إنَّ الادیان الالهیة عند أوّل نزولها على قلوب الانبیاء تکون أشبه بقطرات المطر النقیة الشفافة الزلال التی تمنح الحیاة وتربی الرّوح. ولکنها عندما تدخل المحیط الملوث والادمغة الضعیفة غیر النظیفة تتلوث بالتدریج، وتضاف الیها الخرافات والاوهام، بحیث أنَّها تفقد شفافیتها ولطافتها الاولى، وعندئذ لا یبقى لها شیء من جاذبیتها وتفقد الکثیر من تأثیرها التربوی، فلا هی تروی عطش العطاشى، ولا هی تنبت برعماً لفضیلة.
ههنا تتضح ضرورة وجود القائد المعصوم بصفته أنَّه هو الذی یحمی أصالة الدین، وخلوص المناهج الدینیة، ویحول دون کل اعوجاج وانحراف وفکر وافد ونظرة سقیمة غریبة، وکل الخرافات والاساطیر، اذ لو بقی الدین بدون وجود مثل هذا القائد والحامی لفقد فی فقرة قصیرة أصالته ونقاء.
ولهذا نجد الامام علی(علیه السلام) یقول فی احدى خطبه:
«اللّهم بلى، لاتخلو الارض من قائم لله بحجّة، إمّا ظاهراً مشهوراً، وإمّا خائفاً مغموراً لئلا تبطل حجج الله وبیِّناته».(1)
فی الواقع إنَّ قلب الامام، من هذه الناحیة، أشبه بالخزانة المتینة التی تحفظ فیها الوثائق والمستندات المهمة، لکی تبقى مصونة من أیدی اللصوص والعابثین والحوادث. وهذا وجه آخر من وجوه الحکمة من وجود الامام.