من أقسام الدّماغ العجیبة الاُخرى هو الحافظة. هل خطر لکم مدى غرابة قوّة الحافظة العجیبة؟ وهل فکرتم کیف سیکون سوء حالنا لو أنَّنا فقدنا حافظتنا ساعة واحدة؟
مرکز الحافظة، الذی یشکل جزءاً صغیراً من الدّماغ، یحتفظ بجمیع ذکریاتنا و دقائقها طوال حیاة الانسان. کلّ انسان نتعرف علیه تحتفظ حافظتنا له بجمیع خصوصیاته، شکله، لونه، ملابسه، اخلاقه، نفسیته وکل ما ندرکه منه، فتعد له اضبارة خاصّة به. فما أنْ نراه مرّة اُخرى حتى تقوم حافظتنا باستخراج الاضبارة الخاصة به وتلقی علیها نظرة شاملة، و عندئذ یرشدنا فکرنا الى الطریقة التی یجب أن نعامل بها هذا الشّخص وکیف یجب أنْ تکون ردود فعلنا معه؟ فاذا کان صدیقاً احترمناه، واذا کان عدواً تحاشیناه.
وهذه الاُمور تجرى بسرعة مذهلة بحیث إنَّک لاتکاد تحس بمرور أی فترة زمنیة بین رؤیتک الشخص وظهور رد فعلک ازاءه.
إنَّ غرابة هذه الحالة تتضح أکثر إذا أردنا کتابة ما تحفظ به ذاکرتنا على الورق أو أنَّ تسجیله على أشرطة التسجیل، لاشک أنَّنا سنحتاج الى مقدار کبیر من الورق أو الاشرطة قد یملأ مخزناً کبیراً. والأعجب من ذلک هو إنَّنا لاستخراج ورقة أو شریط من بین ذلک الحشد نحتاج الى عدد کبیر من الموظفین الموکّلین بحفظها. غیر أنَّ ذاکرتنا تقوم بکل ذلک بسهولة وبکل سرعة.