القَسم بالملائکة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 15
سورة النّازعات / الآیة 1 ـ 5 بحثان

جاء القسم القرآنی بخمسة أشیاء مهمّة، لتبیان حقیقة وحتمیة تحقق یوم القیامة «المعاد»، فیقول: (والنازعات غرقاً...).

وقبل البدء بالتّفسیر لابدّ من توضیح معانی بعض الکلمات..

«النازعات»: من (النزع)، ونزع الشیء جذبه من مقرّه، کنزع القوس عن کبده، ومنه نزع العداوة والمحبّة من القلب(1). وبذلک تشمل الاُمور المعنویة أیضاً.

(الغَرق): بالفتح (على وزق الشفق)، هو الرسوب فی الماء، (على قول کثیر من أهل اللغة)، ویأتی کذلک فیمَن غمره البلاء.

و«الغرْق»: (على وزن الفرْق)، یقول عنه (ابن منظور) فی لسان العرب: إنّه اسم اُقیم مقام المصدر الحقیقی، بمعنى الإغراق، والإغراق بالنزع هو: أن یباعد السهم ویسحب القوس إلى آخر نقطة ممکنة، ویضرب مثلاً للغو والإفراط.

ومن هنا یتّضح أنّ المعنى المقصود فی هذه الآیة لیس الغرق فی الماء، بل هو القیام بعمل ما إلى أقصى حدّ ممکن.(2)

(والناشطات نشط).

«النّاشطات»: من (النشط)، هی العُقد التی یسهل حلها، وبئر (إنشاط): هی القریبة القعر یخرج دلوها بجذبة واحدة، ویقال للإبل التی تتحرک من غیر أن یُحدى لها (النشیطة)... فیکون المعنى عموماً: هو التحرک بسهولة.

(والسابحات سبح).

«السابحات»: من (السبح)، وهو الحرکة السریعة فی الماء أو الهواء ولهذا تطلق السابحات على: السباحة فی الماء، الحرکة السریعة للخیل، وأیّة حرکة سریعة فی عمل ما...

و«التسبیح»: هو تنزیه اللّه تعالى من کل عیب ونقص، وأصله: الحرکة السریعة فی عبادة اللّه تعالى.

(فالسابقات سبق).

«السابقات»: من (السبق)، وهو التقدم فی السیر، وبما أنّ السبق لا یتمّ إلاّ بالحرکة الأسرع فهو یتضمّن معنى السرعة کذلک.

(فالمدبرات أمر).

«المدبرات»: من (التدبیر)، وهو التفکیر فی عاقبة الاُمور، وأرادت الآیة القیام بالأعمال على أحسن وجه.

وبعد هذه التعریفات الموجزة نشرع بالتفسیر:

إنّ القسم بهذه الاُمور الخمسة قد لفّته هالة من الإبهام والغموض وتبعث على التأمل والتعمق أکثر لمعرفة المراد من هذه الأقسام وأنّها لمن تشیر، وأی شیء تقصد؟

وقد عرضت تفاسیر مختلفة، وقیل الکثیر بخصوص هذا الموضوع، إلاّ أنّ معظمها تدور حول ثلاثة محاور:

الأوّل: إنّ القسم المذکور یتعلق بالملائکة الموکلة بقبض أرواح الکفّار والمجرمین، ولکون تلک الأرواح قد رفضت التسلیم للحق، فیکون فصلها عن أجسادها بشدّة.

ویتعلق کذلک، بالملائکة الموکلة بقبض أرواح المؤمنین برفق ویُسر، وسرعة فی إتمام الأمر.

والملائکة التی تسرع فی تنفیذ الأوامر الإلهیّة.

ثمّ الملائکة التی تتسابق فی تنفیذ الأوامر الإلهیّة.

وأخیراً، یتعلق القسم بالملائکة التی تدبّر شؤون العالم بأمره سبحانه وتعالى.

الثّانی: تعلق القسم بالنجوم التی تغرب من اُفق لتنتقل إلى اُفق آخر وبحرکة دائبة لا تعرف السکون.

فبعض منها تمشی الهوینا، والبعض الآخر واسعة الخطوات.

وتراها سابحة فی السماء.

وتتسابق فیما بینها.

وأخیراً، تشترک فی تدبیر اُمور الکون، بما لها من تأثیرات، (کنور الشمس وضیاء القمر بالنسبة إلى الأرض).

الثّالث: تعلق القسم بالمجاهدین فی سبیل اللّه، أو بخیولهم الخارجة من أوطانهم بعزم شدید لتجول فی میادین القتال بنشاط وتمکن.

و... تتسابق فیما بینها... مع الجولان والتسابق تعمل على إرادة وتدبیر اُمور الحرب.

وقد جمع بعض المفسّرین هذه الآراء، فبعضها مقتبس من الأوّل، والقسم الآخر من الثّانی أو الثالث، لمعنى خاص، ولکنّ الأصل فی کلّ ذلک یعود إلى التّفاسیر الثّلاثة المذکورة(3).

ولا یوجد أیّ تضاد بین کلّ ما ذُکر، ویمکن أن تکون الآیات قد رمزت إلى کلّ هذه المعانی... وعموماً یبدو أنّ التفسیر الأوّل أقرب من غیره، للأسباب التالیة:

أوّلاً: تناسبه مع یوم القیامة... وهو ممّا تدور السورة حوله عموماً.

ثانیاً: نسبة الترابط الموجود بینه وبین الآیات المشابهة للآیات المبحوثة فی أوّل سورة المرسلات.

ثالثاً: ملائمة تفسیر: (فالمدبّرات أمر) للملائکة التی تدبّر شؤون العالم بأمر اللّه، والذین لا یتخلفون ولو لحظة واحدة فی تنفیذ ما یؤمرون به، کما تشیر الآیة 27 من سورة الأنبیاء إلى ذلک: (لا یسبقونه بالقول وهم بأمره یعملون)، وخصوصاً أنّ (تدبیر الأمر) ورد بصیغة مطلقة من دون أیّ قید أو شرط.

وعلاوة على کلّ ما تقدم فثمّة روایات فی تفسیر الآیات المبحوثة یتناسب معها التفسیر الأوّل، ومن جملتها:

ما روی عن علی(علیه السلام) فی تفسیر (النّازعات غرق)، إنّه قال: «إنّها الملائکة الذین ینزعون أرواح الکفّار عن أبدانهم بشدّة کما یغرق النازع بالقوس فیبلغ بها غایة المسد)(4).

وروی عنه(علیه السلام) فی تفسیر: «والناشطات» و«السابحات» و«فالمدبرات» ما یشبه ذلک(5).

ویمکن توجیه هذا التفسیر بشکل أتم، إذا ما اعتبرنا مسألة قبض أرواح المؤمنین والکفّار مصداق من مصادیق التّفسیر ولیس کلّ محتواه، وعلیه فالملائکة هم المقصودون بالأقسام المذکورة بصورة عامّة، ویتمّ تنفیذ الأمر الإلهی من قبلهم على خمس مراحل: الحرکة الشدیدة الناتجة من عظمة صدور الأمر الإلهی.. الشروع بالتنفیذ بخطوات هادئة.. الإسراع فی خطوات التنفیذ.. فالتسابق.. ومن ثمّ یکون تدبیر الأمر.

وعلى أیّة حال، فقبض الأرواح من قبل الملائکة مصداق لمفهوم کلّی، ویعتبر الأرضیة الممهدة لبقیة البحوث التی تتناولها السورة حول «المعاد».


1. مفردات الراغب، مادة (نزع).
2.راجع: لسان العرب، وتفسیر مجمع البیان، وتفسیر الکشّاف، ومجمع البحرین.
3. وثمّة رأی یقول: المقصود بهذا القسم، تلک الحرکات الطبیعیة والإرادیة والصناعیة للموجودات، فمثلاً: تتحرک النطفة حرکة طبیعیة، فتنفصل من صلب الأب لتستقر فی رحم الاُم، ثمّ تدیم مسیرها بهدوء، ولتسرع بعد ذلک، ثمّ تبدأ المواد الحیاتیة بالتسابق فی النطفة حتى یتشکل فی النهایة إنسان کامل الهیئة لتقوم بتدبیره، وکذا الحال بالنسبة للحرکات الإرادیة حیث یبدأ الإنسان باتخاذ قرار معین وبعده یتحرک بهدوء لتجسید اُولى خطوات التنفیذ، ثمّ یسرع الخطوات، ویتسابق مع الآخرین، ویقوم بکلّ ذلک لتدبیر أمره وحیاته الاجتماعیة والوسائل الصناعیة لا تبتعد عن هذا التسلسل، کما فی المراحل التی تطویها الطائرة فی مسیرها. (إلاّ أنّ هذا التفسیر یفتقد الدلیل).
4. تفسیر نورالثقلین، ج 5، ص 497، ح 4.
5. المصدر السابق، ح 7 و8 و12.
سورة النّازعات / الآیة 1 ـ 5 بحثان
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma