ربّ هذا البیت یجب أن یعبد

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 15
سورة قریش / الآیة 1 ـ 4 محتوى السّورة

فی سورة «الفیل» جاء ذکر إبادة أصحاب الفیل الذین جاؤوا لهدم الکعبة وهذه السّورة التی تعتبر امتداداً للسورة السابقة تقول: نحن جعلنا أصحاب الفیل کعصف مأکول: (لإیلاف قریش)(1)، أی لکی تأتلف قریش فی هذه الأرض المقدّسة وتتهیأ بذلک مقدمات ظهور نبیّ الإسلام(صلى الله علیه وآله).

«إیلاف» مصدر آلف، و«آلفه» أی جعله یألف، أی جعله یجتمع اجتماعاً مقروناً بالانسجام والأنس والإلتیام. وقال بعضهم: «الإیلاف» من المؤالفة، وهی العهد والمیثاق، ولا تناسب بین هذا المعنى وبین الکلمة وهی مصدر باب الأفعال، وبین محتوى السّورة.

على کلّ حال، المقصود إیجاد الألفة بین قریش وهذه الأرض المقدّسة وهی مکّة والبیت العتیق، لأنهم وکلّ أهل مکّة إختاروا السکن فی هذه الأرض لمکانتها وأمنها. کثیر من أهل الحجاز کانوا یحجّون البیت کلّ سنة، ویقترن حجّهم بنشاط أدبی واقتصادی فی هذا البلد الأمین.

کلّ ذلک کان یحدث فی ظل الجو الآمن، ولو أنّ هذا الأمن قد انعدم أو أنّ الکعبة قد انهدمت بفعل هجوم أبرهة وأمثاله لما کان لأحد إلفة بهذه الأرض.

کلمة «قریش» فی الأصل نوع من الأحیاء البحریة الضخمة التی تبتلع کلّ ما یصادفها، کما یقول المفسّرون واللغویون، وعن ابن عباس فی معنى قریش قال:

«الدابة تکون فی البحر من أعظم دوابه، یقال لها القریش، لا تمرّ بشیء من الغث والسمین إلاّ أکلته»!(2) واستشهد لذلک بأبیات ممّا قالته العرب.

من هنا فإنّ انتخاب هذا الإسم لهذه القبیلة یعود إلى اقتدار هذه القبیلة وقوتها، وإلى استغلال هذه القوّة فی الانقضاض على الآخرین.

وقیل إنّ قریش من القرَش، وهو الإکتساب، لأنّ قریشاً کانت مشغولة دوماً بالتجارة والکسب.

وقیل: إنّ معنى «القرش» التفتیش والمراجعة، وسمّیت قریش بذلک لتفقدها أحوال الحجاج والمسارعة لمساعدتهم.

و«القرش» فی اللغة ورد بمعنى الإجتماع أیضاً، وإذا کان هذا المعنى مقصوداً فی التسمیة فذلک یعود إلى ما کانت تتصف به هذه القبیلة من اجتماع وانسجام.

على أی حال اسم قریش لم یقترن بسمعة طیبة. فهم وإن کانوا عشیرة الرسول ـ إلاّ أنّهم ناصبوا الإسلام أشدّ العداء، ولم یألوا جهداً فی وضع العراقیل أمام الدعوة والوقوف بوجهها وتعذیب الدعاة، وبعد إنتصار الإسلام علیهم، عمدوا إلى التآمر الخفی على المسلمین، ثمّ بعد وفاة النّبی(صلى الله علیه وآله) خلقوا أحداثاً مؤلمة لا ینساها لهم تاریخ الإسلام أبداً، ونعلم أنّ بنی اُمیة وبنی العباس الذین أقاموا حکومة الجبابرة والطواغیت کانوا من قریش.

القرائن التاریخیة تشیر إلى أنّ هذه القبیلة کانت فی الجاهلیة أیضاً تستثمر النّاس وتستغلهم، ولذلک وجدت فی الإسلام خطراً على مصالحها لدعوته إلى تحریر الإنسان، وشنت علیه حرباً لا هوادة فیها، إلى أن اندحرت أمام قدرة الإسلام.

(إیلافهم رحلة الشتاء والصیف)(3).

مکّة تقع فی واد غیر ذی زرع، والرعی فیها قلیل، لذلک کانت عائدات أهل مکّة غالباً من قوافل التجارة، فی فصل الشتاء یتجهون إلى أرض الیمن فی الجنوب حیث الهواء معتدل، وفی فصل الصیف إلى أرض الشام فی الشمال حیث الجوّ لطیف. والشام والیمن کانا من مراکز التجارة آنئذ، ومکّة والمدینة حلقتا اتصال بینهما.

هذه هی رحلة الشتاء... ورحلة الصیف.

والمقصود بـ «إیلافهم» فی الآیة أعلاه قد یکون جعلهم یألفون الأرض المقدّسة خلال رحلاتهم وینشدّون إلیها لما فیها من أمن، کی لا تغریهم أرض الیمن والشام، فیسکنون فیها ویهجرون مکّة.

وقد یکون المقصود إیجاد الألفة بینهم وبین سائر القبائل طوال مدّة الرحلتین، لأنّ النّاس بدأوا ینظرون إلى قوافل قریش باحترام ویعیرونها أهمیة خاصّة بعد قصّة اندحار جیش أبرهة.

قریش لم تکن طبعاً مستحقة لکل هذا اللطف الإلهی لما کانت تقترفه من آثام، لکن اللّه لطف بهم لما کان مقدّراً للإسلام والنّبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) أن یظهرا من هذه القبیلة وتلک الأرض المقدّسة.

الآیة الاخیرة تقول: إنّ هذه النعم الإلهیّة التی أغدقت على قریش ببرکة الکعبة یجب أن تدفعهم إلى عبادة ربّ البیت لا الأوثان.

(فلیعبدوا ربّ هذا البیت).

(الذی أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)(4)... الذی جعل تجارتهم رائجة مریحة ومربحة، ودفع عنهم الخوف والضرر، کلّ ذلک باندحار جیش أبرهة، وبفضل دعاء إبراهیم الخلیل(علیه السلام) مؤسس الکعبة. لکنّهم لم یقدّروا هذه النعمة، فبدلوا البیت المقدس ببیت للأوثان، وذاقوا فی النهایة وبال أمرهم.

 

اللّهمّ! هب لنا توفیق العبادة والطاعة وشکر النعم وحراسة هذا البیت العظیم.

ربّنا! زد فی عظمة هذا المرکز الإسلامی الکبیر واجعله حلقة اتصال بین المسلمین.

إلهنا! اقطع دابر الأعداء الظالمین القتلة المتلاعبین بمقدرات هذا المرکز الإسلامی الکبیر.

آمین یا ربّ العالمین

نهایة سورة قریش


1.«اللام» فی «لإیلاف» بمعنى العلة، وجار ومجرور متعلق بـ «جعل» فی السّورة السابقة فی آیة (فجعلهم کعصف مأکول) أو أحد الأفعال التی کانت فی السّورة، بینما یرى البعض أن الجار والمجرور یتعلقان بجملة (فلیعبدو) القادمة، لکن هذا الاحتمال لا یتفق مع مضمون الآیات، والمعنى الأوّل أحسن.
2. تفسیر مجمع البیان، ج 10، ص 545.
3. (إیلافهم) بدل من فی الآیة السابقة، و(هم) مفعول أوّل، و(رحلة الشتاء) مفعول ثان، وقیل أنّه ظرف، وقیل منصوب بنزع الخافض، أی إیلافهم من رحلة الشتاء والصیف (یبدو أن المعنى الثّانی والثّالث أنسب).
«رحلة» فی الاصل من «رحل» ـ على زنة شهر ـ بمعنى الغطاء الذی یغطی به ظهر الدابة لرکوبها، ثمّ اطلقت على الإبل أو السفر بواسطته أو بوسائط اُخرى.
4. ذهب بعض المفسرین الى أن هذه الآیة عبارة عن آیتین، فیکون مجموع آیات هذه السورة خمس آیات،: ولکن المعروف أنها آیة واحدة وعدد آیات هذه السورة اربع آیات.
سورة قریش / الآیة 1 ـ 4 محتوى السّورة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma