عاقبة مرّة للطغاة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 15
سورة الشّمس / الآیة 11 ـ 15 1ـ ملخص حدیث قوم ثمود

عقب التحذیر الذی اطلقته الآیة السابقة بشأن عاقبة من ألقى بنفسه فی أوحال العصیان، قدمت هذه الآیات مصداقاً تاریخیاً واضحاً لهذه السنّة الإلهیّة، وتحدثت عن مصیر قوم «ثمود» بعبارات قصیرة قاطعة ذات مدلول عمیق.

(کذّبت ثمود بطغواه).

«الطغوى» و«الطغیان» بمعنى واحد وهو تجاوز الحد، وفی الآیة تجاوز الحدود الإلهیّة والعصیان أمام أوامره(1).

«قوم ثمود» من أقدم الأقوام التی سکنت منطقة جبلیة بین «الحجاز» و«الشام». کانت لهم حیاة رغدة مرفهة، وأرض خصبة، وقصور فخمة، غیر أنّهم لم یؤدوا شکر هذه النعم، بل طغوا وکذبوا نبیّهم صالحاً، واستهزأوا بآیات اللّه، فکان عاقبة أمرهم أن أبیدوا بصاعقة سماویة.

ثمّ تستعرض السّورة مقطعاً بارزاً من طغیان القوم وتقول: (إذا انبعث اشقاه).

و«أشقى» ثمود، هو الذی عقر الناقة التی ظهرت باعتبارها معجزة بین القوم، وکان قتلها بمثابة إعلان حرب على النّبی صالح.

ذکر المفسّرون أنّ اسم هذا الشقی «قدار بن سالف».

وروی أنّ رسول اللّه(صلى الله علیه وآله) قال لعلی بن أبی طالب(علیه السلام): من أشقى الأولین؟

قال: عاقر الناقة.

قال: صدقت، فمن أشقى الآخرین؟

قال: قلت لا أعلم یا رسول اللّه.

قال: الذی یضربک على هذه، وأشار إلى یافوخه(2).

فی الآیة التالیة تفاصیل أکثر عن طغیان قوم ثمود:

(فقال لهم رسول اللّه ناقة اللّه وسقیاه).

المقصود من «رسول اللّه» نبیّ قوم ثمود صالح(علیه السلام)، وعبارة «ناقة اللّه» إشارة إلى أنّ هذه الناقة لم تکن عادیة، بل کانت معجزة، تثبت صدق نبوة صالح، ومن خصائصها ـ کما فی الرّوایة المشهورة أنّها خرجت من قلب صخرة فی جبل لتکون حجة على المنکرین.

«الناقة» منصوبة بفعل محذوف، والتقدیر «ذروا ناقة اللّه وسقیاها»، ویستفاد من مواضع اُخرى فی القرآن الکریم أنّ النّبی صالح(علیه السلام) کان قد أخبرهم أنّ ماء القریة یجب تقسیمه بینهم وبین الناقة، یوم لهم ویوم للناقة: (ونبئهم أنّ الماء قسمة بینهم کلّ شرب محتضر)(3).

وحذّرهم من أنّ الإساءة إلى الناقة: (فلا تمسّوها بسوء فیأخذکم عذاب یوم عظیم)(4).

الآیة التالیة تقول: (فکذبوه فعقروه)، و«العقر» ـ على وزن کفر ـ معناه الأساس والأصل والجذر، و«عقر الناقة» قطع أساسها وإهلاکها.

وقیل: «العقر» بتر أسافل أطراف الناقة، ممّا یؤدّی إلى سقوطها وهلاکها.

ویلاحظ أنّ قاتل الناقة شخص واحد أشارت إلیه الآیة بأشقاها، بینما نسب العقر إلى کلّ طغاة قوم ثمود: «فعقروها»، وهذا یعنی أنّ کلّ هؤلاء القوم کانوا مشارکین فی الجریمة، وذلک أوّلاً: لأنّ مثل هذه المؤامرات یخطط لها مجموعة ثمّ ینفذها فرد واحد أو أفراد.

وثانیاً: لأنّ هذه الجریمة تمّت برضا القوم فهم شرکاء فی الجریمة بهذا الرضا، وعن أمیر المؤمنین علی(علیه السلام) قال: «إنّما عقر ناقة ثمود رجل واحد فعمهم اللّه بالعذاب لما عموه بالرضى، فقال سبحانه: (فعقروها فاصبحوا نادمین(5))»(6).

وعقب هذا التکذیب أنزل اللّه علیهم العقاب فلم یترک لهم أثراً: (فدمدم علیهم ربّهم بذنبهم فسواه).

«دمدم» تعنی أهلک، وتأتی أحیاناً بمعنى عذّب وعاقب وأحیاناً بمعنى سحق واستأصل، وبمعنى سخط أو أحاط(7).

و«سوّاها» من التسویة وهی تسویة الأبنیة بالأرض نتیجة صیحة عظیمة وصاعقة وزلزلة، أو بمعنى إنهاء حالة هؤلاء القوم، أو تسویتهم جمیعاً فی العقاب والعذاب، حتى لم یسلم أحد منهم.

ومن الممکن أیضاً الجمع بین هذه المعانی.

الضمیر فی «سوّاها» یعود إلى قبیلة ثمود، وقد یعود إلى مدنهم وقراهم التی سوّاها ربّ العالمین مع الأرض.

وقیل إنّ الضمیر یعود إلى مصدر «دمدم» أی إنّ اللّه سوّى غضبه وسخطه على القوم لیشملهم جمیعاً على حدٍّ سواء، والتّفسیر الأوّل أنسب.

ومن الآیة نستنتج بوضوح أنّ عقاب هؤلاء القوم کان نتیجة لذنوبهم وکان متناسباً مع تلک الذنوب، وهذا عین الحکمة والعدالة.

فی تاریخ الاُمم نرى غالباً بروز حالة الندم فیهم حین یرون آثار العذاب ولجوءهم إلى التوبة، أمّا قوم ثمود، فالغریب أنّهم حین رأوا علامات العذاب طفقوا یبحثون عن نبیّهم صالح لیقتلوه(8). وهذا دلیل على ارتکاسهم فی العصیان والطغیان أمام اللّه ورسوله. لکن اللّه نجّا صالحاً وأهلک قومه شرّ إهلاک.

وتختتم السّورة الحدیث عن هؤلاء القوم بتحذیر قارع لکل الذین یتجهون فی نفس هذه المسیرة المنحرفة فتقول: (ولا یخاف عقباه).

کثیرون من الحکّام قادرون على انزال العقاب لکنّهم یخشون من تبعات عملهم، ویخافون ردود الفعل التی قد تحدث نتیجة فعلهم، ولذلک یکفّون عن المعاقبة. قدرتهم ـ إذن ـ محفوفة بالضعف وعلمهم ممزوج بالجهل. لا یعلمون مدى قدرتهم على مواجهة التبعات. بینما اللّه سبحانه قادر متعال، علمه محیط بکّل الاُمور وعواقبها، وقدرته على مواجهة النتائج لا یشوبها ضعف، فهو سبحانه وتعالى لا یخاف عقباها، ولذلک فإنّ مشیئته فی العقاب نافذة حازمة.

فالطغاة ـ إذن ـ علیهم أن یتنبّهوا ویحذروا غضب اللّه وسخطه ونقمته.

والضمیر فی «عقباها» یعود إلى «الدمدمة» والهلاک.


1. ذکر بعض علماء اللغة أن «الطغوى» مشتقّة من مادة ناقص واوی (طغَوَ) و«الطغیان» من مادة ناقص یائی (طَغَیَ).
2. تفسیر مجمع البیان، ج 10، ص 499، ووردت الرّوایة باختصار فی تفسیر القرطبی، ج 6، ص 7168.
3. القمر، 28.
4. الشعراء، 156.
5. الشعراء، 157.
6. نهج البلاغة، الخطبة 201.
7. مفردات الراغب، ولسان العرب، وتفسیر مجمع البیان، ج 10، ص 499، وتفاسیر اخرى.
8. تفسیر روح البیان، ج 20، ص 446.
سورة الشّمس / الآیة 11 ـ 15 1ـ ملخص حدیث قوم ثمود
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma