سبق أن تحدثنا عن الاعرابی الذی جاء الى رسول الله(صلى الله علیه وآله)بقطعة عظم بالیة قائلا:
(منْ یُحیی العِظَامَ وَهِی رَمِیمٌ)؟
فیجیبه الرسول(صلى الله علیه وآله) بأمر من الله:
(قُلْ یُحْییها الّذی أنْشَأهَا أوَّلَ مَرَّة وَهُوَ بِکُلِّ خَلْق عَلِیمٌ * الّذی جَعَلَ لَکُم مِنَ الشَّجَرِ الأخْضَرِ ناراً فَاذا أنْتُم مِنْهُ تُوقِدُونَ)
«کما جاء فی آخر سورة یس».
وفی موضع آخر یقول القرآن:
(وَنُفِخَ فِی الصُّورِ فَإذا هُم مِنَ الأجْداثِ اِلى رَبِّهِم یَنْسِلُونَ)(1)
وکذلک یقول تعالى:
(خُشَّعاً أبْصَارُهُم یَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ کَأنَّهُم جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ).(2)
ونحن نعلم إنَّ الأجداث، وهی القبور، تکون موضع الأجساد التی اصبحت تراباً، ولیست موضع الأرواح.
لقد کان أکثر إنکار منکری المعاد یستند الى عدم قدرتهم على تصور امکان جمع التراب المتناثر فی أرجاء الارض واعادة الحیاة الیه:
(وَقَالُوا ءَإذا ضَلَلْنا فِی الاَرْضِ ءإنَّا لَفِی خَلْق جَدِید).(3)
فیرد علیهم الله قائلا:
(أوَلَمْ یَرَوا کَیْفَ یُبْدِىءُ اللهُ الخَلْقَ ثُمَّ یُعِیْدُهُ إنَّ ذَلِکَ عَلَى اللهِ یَسِیْرٌ).(4)
کان عرب الجاهلیة یقولون:
(أیَعِدُکُم أنَّکُم إذَا مُتُّم وَکُنْتُم تُراباً وَعِظَاماً أنَّکُم مُخْرَجُونَ).(5)
کل هذه الآیات القرآنیة وغیرها تدل دلالة واضحة على أنَّ رسول الاسلام(صلى الله علیه وآله)قد تحدث عن «المعاد الجسمانی» لأنَّ تعجب المشرکین الجاهلین کان منصّباً على هذا الجانب من الموضوع، ولذلک بادر القرآن بایراد نماذج من صور المعاد الجسمانی فی عالم النبات وغیره ممّا یراه الانسان بعینه، کأمثله على الخلق الأول وعلى قدرة الله.
وبناء على ذلک فالانسان إذا کان مسلماً وقارئاً للقرآن، لایمکن أنْ ینکر المعاد الجسمانی، لأنَّ إنکاره، فی نظر القرآن، إنکار للمعاد نفسه.