تسبیح اللّه

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 15
سورة الأعلى / الآیة 1 ـ 5 بحث

تبدأ السّورة بخلاصة دعوة الأنبیاء(علیهم السلام)، حیث التسبیح والتقدیس أبداً للّه الواحد الأحد، فتخاطب النبیّ الأکرم(صلى الله علیه وآله) بالقول: (سبح اسم ربّک الأعلى).

یذهب جمع من المفسّرین إلى أنّ المراد بالـ «اسم» هنا هو (المسمى)، فی حین قال آخرون هو (اسم اللّه) سبحانه وتعالى.

ولیس ثمّة فرق کبیر بین القولین، فالإسم یدّل على المسمى.

وعلى أیّة حال، فمراد الآیة أن لا یوضع اسمه جلّ شأنه فی مصاف أسماء الأصنام، ویجب تنزیه ذاته المقدسة من کلّ عیب ونقص، ومن کلّ صفات المخلوق وعوارض الجسم، أی أن لا یحد.

فینبغی على المؤمنین ألاّ یتعاملوا مع اسمه الجلیل کتعامل عبدة الاصنام، بأن یضعوا اسمه تعالى مع أسماء أصنامهم، ولا یفعلوا کما یفعل المجسمة، ممن وقعوا فی خطأ کبیر وفاحش حینما نسبوا إلى الباری جلّ جلاله الصفات الجسمیة.

(الأعلى): أی الاعلى من کلّ: أحد، تصوّر، تخیّل، قیاس، ظن، وهم، ومن أی شرک بشقیه الجلی والخفی.

(ربّک): إشارة إلى أنّه غیر ذلک الرّب الذی یعتقد به عبدة الأصنام.

وبعد ذکر هاتین الصفتین (الربّ والأعلى)، تذکر الآیات التالیة خمس صفات تبیّن ربوبیة اللّه العلیا...: (الذی خلق فسوّى).

(سوّى): من (التسویة)، وهی الترتیب والتنظیم، ویضم هذا المفهوم بین جناحیه کلّ أنظمة الوجود، مثل: النظام السماوی بنجومه وکواکبه، والأنظمة الحاکمة على المخلوقات فی الأرض، ولا سیما الإنسان من حیث الروح والبدن.

أمّا ما قیل، من کونها إشارة إلى نظام الید أو العین أو اعتدال القامة، فهذا فی واقعه لا یتعدى أن یکون إلاّ بیان لمصداق محدود من مصادیق هذا المفهوم الواسع.

وعلى أیّة حال، فنظام عالم الخلیقة، بدءاً من أبسط الأشیاء، کبصمات الأصابع التی أشارت إلیها الآیة 4 من سورة القیامة (بلى قادرین على أن نسوّی بنانه)، وانتهاءً بأکبر منظومة سماویة، کلها شواهد ناطقة على ربوبیة اللّه سبحانه وتعالى، وأدلة إثبات قاطعة على وجوده عزّوجلّ.

وبعد ذکر موضوعی الخلق والتنظیم، تنتقل بنا الآیة التالیة إلى حرکة الموجودات نحو الکمال: (والذی قدّر فهدى).

والمراد بـ (قدّر)، هو: وضع البرامج، وتقدیر مقادیر الاُمور اللازمة للحرکة باتجاه الأهداف المرسومة التی ما خلقت الموجودات إلاّ لأجلها.

والمراد بـ (هدى) هنا، هو: الهدایة الکونیة، على شکل غرائز وسنن طبیعیة حاکمة على کل موجود (ولا فرق فی الغرائز والدوافع سواء کانت داخلیة أم خارجیة).

فمثلاً، إنّ اللّه خلق ثدی المرأة وجعل فیه اللبن لتغذیة الطفل، وفی ذات الوقت جعل عاطفة الاُمومة شدیدة عند المرأة، ومن الطرف الآخر جعل فی الطفل میلاً غریزیاً نحو ثدی اُمّه، فکلّ هذه الإستعدادات والدوافع وشدّة العلاقة الموجودة بین الاُم والابن والثدی مقدّر بشکل دقیق، کی تکون عملیة السیر نحو الهدف المطلوب طبیعیة وصحیحة.

وهذا التقدیر الحکیم ما نشاهده بوضوح فی جمیع الکائنات.

وبنظرة ممعنة لبناء کلّ موجود، وما یطویه فی فترة عمره من خطوات فی مشوار الحیاة، تظهر لنا بوضوح الحقیقة التالیة: (ثمّة برنامج وتخطیط دقیق یحیط بکل موجود، وثمّة ید مقتدرة تهدیه وتعینه على السیر على ضوء ما رسم له)، وهذه بحد ذاتها علامة جلیّة لربوبیة اللّه جلّ وعلا.

وقد اختص الإنسان بهدایة تشریعیة إضافة للهدایة التکوینیة یتلقاها عن طریق الوحی وإرسال الأنبیاء علیهم السلام، لتکتمل أمامه معالم الطریق من کافة جوانبه.

وتوصلنا الآیة 50 من سورة طه لهذا المعنى، وذلک لمّا نقلت لنا سؤال فرعون إلى موسى(علیه السلام) بقوله: (ومَن ربکما یا موسى)، فأجابه(علیه السلام): (ربّنا الذی أعطى کلّ شیء خلقه ثمّ هدى).

وقد فُهم قول موسى(علیه السلام) بشکل مجمل فی زمانه، وحتى فی زمان نزول الآیة المبارکة فی صدر الدعوة الإسلامیة، ولکن... مع دوران عجلة الأیّام، وتقدم العلوم البشریة، توصل الإنسان إلى معارف کثیرة ومنها ما یختص بمعرفة أنواع أحوال الموجودات الحیّة، فتوضح قول موسى(علیه السلام) أکثر فأکثر، حتى کتبت آلاف الکتب فی موضوع (التقدیر) و(الهدایة التکوینیة)، ومع ما توصل إلیه العلماء من معلومات باهرة، إلاّ إنّهم یؤکّدون على أنّ ما بقی خاف علیهم هو أکثر بکثیر ممّا توصلوا لمعرفته!

وتشیر الآیة التالیة إلى النباتات، وما یخصّ غذاء الحیوانات منها: (والذی أخرج المرعى).

واستعمال کلمة (أخرج) فیه وصف جمیل لعملیة تکوّن النباتات، حیث إنّه یتضمّن وجودها داخل الأرض فأخرجها الباری منها.

وممّا لا شک فیه إنّ التغذیة الحیوانیة هی مقدمة لتغذیة الإنسان، وبالنتیجة فإنّ فائدة عملیة تغذیة الحیوان تعود إلى الإنسان.

ثمّ: (فجعله غُثاء أحوى).

«الغثاء»: هو ما یطفح ویتفرق من النبات الیابس على سطح الماء الجاری، ویطلق أیضاً على ما یطفح على سطح القدر عند الطبخ، ویستعمل کنایة عن: کلّ ضائع ومفقود، وجاء فی الآیة بمعنى: النبات الیابس المتراکم.

«أحوى»: من (الحوة) ـ على زنة قوّة ـ وهی شدّة الخضرة، أو شدّة السواد، وکلاهما من أصل واحد، لأنّ الخضرة لو اشتدّت قربت من السواد، وجاء فی الآیة بمعنى: تجمع النبات الیابس وتراکمه حتّى یتحول لونه تدریجیاً إلى السواد.

ویمکن أن یکون اختیار هذا التعبیر فی مقام بیان النعم الإلهیّة، لأحد أسباب ثلاث:

الأوّل: إنّ حال هذه النباتات یشیر بشکل غیر مباشر إلى فناء الدنیا، لتکون دوماً درساً وعبرة للإنسان، فهی بعد أن تنمو وتخضر فی الربیع، شیئاً فشیئاً ستیبس وتموت بعد مرور الأیّام علیها، حتى یتحول جمالها الزاهی فی فصل الربیع إلى سواد قاتم، ولسان حالها یقول بعدم دوام الدنیا وانقضائها السریع.

الثّانی: إنّ النباتات الیابسة عندما تتراکم، فستتحول بمرور الوقت إلى سماد طبیعی، لیعطی الأرض القدرة اللازمة لإخراج نباتات جدیدة اُخرى.

الثّالث: إنّ الآیة تشیر إلى تکوّن الفحم الحجری من النباتات والأشجار.

فکما هو معلوم، إنّ الفحم الحجری، والذی یعتبر من المصادر المهمّة للطاقة، قد تکوّن من النباتات والأشجار التی یبست منذ ملایین السنین، ودفنت فی الأرض حتى تحجرت واسود لونها بمرور الزمان.

ویعتقد بعض العلماء، بأنّ مناجم الفحم الحجری قد تکوّنت من جراء النباتات الیابسة المدفونة فی داخل الأرض منذ 250 ملیون سنة تقریباً!

ولو أخذنا بنظر الاعتبار مقدار الاستهلاک الفعلی للفحم الحجری فی العالم، لوجدنا أنّها تؤمن احتیاج النّاس لأکثر من 4000 سنة.(1)

وتفسیر الآیة بالمعنى الأخیر دون غیره بعید حسب الظاهر، ولا یستبعد أن تکون الآیة قد أرادت کل ما جاء فی المعانی الثلاث أعلاه.

وعلى أیّة حال، فللغثاء الأحوى منافع کثیرة.. فهو غذاء جید للحیوانات فی الشتاء، ویستعمل کسماد طبیعی للأرض، وکذا یستعمله الإنسان کوقود.

فما ذکرته الآیات من صفات: الربوبیة، الأعلى، الخلق، التسویة، التقدیر، الهدایة وإخراج المرعى، توصلنا إلى الربوبیة الحقّة للّه جلّ وعلا، وبقلیل من التأمل یتمکن أیّ إنسان من إدراک هذا المعنى، لیصل نور الإیمان إلى قلبه، فیشکر المنعم على ما أعطى.


1. ذکر هذا التفسیر فی کتاب «قرآن بر فراز أعصار» لمؤلفه «ع - نوفل»، ترجمة «بهرام پور».
سورة الأعلى / الآیة 1 ـ 5 بحث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma