراهم فی غایة الرضى والسرور.

وما زرعوا سیتضاعف ناتجه بإذن اللّه ولطفه أضعافاً مضاعفة، فتارة عشرة أضعاف، واُخرى سبعمائة ضعف، وثالثة یجازون على ما عملوا بغیر حساب، کما أشارت الآیة 10 من سورة الزمر إلى ذلک بقولها: (إنّما یُوفّى الصابرون أجرهم بغیر حساب).

ویدخل البیان القرآنی فی التفصیل أکثر: (فی جنّة عالیة).

«عالیة»: قیل بإرادة المکان (فی طبقات الجنّة العلیا)، وقیل اُرید بها المقام الرفیع، ومع أنّ التّفسیر الثّانی أرجح، إلاّ أنّه لا مانع من الجمع بینهما.

وکذا... : (لا تسمع فیها لاغیة).(1)

فلیس هناک ثمّة: جدال، کلام نفاق، عداوة، حقد، حسد، کذب، تهمة، إفتراء، غیبة ولا أیّ إیذاء، بل ولا حتى الکلام الفارغ.

فهل یوجد مکان أهدأ وأجمل من ذلک؟!

ولو تأملنا حقیقة مشاکلنا فیما بیننا، لرأینا أنّ الغالب منها ما کان ناشئاً عن سماع هکذا أحادیث، والتی تؤدّی إلى عدم الإستقرار النفسی، وإلى تهدیم أرکان الترابط الاجتماعی فینهار النظام وتشتعل نیران الفتن لتأکل الأخضر والیابس معاً.

وبعد ذکر القرآن لما یتمتع به أهل الجنّة من نعمة روحیة، یبیّن بعض النعم المادیة فی الجنّة: (فیها عین جاریة).

ظاهر کلمة «عین» فی الآیة، إنّها عین واحدة بدلیل مجیئها نکرة، إلاّ أنّه بالرجوع إلى بقیة الآیات فی القرآن الکریم، یتبیّن لنا إنّها للجنس، فهی والحال هذه تشمل عیوناً مختلفة، ومن قرائن ذلک ما جاء فی الآیة 15 من سورة الذاریات: (إنّ المتقین فی جنات وعیون).

وقیل: فی کلّ قصر من قصور أهل الجنّة، ثمّة «عین جاریة»، وهو المراد فی الآیة، ومن میزة تلک الأنهار أنّها تجری حسب رغبة أهل الجنّة، فلا داعی معها لشقّ أرض أو وضع سد.

وینهل أهل الجنّة أشربة طاهرة ومتنوعة، فتلک العیون وعلى ما لها من رونق وروعة، فلکلّ منها شراب معین له مواصفاته الخاصّة به.

وینتقل الوصف إلى أسرّة الجنّة: (فیها سرر مرفوعة).

«سرر»: جمع (سریر)، وهو من (السرور)، بمعنى المقاعد التی یجلس علیها فی مجالس الاُنس والسرور(2).

وجعلت تلک الأسرّة من الإرتفاع بحیث یتمکن أهل الجنّة من رؤیة کلّ ما یحیط بها والتمتع بذلک.

یقول ابن عباس: إذا أراد أن یجلس علیها، تواضعت له حتى یجلس علیها، ثمّ ترتفع إلى موضعها.(3)

ویحتمل أیضاً: وصفت بالمرفوعة إشارة إلى رفعتها وعلو شأنها.

وقیل: إنّها من الذهب المزین والمرصع بالزبرجد والدرّ والیاقوت.

ولا مانع من الجمع بین ما ذکر.

ولمّا کان شرب الشراب یستلزم ما یشرب به، فقد قالت الآیة التالیة: (وأکواب موضوعة).

ومتى ما أرادوا الشرب ارتفعت تلک الأکواب لتصل بین أیدیهم وقد ملئت من شراب تلک العیون، فیستلذون بما لا وصف له عند أهل الدنیا.

«أکواب»: جمع (کوب)، وهو القدح، أو الظرف الذی له عروة.

وبالاضافة إلى ذکر الـ «أکواب» فقد ذکر القرآن الکریم تعابیر اُخرى لها، مثل: «أباریق» جمع (ابریق) وهو ظرف معروف، و«کأس» بمعنى القدح المملوء بالشراب، کما جاء فی الآیتین 17 و18 من سورة الواقعة: (یطوف علیهم ولدان مخلدون * بأکواب وأباریق وکأس من معین).

ویستمر الحدیث عن جزئیات نعیم الجنّة: (ونمارق مصفوفة).

«نمارق»: جمع (نمرقة)، وهی الوسادة الصغیرة التی یتکأ علیها.(4)

«مصفوفة»: إشارة إلى تعددها بنظم خاص، لیظهر أنّ لأهل الجنّة جلسات اُنس جماعیة، التی لا یتخللها أی لغو وباطل، ویدور الحدیث فیها حول الألطاف الإلهیّة ونعمه الخالدة، وعن الفوز الحقیقی الذی أبعدهم عن عذاب الآخرة، وکیف أنّهم قد نجوا وخلصوا من الآم وأتعاب الدنیا.

ثمّ تکون الإشارة إلى فرش الجنّة الفاخرة: (وزرابیّ مبثوثة).

«زرابیة»: جمع (زرب) أو (زربیّة)، وهی الفرش والبسط الفاخرة ذات المتکأ.

ذکرت الآیات المبحوثة سبع نعم رائعة من نعم الجنّة، وکلّ منها أکثر روعة من الاُخرى.

والخلاصة: فمنزل الجنّة لا مثیل له من کلّ الجهات، فهو الخالی من أی ألم أو عذاب أو حرب أو جدال... وتجد فیه کلّ ألوان الثمار والأنعام والعیون الجاریة والأشربة الطاهرة والولدان المخلدین والحور العین والأسرة المرصعة والفرش الفاخرة وأقداح جمیلة فی متناول الید وجلساء أصفیاء، إلى غیر ذلک ممّا لا یمکن عدّه بلسان أو وصفه بقلم ولا حتى تخیله إذا ما سرحت المخیّلة فی عالمها الرحب!..

وکلّ ما ذکر وغیره سیکون فی انتظار من آمن وعمل صالحاً، بعد حصوله على إذن الدخول إلى تلک الدار العالیة.

وفوق هذا وذاک فثمّة «لقاء اللّه»، الذی لیس من فوز یوازیه.


1.«لاغیة» بالرغم من کونها اسم فاعل، ولکنّها تأتی بما یرادف (اللغو)، أی (ذات لغو).
2. مفردات الراغب، مادة (سرّ).
3. تفسیر مجمع البیان، ج 10، ص 479.
4. صحاح اللّغة، مادّة (نمرق).
سورة الغاشیة / الآیة 8 ـ 16 سورة الغاشیة / الآیة 17 ـ 26
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma