الحدیث عن الشمس ـ وهی مرکز المنظومة الشمسیة وأمیرة کواکبها ـ یدور تارة حول عظمتها وهو ما تطرقنا إلیه سابقاً، وتارة اُخرى حول برکاتها وآثارها، وهذا ما سنعرض له بتلخیص فی النقاط التالیة:

1ـ حیاة البشر وجمیع الموجودات الحیة الاُخرى بحاجة فی الدرجة الاُولى إلى الحرارة والنور، والحاجة إلى هذین الأمرین الحیاتیین تؤمنها بشکل کامل متعادل هذه الکرة العظیمة المتوهجة.

2ـ جمیع المواد الغذائیة یتمّ إعدادها بوسیلة نور الشمس، حتى الأحیاء فی قاع البحار والمحیطات تتغذى على النباتات التی تنمو على سطح المحیطات أو فی خضمّ الأمواج مستفیدة من نور الشمس ثمّ تترسب إلى القیعان.

3ـ کل الألوان ومظاهر الجمال المشهودة فی الطبیعة ترتبط بشکل من الأشکال بنور الشمس، وهذه مسألة علمیة ثابتة وخاصّة فی الفیزیاء.

4ـ الأمطار التی تحیی الأرض بعد موتها تهطل من الغیوم والغیوم أبخرة متصاعدة من البحار والمحیطات نتیجة لسطوع الشمس علیها، مصادر المیاه التی تتغذى من الأمطار بما فیها الأنهار والعیون والقنوات والآبار العمیقة هی إذن من برکات نور الشمس.

5ـ الریاح التی تؤدی مهمّة تلطیف الجو، وتنقّل السحب، وتلقیح النبات، ونقل الحرارة من المناطق الحارة على الکرة الأرضیة إلى المناطق الباردة، ونقل البرودة من المناطق الباردة إلى الحارة، إنّما تفعل ذلک بفضل سطوع نور الشمس، وتغییر درجة الحرارة فی المناطق المختلفة من المعمورة.

6ـ مصادر الطاقة بما فیها الشلالات، والسدود العظیمة فی المناطق الجبلیة، مصادر النفط ومناجم الفحم کلّها ترتبط بشکل من الأشکال بالشمس، ولولاها لما وجدت هذه المصادر، ولتبدلت الحرکة على وجه الأرض إلى سکون.

7ـ بقاء نظام المنظومة الشمسیة مدین للتعادل القائم بین قوى الجذب والدفع الموجودة بین کرة الشمس من جهة، والسیارات التی تدور حولها من جهة اُخرى. وبذلک تنهض الشمس بدور فعّال فی حفظ هذه السیارات فی مدارها.

من مجموع ما ذکرنا نفهم السبب فی بدء القسم فی هذه السّورة المبارکة بالشمس.

وهکذا القمر ونور النهار وظلام اللیل، والکرة الأرضیة، لکلّ واحد منها دور هام فی حیاة الإنسان وغیر الإنسان، ولذلک جاء القسم بها جمیعاً، وأهم من کلّ ذلک الإنسان بروحه وجسمه فهو أعجب من الجمیع وأشدّ غموضاً وسرّاً منها.

وسنعود إلى أهمیة تهذیب النفس فی نهایة السّورة.