الدّرس السّابع المعاد وحکمة الخلق

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
دروس فی العقائد الإسلامیة
الدّرس السّادس مشاهدة البعث فى هذا العالمالدّرس الثّامن بقاء الرّوح دلیل على البعث

یتساءل الکثیرون: لماذا خلقنا الله؟

وقد یتجاوزون ذلک أحیاناً لیسألوا: بل ماهی حکمة خلق هذا العالم الکبیر؟

إنَّ البستانی یزرع الشجرة من أجل ثمرها، ویحرث الأرض ویبذر الحب من أجل غلتها، فمن أجل أی شیء خلقنا بستانی الخلیقة؟

أکان هناک ماینقص الله تعالى حتى یستکمله بالخلق؟ إذا کان الأمر کذلک فهو إذن محتاج، ولکن الاحتیاج لایأتلف ومقام الربوبیة .

للاجابة عن هذا السؤال یمکن قول الکثیر، ولکن من الممکن تلخیص ذلک فی بضع جمل واضحات، وهی:

الخطأ الکبیر هو إنا نقارن صفات الله بصفاتنا. فنحن لکوننا کائنات محدودة، نقوم باعمالنا لکی نسد حاجة من حاجاتنا،

 

فندرس مثلا لسد نقصناً من العلم، ونشتغل لسد حاجتنا الى المال، ونفتش عن الطب والعلاج لضمان سلامتنا.

ولکن فیما یتعلق بالله الذی لانهایة له من جمیع الجهات، علینا أنَّ نبحث عن أهداف مایفعله خارج ذاته. فهو لایخلق لمنفعة ولالسد حاجة، بل هدفه من ذلک هو أنْ یفیض بلطفه ووجوده على عباده.

إنَّه شمس مشعة لانهایة لها، تشع بنورها، لالحاجة بها الى ذلک، بل لکی ینعم الجمیع بنور وجودها. إنَّ من مقتضیات ذاته اللامتناهیة الفیاضة أنْ یأخذ بید الکائنات ویتقدم بها على طریق التکامل.

إنَّ خلقنا من العدم یعتبر بذاته خطوة تکاملیة بارزة، کما أنَّ ارسال الرسل وإنزال الکتب السماویة والشرائع والقوانین، إنْ هی إلاّ قواعد لهذا التکامل.

هذه الدّنیا أشبه بجامعة کبیرة، ونحن طلبتها!

إنَّها أشبه بمزرعة أعدت لنا ونحن زارعوها!

إنَّها متجر أولیاء الله!

فکیف یمکن أن نقول أن لیس لهذا الخلق هدف، مع أنَّنا إذا نظرنا حولنا وتفحصنا جمیع اجزاء الموجودات جزءاً جزءاً لوجدنا أنَّ لکل منها هدفا.

ففی أجهزة أجسادنا لن تجد جهازاً بغیر هدف، وحتى الاهداب

 

وتقعر باطن القدم لها اهدافها.

فکیف یمکن أنْ یکون لاجزاء أجسامنا أهداف، ولایکون لمجموع تلک الأجزاء أی هدف؟

وإذا تجاوزنا کیاننا وخرجنا الى العالم الخارجی الکبیر، وجدنا أنَّ لکل جهاز فیه هدفاً، فلسطوع الشمس هدف، ولهطول المطر هدف، ولترکیب الهواء هدف، فهل یمکن أنَّ لایکون للمجموع أی هدف؟

الحقیقة هی إنَّ فی قلب هذا العالم الفسیح لوحة کبیرة تعرض الهدف النهائی الذی لانستطیع رؤیته احیاناً ولإوّل وهلة لعظمته. لقد کتب علیها «التربیة والتکامل».

والآن، بعد أنْ تعرفنا على هدف الخلق على وجه العموم، یدور الکلام على ما إذا کانت هذه الحیاة المعدودة أیامها، وبکل مافیها من مشکلات وحرمان ومصائب، هی هدف الخلق؟

اُفرض أنی عشت فی هذه الدّنیا ستین سنة، وأنِّی أعمل کل یوم من الصباح حتى المساء للحصول على القوت، وأعود الى البیت متعباً منهوکاً، وتکون النتیجة أنِّنی أستهلک بضعة أطنان من الطعام والماء، وأتحمل العناء والتعب لاُشیّد داراً، ثم بعد ذلک أترک کل شیء وأخرج من هذا العالم، فهل ترى هذا الهدف یستحق أنْ یستدعینی الى هذا العالم الملیء بالآلام والشقاء؟

لو أنَّ مهندساً شید عمارة عظیمة وسط الصحراء، وقضى سنوات یطوا فی تکمیلها وتنظیمها وتجهیزها بکل وسائل الراحة، فاذا سئل: ما الغایة من بنائک هذه العمارة؟ قال: کل هدفی هو أنْ یمر بها عابر سبیل ولو مرة ویستریح فیها ساعة أوبعض ساعة!

أفلا یستولی علینا العجب جمیعاً، ونعترض قائلین: إنَّ استراحة ساعة لعابر سبیل لاتستوجب کل هذا العناء والتعب!

لذلک، فإنَّ الذین لایؤمنون بالبعث وبالحیاة بعد الموت، لایرون لهذه الدنیا أی هدف وأنَّها فارغة وعبث. وهذا القول کثیراً ما یصادفنا فی کتابات المادیین ویکررونه الى الحد الذی یقودهم الى الانتحار، نتیجة لاصابتهم بالتعب والملل من حیاة لاهدف لها.

إنَّ مایعطی لهذه الدنیا هدفاً ویجعلها معقولة ومنطقیة هو اعتبارها مرحلة متقدمة لعالم آخر، وأنَّ ما فیها من مشکلات ووضع کل هذه المقدمات إنَّما الهدف منه أن یستفید منه الانسان فی مسیرة حیاة خالدة.

کنا قد ضربنا بهذه المناسبة مثلاً الجنین فی رحم أُمَّه، فلو کان له شیء من العقل والادراک، ویقال له: إنَّ الحیاة التی تقضیها هناک لیس بعدها شیء، لاعترض قائلاً: ما معنى أنْ أکون سجیناً فی هذا المکان وفی هذا المحیط الضیق، أطعم الدم، مطوی الاطراف، مرمیاً فی هذه الزاویة المظلمة، ثم لایکون بعد هذا شیء. ما الذی استهدفه الخالق بهذا الخلق؟

 

أمّا إذا أکّدوا له بأنَّ هذه الأشهر القلیلة لیست سوى مرحلة عابرة یجری فیها إعدادک للخروج الى عالم جدید وحیاة أطول وفی دنیا هی أوسع بکثیر من دنیاک الضیقة هذه، مضیئة ورائعة، وفیها نعم کثیرة، عندئد یقتنع الجنین بأنَّ الدورة التی یقضیها فی رحم أُمّه لیست خالیة من هدف، وهو هدف جلیل یستحق تحمل عناء هذه الفترة العابرة.

یقول القرآن المجید:

(وَلَقَدْ عَلِمْتُم النَّشأةَ الأُولى فَلَولا تَذَکَّرُونَ).(1)

خلاصة القول: إنَّ هذا العالم یصرخ بکل کیانه أن هناک عالماً بعده، وإلاّ لکانت هذه الدنیا لغواً وعبثاً لاطائل وراءه.

استمع الى ما یقوله القرآن فی ذلک:

(أفَحَسِبْتُمْ أنّما خَلَقْنَاکُمْ عَبَثاً وَأنَّکُم إلَیْنَا لا تُرْجَعُونَ)(2)

أی لو لا المعاد ـ الذی یعبر عنه القرآن بالرجوع الى الله لکان خلق الانسان عبثاً.

وعلیه، فإنَّ حکمة الخلق تقول: لابدّ من وجود عالم آخر بعد هذا العام.

فکّر وأجب:

1 ـ لماذا لایمکن مقارنة صفات الله بصفات مخلوقاته؟

2 ـ ما الهدف من خلقنا؟

3 ـ أیمکن أنْ تکون هذه الحیاة الدنیا هی الهدف من خلق الانسان؟

4 ـ ما الذی نتعلمه من المقارنة بین الجنین والحیاة الدنیا؟

5 ـ کیف یستدل القرآن بخلق هذا العالم على وجود عالم آخر؟


(1) سورة الواقعة، الآیة 62.
(2) سورة المؤمنون، الآیة 115.

 

الدّرس السّادس مشاهدة البعث فى هذا العالمالدّرس الثّامن بقاء الرّوح دلیل على البعث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma